«يا عايش تدور ع المعايش، وناسى إنك وسط الناس، هتعمل إيه بعد ما تفوت سنينك وتطلع ع المعاش، ده الدنيا أهل وناس ومودة وحب وإحساس، مش بس أشغال وأموال وأعمال وجرى وخلاص»، هذه الكلمات صدرت بها الدكتورة هبة ياسين كتابها «لا تكره نفسك».
لم يدر بخلد هبة أنها بعد دراستها للصيدلة ستتجه إلى الكتابة فى مجال التنمية البشرية، لكن الفضل فى هذا يعود لجدها لأمها الأستاذ بكلية الزراعة والذى كان يجلسها بجواره ويقول لها: «متخليش الأحداث تمر عليك من غير ما تفكرى فيها»، تقول هبة: جدى أثّر فيا جداً، لدرجة أنى بشوفه فى أحلامى وكأنه عايش وبافضل أكلمه وأطمن عليه.
وعن بداية اتجاهها لمجال التنمية البشرية تقول هبة: عندما تخرجت فى كلية الصيدلة لقيت نفسى جداً فى التنمية البشرية، درستها ولكن كنت أشعر أننى لابد أن أضيف جديداً، فرصدت أغلب المشكلات الاجتماعية الشائعة والمؤلمة مثل الفشل فى العمل، والتحرش الجنسى بالأطفال، والطلاق، وإنجاب طفل معاق، إلخ، واخترت أصعبها وأكثرها ظلامية، حتى أقول للناس متخافوش ممكن نعديها ونطلع منها، وأن نعتبر أن أى كارثة أو مصيبة نمر بها هى رسالة من الله لكى نفهم ونتعلم ونكبر ونقدم رسالة جيدة للمجتمع، فالمحن هى أكبر معلم، ولكن لا يدرك ذلك إلا صاحب التفكير الإيجابى، وأعتقد أن تدريب الناس على هذا التفكير هو من أفضل مهام التنمية البشرية كعلم، وحاولت أقوم بهذا من خلال كتاب تنمية بشرية مختلف، فلا أسدى نصائح فى شكل مباشر وصريح، وإنما فى شكل قصصى أدبى، فكل فصل فى كتابى «لا تكره نفسك» يتحدث عن ( أزمة) اجتماعية أو نفسية يمر بها معظم الناس فى بلدنا تقريباً فى شكل حدوتة لأنى مقتنعة أن هذا الشكل جاذب ومعلم، وهذه الحواديت حقيقية وليست من نسج خيالى، وربما يجد القارئ أن معظمها عن المرأة وليس وراء ذلك سبب معين سوى أننى أتلقى استشارات أكثر من النساء وهذا مرتبط بطبيعة المرأة، ومن ناحية أخرى لأننى أردت أن أوصل رسالة منقذة لأى امرأة تتعرض لمثل هذه المشكلات وأقول لها، أنت لست قطعة شطرنج، ومن العيب أن تتركى نفسك ضحية على طول الخط.
كانت لهبة قبل أن تصبح خبيرة تنمية بشرية عادة لطيفة استفادت منها فى كتابها، تقول: «كان عندى أجندة صغيرة أدون بها كل حكمة ومقولة مؤثرة وبالتالى عندما كتبت «لا تكره نفسك» فكرت أن أذيل كل فصل بحكمة تكون بمثابة تلخيص للفصل، وأعتقد أن هذا كان مفيداً، وأنا فى ذلك أحاول أن أستغل كل شىء تعلمته حتى لا يبقى الناس عالقين فى مشاكلهم، ومعطلين، كما حرصت على استخدام لغة بسيطة لأنى أستهدف كل الأعمار والشرائح، وهدفى من ذلك أن تصبح القراءة شيئا ممتعا لمن لا يحب القراءة وأن تصبح من أجل إصلاح الحياة وتحسينها، فأنا أحزن كثيرا عندما تتخذ التنمية البشرية «سبوبة» فتصبح علما بلا تأثير. كما أننى كتبت من فترة ليست بعيدة كتابا باسم «كيف أتصرف وحدى» وهو تنمية بشرية للصغار من سن 5 إلى 8 سنوات، لأنى أحببت أن أقدم شيئا عمليا لهذه الفئة ووجدت أن أكبر مشكلة تواجههم هى أن يكونوا بمفردهم ولا يعرفون كيف يتصرفون».
ترى د.هبة ياسين أن كراهية النفس من أكثر المشاعر تدميراً للإنسان مقارنة بالأنانية، ولذا جعلتها موضوع كتابها، تقول: «ممكن تكون الأنانية مشكلة بالفعل، ولكننى أرى أن معظم مشاكل الناس تنتج عن كرههم لأنفسهم، وهناك الكثيرون يحملون هذه المشاعر السلبية ويعتقدون أنهم لا يستحقون العيش ولا النجاح وتراهم يرددون أهى عيشة والسلام، وهذا الهاجس موجود بشكل مقلق لدى كثير من الشباب نتيجة الظروف الضاغطة، وأرى أن من يعيش حياته (أى كلام) هو شخص يكره نفسه، وكذلك أى بنت ترضى أن تكون رخيصة هى تكره نفسها، والأم التى نراها دائمة الغضب مع أولادها هى أم زعلانة من نفسها ولا تحبها، كل هؤلاء يجب أن يستيقظوا ويحبوا أنفسهم ويتخطوا أزماتهم، لأن الحياة لا تخلو من الأزمات ولابد ألا تخلو أيضا من المقاومة، والنجاح، والتصالح مع الذات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة