لم يكن ما تعرضت له بعثة المنتخب التوجولى من إطلاق نارى فور دخولها الحدود الأنجولية سوى تعبير عن الحالة الأمنية، والمشاكل العديدة التى تنتظر المنتخبات الستة عشر المشاركة فى بطولة كأس الأمم الأفريقية 2010 والتى انطلقت الأحد الماضى.
فما لا يعرفه الكثيرون أن البلد المستضيف لهذا المعترك الأفريقى الكبير يعج بالكثير من الصعوبات والمعوقات التى تحول دون خروج هذا العرس الكروى الذى ترصده عيون دول العالم بأسره فى أبهى صورة..
فالبنية الأساسية لدولة انجولا وتحديداً البنية الأساسية الرياضية تكاد تكون ضعيفة للغاية نظراً للحروب التى شهدتها أنجولا على مدار ثلاثة عقود فى الفترة من 1960 حتى 1991 سواء ضد المستعمر البرتغالى أو حروب أهلية محلية، وهو ما جعلها غير قادرة على تجهيز أكثر من 4 ملاعب فقط تقام عليها منافسات البطولة بعد تهديدات الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «الكاف» بسحب تنظيم البطولة منها ونقلها لجنوب أفريقيا، وبلا شك فأربعة ملاعب فقط هى «سيداد اينيفارستياريا، وشيما نديلا، والسيد داجراشا، وألتو دا شيلا» لا تكفى لاستضافة مباريات وتدريبات المنتخبات الستة عشر المشاركة فى هذا المحفل الكروى الكبير، وهم ما سيجبر هذه المنتخبات على التدريب فى حدائق فنادق الإقامة، علما بأن أنجولا لا تملك سوى ثلاثة فنادق فقط كبيرة «5 نجوم» أما باقى الفنادق فهى متوسطة المستوى ولا ترقى لاستضافة البطولة.
أما أخطر ما سيهدد هذه المنتخبات فهو الأمراض المتوطنة فى أنجولا وعلى رأسها مرض الكوليرا الذى انتشر بصورة مروعة عام 2006، ما أدى إلى اصابة 53500 ألف شخص، ووفاة ثلاثة آلاف وهو ما وصفته منظمة الصحة العالمية حينئذ بأسوأ وباء أصاب أنجولا، وأرجعت السبب فى تفشى المرض إلى مياه الشرب الملوثة الحاملة للمرض فى كل أنحاء البلاد، هذا إلى جانب العديد من الأمراض المتوطنة الأخرى مثل الملاريا الصفراء والتيفويد وداء الكلب والسل، كما تنتشر هناك ذبابة التسى تسى، نظراً لكثرة الغابات والحشائش، مما جعلها أكثر الدول التى يموت فيها الأطفال.
هذا بالإضافة إلى أن الناحية الأمنية فى أنجولا غير مستقرة فى ظل الاضطراب الأمنى الشديد الذى تعانيه العديد من المدن الأنجولية وعلى رأسها مدينة «كابيندا» التى تستضيف مباريات المجموعة الثانية على ستاد «شيمانديلا» والتى تضم منتخبات كوت ديفوار وغانا وتوجو وبوركينا فاسو، حيث تشهد هذه المدينة كثيراً من الحوادث المروعة من وقت لآخر كان آخرها الشهر الماضى عندما تم اختطاف طفل صينى ومقتل العشرات من أفراد القوات المسلحة الأنجولية على يد منظمة «تحرير كابيندا» التى قامت بعملية إرهابية على خلفية الصراع التاريخى والسياسى للمدينة، حيث كانت تقودها مجموعة من العصابات المسلحة بهدف الاستقلال عن الحكومة الأنجولية.
الجدير بالذكر أن المنتخب الجزائرى الذى يقع فى المجموعة الأولى إذا تأهل للدور الثانى فى البطولة كثانى مجموعته سيواجه متصدر المجموعة الثانية فى كابيندا ما قد يعرضه لأزمات أمنية بحكم الانفلات الأمنى فى المدينة.
كما يعتبر المناخ فى أنجولا فى هذا التوقيت أزمة فى حد ذاته، فبحكم موقع أنجولا فى جنوب غرب القارة السمراء، فمناخها ينقسم لموسمين الأول بارد جاف من مايو إلى أكتوبر من العام، والموسم الآخر عاصف غزير المطر ويمتد من أكتوبر إلى أبريل ما يؤكد هطول الأمطار بغزارة فى شهر يناير الذى ستقام فيه البطولة.
أما آخر المشكلات فهى التى كشف عنها السفير المصرى بأنجولا مؤخرا عندما أكد أن المواصلات هناك سيئة للغاية وتفتقر المدن الأنجولية لوسائل النقل الحديثة، وهو ما سيعرض اللاعبين ومن قبلهم الجماهير التى ستزحف خلف فرق بلادها لمصاعب عديدة فى التنقل داخل البلاد، هذا إلى جانب أيضا أن كرة القدم ليست اللعبة الشعبية الأولى فى أنجولا حيث تأتى الساحرة المستديرة فى المرتبة الثانية بعد لعبة كرة السلة، وهو ما يهدد بالعزوف الجماهيرى عن أغلب المباريات، خاصة إذا خرجت أنجولا من الأدوار الأولى.
عصابات «كابيندا» والأمراض المتوطنة ومياه الشرب.. أبرز مشكلات أمم أنجولا
الجمعة، 15 يناير 2010 02:32 ص
أحمد حسن مع سمير زاهر