آآآآآآآه … أخيرا... وصلت إلى بيتى… لم أصدق أننى انتهيت من يوم كئيب وطويــــــــــــــــــــــــل من العمل.... رميت كل متعلقاتى على المكتب... ووراءها جسدى على جزيرة القطن... استلقيت عليها كالموتى.… آآآآآآآه..... أشتهى الآن إلى الطعام.... اللحم... الدجاج المشوى... الفاكهة... إنها تداعب معدتى...
حتى تحضر لى أمى الطعام فتحتُ الحاسب الآلى الخاص بى، وأثناء مشاهدتى لمسرحية "مدرسة المشاغبين" ظهر لى عادل إمام يقول: "واحنا قاعدين... أستاذ جالاوى جه بقافلته... واحنا قاعدين، جه من أوروبا ومر بتركيا وسوريا... واحنا قاعدين، ودخل مصر... واحنا قاعدين، دخل غزة وقدم ليها مساعدات... واحنا قاعدين".
تماديت فى الضحك...... ضحكت وضحكت وضحكت... حتى بكيت... أجهشت من البكاء... دخلت أمى بالعشاء... كفكفت دموعى بسرعة.... وكأن أمرا لم يكن.... رأت بحنيتها آثار الدمع فى عيني... وضعت أمامى الطعام.... تنهدت.... وجلست بجوارى... "طبطبت عليّ"... وضمتنى إلى صدرها الحنون.... وسقطت دمعة من عينى لم أستطع حبسها.... وقالت: "مالك يا بنى... احكيلى همك... قلى إيه اللى جرالك"، قلت: "لا..... لا... أناااااااا أناااااااا... كنت بعيط من كتر الضحك".... خرجت أمى مشفقة على..... ترثى لحالى..... أغلقتُ الباب.... وتماديت فى البكاء........
لم تطق نفسى تناول الطعام.... حملتنى قدماى المثقلة بالهموم إلى سريرى.... أغلقتُ النور.... فأظل الليل بالسواد... تلحفت باللحاف... حلت بى رعشة هزت جميع أوصالى.... آآآه.... تأوه فى صمت.... آآه... اكتم أنفاسك..... آه.... قلبى..... قلبى..... قلبى.... آه... آه.......
عادت أمى مرة أخرى لتأخذ الطعام فوجدته كما هو... وقالت: "أنت ما أكلتش ليه يا عمرو... أنا حسه أن عمرو ابنى جراله حاجة... يا ابنى احكيلى وريح قلب امك"... أصابتنى الحيرة... "أرد ولا ماردش.... أرد ولا ماردش".... قلت فى نفسى وأنا أتأوه: "أنا هعمل نفسى نايم ومش واخد بالى... أصل مش فارقة كتير!!!!!
رحت فى النوم... فجأة... رنننننننننننننننننننن هاتفى الأحمق.... نظرت إليه من ثقب تحت اللحاف مغمضا إحدى العينين.... وصلتك رسالة.... مددت يدِى من ثقب آخر لأقرأها:
إذا مات الإحساس... ورحل الوفاء... ولم يعد هناك وزن للمشاعر السامية.... فلنجتمع جميعا تحت جنح الظلام... تحت رخات المطر.... وتتلاقى أكفنا.... وتتوحد حناجرنا... لنصرخ بأعلى صوت....
العنب..... العنب...... العنب....
عمرو عبد الرحمن يكتب.. أستاذ جالاوى دخل غزة... واحنا قاعدين
الجمعة، 15 يناير 2010 02:24 م