أشعر أحياناً أن الدولة المصرية تعمل بلا رأس من كثرة الذين يتحدثون باسمها، وأستغرب غياب الإعلام الرسمى عن القضايا الرئيسية التى استقبلها العام الجديد، والنظر إليها على أنها تخص أناسا آخرين، لم يقدم التعازى كما ينبغى لأسر «المصريين» الذين قتلوا فى يوم عيدهم بنجع حمادى، على يد «مصريين» يحملون السلاح، ويخططون وينفذون ويهربون، لم يلتقط الإعلام حالة الحزن التى خيمت على الناس (مسلمين وأقباطا) بسبب الحادث وتوقيته، واكتفى بالاستعانة بالوجوه الرسمية نفسها، لكى تتحدث عن الوحدة الوطنية والهلال والصليب وثورة 1919 وأفلام حسن الإمام، يعلم الجميع أن الاحتقان موجود، وأن الفتنة نائمة فى أماكن كثيرة، ومع هذا يؤكد الإعلام أنه لا يوجد احتقان، بدليل أن المحافظ القبطى الوحيد فى مصر، هو محافظ قنا التى وقعت المذبحة على أرضها!، وأصبح معروفا أنه لكى تعرف ما يحدث فى بلدك، عليك أن تبتعد عن تليفزيون الفقى والشيخ، الحادث هو الأول من نوعه «إطلاق النار بشكل عشوائى على مسيحيين»، لا يوجد شخص مستهدف، المطلوب قتل مسيحيين! لأن وزارة التربية والتعليم يضع مناهجها متشددون، ولأن وزارة الإعلام تركت رجال الدين على راحتهم، لكى يفهم المشاهد أن النظام متدين أكثر من المحظورة، ولأن القوميين فى المعارضة تحالفوا مع الإخوان، ولأن الصحف المستقلة تسعى إلى زيادة التوزيع على حساب الجميع، ولأن الصحف القومية غير معنية بالموضوع، ولأن النظام غير مهتم إلا بمستقبله، وبمستقبل مشاريع رجال أعماله، ويبث الأناشيد الحماسية فى الملمات، ما حدث فى نجع حمادى كارثة حقيقية، وأكد للمرة الألف أنه لا يوجد احترام للدولة ولا القانون، الدولة التى أصبحت عاجزة عن حماية مواطنيها.. الذين ذهبوا للاحتفال بعيدهم فى كنيسة.
2
اشترط وزير الإعلام على من يريد بث مباراة مصر والجزائر الأخيرة، أخذها من «تليفزيونه» بالاستوديو التحليلى «والسلاطات وكله»، فرفضت قناة الجزيرة، وأرسلوا وفدا للتفاوض مع أسامة الشيخ، فرفض مقابلته، ثم جاءت بطولة الأمم الأفريقية التى انطلقت أمس الأول فى أنجولا وطلبت قناة الجزيرة عشرة ملايين دولارفى عشر مباريات، ووافق التليفزيون المصرى، وطلب الفقى من مجلس الوزراء دعما مقداره تسعة ملايين، ومجلس الوزراء مشكوراً رفض، وأعلن الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى مؤتمر صحفى «أنه لن يستطيع أحد أن «يلوى» ذراع الدولة» وقال أيضا «لن نفقد الأمل والمفاوضات مستمرة» وأنه قدم شكاوى ضد الشروط المجحفة التى فرضتها قناة الجزيرة للفيفا والاتحاد الأفريقى (الكاف) واتحاد الإذاعات العربية، ولا أستبعد إرساله فاكسات للمسئولين على جميع المستويات!
فى البداية أنا لست معجباً بالروح التى تجلس خلف قناة الجزيرة، لأنها روح متربصة وكارهة، ولا تتمنى الخير لمصر، وتتصيد ما يسىء لها، ومع هذا نشاهدها، لأنها رغم كل شىء هى الأفضل، ولم ننجح حتى الآن فى اختراع بديل لها، والأزمة الأخيرة، والتى لن تكون الأخيرةـ المسئول عنها أسامة الشيخ، الذى رفض التفاوض من قبل، ولم ينظر إلى البطولة الأفريقية التى انتقلت حقوقها للقناة المغيرة، وبعد أن تم «تشقيط» المشاهد المصرى بين الشيخ صالح والشيخ الجزيرة، ولا أدرى حتى الآن ماهو إنجاز الشيخ المصرى فى الإعلام، هو فشل فى معالجة أحداث غزة العام الماضى، ولم يقنع الرأى العام العربى والمصرى بموقف مصر الصحيح، وفشل فى إدارة أزمة مباراة مصر والجزائر، واستعان بالرياضيين المتقاعدين وبعض نجوم التمثيل لتضليل الناس، ولم يبرر حاجة مصر إلى تأمين حدودها الشرقية بالشكل الكافى فى الأسابيع الماضية، وأخير منح القطريين الفرصة «لسم بدن» المصريين، المتعطشين لمشاهدة بطولة يعلقون عليها آمالا كثيرة، ومع هذا تتم ترقيته ومنحه سلطات إضافية «بمناسبة إيه.. مش عارف» والغريب أنه لا يوجد أحد ينتقده، ربما لأن معظم قادة الرأى من الإعلاميين «اشتغلوا» معه وعارضوا معه، أيام كان مسئولا عن قنوات المشايخ، قبل أن ينتقل إلى التليفزيون المصرى.. الذى ولد عملاقاً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة