◄◄من على الفيس بوك تنطلق الشائعات التى تشغل الرأى العام ويبتز الرجال النساء بصورهن ويحرج الموظف مديره فى الشغل ويتحول كل مؤسس جروب إلى مناضل سياسى
إنهم لا يملون أبداً من الكلام عن الدولة القوية.. دولة المؤسسات، والدستور، والخطط الخمسية والخمسينية والاستراتيجيات طويلة الأمد وقصيرة الأجل، والاقتصاد الذى لا تهزه رياح الأزمة المالية العالمية أو عواصف كارثة دبى العربية، ولا يتعبون من الحديث عن الدور الإقليمى الذى لا يتأثر بتحركات السعودية والألعاب القطرية والتدخلات الأمريكية، والوضع الداخلى المستقر دائما مهما هبت رياح الفتن الطائفية والوقفات الاحتجاجية.
هم.. أى السادة المسئولون ورجال الدولة والتابعون لهم فى الإعلام والجامعات والشوارع لا يملون أبداً من العزف على تلك النغمة رغم نشازها ودلائل إثباتها الضعيفة، هم لا يملون أبداً من ترديد حكايات الدولة صاحبة المؤسسات القوية، رغم أن مشروعات قومية ننفق عليها الملايين تتوقف بسبب مزاج وزير أو تداخل اختصاصات عدة وزارات مع بعض، أو ختم النسر الذى تركه الموظف فى المكتب ورحل قبل ميعاد الانصراف، هم لا يملون من التباهى بالخطط والبرامج التى يعرضونها فى كل مؤتمر ولا نرى لها أى أثر حينما تصاب البلد بشلل مرورى حاد بسبب «توك توك» عطلان، هم لا يملون من التأكيد على أن اقتصادنا بخير وزى الفل ولا يتأثر بأى أزمة، رغم أنهم يفشلون كل سنة فى إطفاء نار الأسعار أو حصر أعداد البطالة والفقر والناس اللى بتنام من غير عشاء، هم لا يملون من الكلام عن الاستقرار الداخلى وسيطرة الحزب الوطنى وقوة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الحاكم، رغم أن أكثر من حادث وأكثر من موقف شهد غرقان الدولة فى شبر مية ويمكن أن تكون أحداث مباراة مصر والجزائر فى الخرطوم خير دليل على ذلك، بل وربما يكون «الفيس بوك» هذا الموقع الإلكترونى الذى يبلغ من العمر عاما زمنيا واحدا شاهدا أفضل على حقيقة دولة المؤسسات والخطط والبرامج، التى يسودها الارتباك وتسقط فى حسبة برما لمجرد أن أحد الشباب قرر أن يشغل باله بإنشاء جروب على الفيس بوك يهاجم فيه النظام، أو يكشف من خلاله فساد مصلحة حكومية، أو يقترح اسم مرشح جديد لرئاسة الجمهورية.
حدث هذا أكثر من مرة وفى أكثر من مجال.. يدخل أحدهم إلى موقع الفيس بوك ويقرر أن يفرغ حمولة غضبه فى إنشاء جروب سياسى يتحول مع مرور الوقت إلى مصب لغضب الشباب المصرى ويصل تعداد المشاركين فيه إلى عشرات الآلاف، فترتبك الدولة وتتضارب تصريحات مسئوليها بين أن ما يحدث لعب عيال، وبين قرارات اعتقال أو تحركات على مستوى عال داخل الحزب الوطنى تأمر شبابه بإنشاء جروبات مضادة لمهاجمة المعارضة ونصرة النظام، بل قد يتعدى الأمر حدود الطبيعى مثلما حدث فى حالة 6 أبريل الشهير الذى افتتحته إسراء عبد الفتاح بغضب تلقائى وظلت مع مرور الأيام تندهش مع من يندهشون بسبب تخطى عدد الأعضاء حاجز السبعين ألفا وأكثر، حتى فوجئت بأن الإضراب تحول إلى حقيقة فى الشارع أربكت أجهزة الأمن وأسقطت الدولة فى شبر مية لدرجة أن قرارات اعتقال المشاركين فى الجروب كانت تصدر بسرعة الصوت مثلما حدث ونظرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بمدينة طنطا، «إضراب 6 أبريل» المعروفة إعلاميا باسم قضية «إضراب الفيس بوك» والتى كان متهما فيها أكثر من 52 شابا، بخلاف قرارات أخرى لنشر سيارات الأمن المركزى وقوات الأمن فى الشوراع.. وفجأة وجدت الدولة نفسها تحت رحمة موقع إلكترونى افتراضى، تنشر قواتها على أساس بياناته، وتعيد تعبئة أجهزتها الإعلامية لمواجهته، وتغير خطابها وطريقة تعاملها مع وسائل العصر بناء على ما حدث على موقع الفيس بوك.. الذى تحول إلى شبح يقلق النظام ويشغله.
من يومها.. يوم 6أبريل 2007 ومصر الدولة والمجتمع تتراجع تدريجيا أمام هجمات الفيس بوك حتى أصبحت تحت رحمته الآن، يمكنك أن تلاحظ ذلك حينما تعرف أن مصر هى الأولى فى الشرق الأوسط استخداماً للفيس بوك، بمليون ونصف مليون مشارك وأكثر، أو حينما تتصفح جرائد الصباح وتفاجئك التقارير المنتشرة فى كل صفحة معتمدة على الفيس بوك كمصدر رئيسى لمحتواها، أو حينما تطالع برامج التوك الشو اليومية وتندهش لنوعية ضيوفها التى يكون أغلبها عبارة عن مؤسسين لجروبات سياسية واجتماعية على الفيس بوك، أو أحد المحللين القادمين من الغرف المكتبية ليحلل ظاهرة الموقع الإلكترونى الذى أصبح الأكثر شهرة فى مصر والعالم ككل، ويمكنك أيضاً أن تلاحظ هذه السيطرة حينما تتابع الوقفات الاحتجاجية المختلفة وتعرف أن أصلها يعود إلى جروب تم تأسيسه على الفيس بوك، وتنظيمها الأولى وتحديد موعدها ومكانها والدعوة إليها تمت من على الفيس بوك، ويمكنك أن تتأكد تماما من أن مصر الدولة أصبحت تحت رحمة الفيس بوك حينما تتابع هرولة وحماس الحزب الوطنى المنقطع النظير فى تعبئة جيوش إلكترونية لمواجهة المد المعارض على الموقع الأزرق الفيس بوك، لدرجة أن جمال مبارك بنفسه خضع للفيس بوك واستجاب لندائه وعقد ندوة مباشرة مع الشباب تم تنظيمها وعرضها على الفيس بوك، هذا طبعا بخلاف مئات الأبحاث وعشرات الدراسات والندوات التى كان محورها الرئيسى هو مناقشة الآثار السياسية والاجتماعية لموقع الفيس بوك.
الفيس بوك يفرض علينا ما نعيشه الآن، يستغل عشوائية الأجندة السياسية والإعلامية لنظام الرئيس مبارك ويعيد ترتيبها على مزاج رواده وعبثية أفكارهم، راجع جيداً مجموعة الأشياء التى شغلت مصر فى الفترة الأخيرة وسوف تستوعب ما أقول، انظر كيف تحولت حدوتة ترشيح الدكتور محمد البرادعى إلى الحدوتة الرئيسية التى يحكى فيها الإعلام ويناقشها السياسيون وتكتب فيها الصحف الأجنبية، ويتحرك على أساسها نظام الرئيس مبارك، انظر كيف تحول هذا الاقتراح الذى خرج من داخل إحدى الجروبات التى تملأ الفيس بوك إلى القضية السياسية الرئيسية فى مصر وستعرف كيف أصبحت بلدنا تحت رحمة الموقع الأزرق الذى بدأ اجتماعيا ووسيلة للتعارف وطريقا للباحثين عن عودة العلاقات القديمة إلى حزب سياسى كبير على رغم فرضيته قوى، وعلى رغم عبثه قادر على أن يقود الأشياء فى مصر إلى حيث يشاء مؤسسو جروباته.
كل القصص السياسية التى نخوض فى تفاصيلها الآن وتتفاعل معها الدولة والصحف والفضائيات قادمة من على الفيس بوك مثل ترشيح الدكتور محمد البرادعى الذى قلنا أنها بدأت من جروب على الفيس بوك وشغلت الرأى العام وفرضت على الصحف الخاصة والمعارضة أن تؤيد الرجل وتعتبره مرشحها بعد فترة طويلة قضتها الأحزاب والحركات السياسية تبحث فيها عن مرشح لائق، وفى النهاية انتصر الفيس بوك وفرض أجندته، وجعل البرادعى هو مرشح المعارضة الرئيسى دون أن يختاروه، وأجبر الصحف الحكومية على مهاجمة البرادعى، ودفع الحزب الوطنى لمعاودة نشاطه الحماسى على الفيس بوك بجروبات كلها تمدح فى الرئيس أو ترشح نجله، وبعد البرادعى فرض الفيس بوك على الأوساط أسماء أخرى مثل الدكتور عمرو موسى الذى يحظى بعدد كبير من جروبات التأييد على الموقع الإلكترونى دفعت الصحف للجرى خلف عمرو موسى بهدف الحصول على تصريح ينفى أو يؤكد من خلاله حقيقة الترشيح، ثم أدخلنا الفيس بوك فى نفق آخر حينما أنشأ أحدهم جروبا يطلب ترشيح الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية لرئاسة الجمهورية، فظهرت مجموعات مؤيدة وبدأ الحديث فى مصر عن الدولة الدينية ومدى ترحيب الشعب بها، خاصة أن جروبات أخرى طرحت اسم عمرو خالد.. وهى الأسماء التى بدأ الإعلام فى اصطيادها وتحليلها وتشريحها والتعامل معها على أنها بالفعل مرشحة للرئاسة.
وبعد اقتراح الدكتور محمد البرادعى بضرورة تعديل الدستور فرض الفيس بوك على مصر حدثا غير عادى بدأ منذ أيام يتحول إلى فعل على أرض الواقع وهو جمع توكيلات لتفويض الدكتور البرادعى لتعديل الدستور، وهى الفكرة التى بدأت من داخل جروب على الفيس بوك، وهو الجروب الذى حمل اسم »عايز حقى« وطالب أعضاؤه الشعب المصرى باستخراج توكيلات من الشهر العقارى باسم د. محمد البرادعى لتفويضه بتعديل الدستور على أساس أن جمع توكيلات من 51% من الشعب المصرى لتفويضه بتعديل الدستور المصرى، كما قام سعد زغلول سابقا، يتيح للدكتور البرادعى حق التصرف.
الأمر لم يتوقف عند حد الترشيحات الرئاسية، فالموقع الأزرق استكمل وضع مصر تحت رحمته حينما أخضع بقية الأحداث لرغبة وأهواء المجموعات التى يتم تأسيسها عليه، فالمجموعات الموجودة على الفيس بوك تنقسم إلى عدة أنواع.. الأول سياسية والنموذج الأمثل لها يبقى مجسدا فى مجموعة 6 أبريل التى نظمت الإضراب الشهير وفرضت نفسها على الساحة السياسية حتى أن الدولة نفسها بدأت تتعامل معها كتيار سياسى، والمثقفون يرونها حزبا سياسيا جديدا لا يمانعون أبدا فى المشاركة فى احتفالاته وفاعلياته، وعلى نفس المنوال السياسى توجد مجموعات الترشيحات الرئاسية، والمجموعات المناهضة للرئيس وللتوريث، أو مجموعات الحزب الوطنى المؤيدة لجمال مبارك ويغلب على تلك المجموعات طابع المناقشات السياسية الحامية، والخلافات الأيديولوجية والحزبية.
أما النوع الثانى فهو سياسى ذو ميول اجتماعية مثل مجموعة رفض حكم «عبّارة الموت» والتى أنشاها عدد كبير من الشباب اعتراضاً على عدم محاسبة صاحب العبارة الهارب ممدوح إسماعيل، ومثلها المجموعات الخاصة بحادث قطار العياط، وغرق شباب الهجرة غير الشرعية، وعبارة نيل رشيد وباقى المجموعات الخاصة بقضايا الفساد، وينتمى إلى هذا النوع بعض الجروبات التى تم إنشاؤها لمناهضة قوانين معينة أو شرحها وتبسيطها للناس مثلما حدث مع قانون المرور الجديد وقانون الضريبة العقارية، وهى الجروبات التى تحول مؤسسوها إلى ضيوف على أغلب برامج التوك شو، باعتبارهم فاعلين فى الأحداث، وقادرين على التأثير فى الناس.
أما الشكل الثالث لمجموعات الفيس بوك فهو الشكل النوعى الذى يتعلق أغلبه بعدد من الظواهر الغريبة والطريفة أو السخيفة التى تسيطر على المجتمع المصرى وبعض هذه المجموعات على رغم خفتها نجحت فى أن تفرض نفسها على الأحداث ويتحول بعضها إلى حملات قومية تنادى بعض الجمعيات الأهلية بتنفيذها مثل المجموعات الخاصة بمقاومة التحرش، أو الجروبات الخاصة بالعوانس والمطلقات أو جروب «لا للعنصرية ضد المحجبات»، أو تلك التى كانت تهدف إلى منع استخدام كلمة مزة وتجريم توجيهها إلى البنات.
الفن بأنواعه سينما وتليفزيون وغناء ونجوم سقط تحت رحمة الفيس بوك بدرجة كبيرة بسبب حالة الخوف التى تنتاب النجوم من الهجوم، وأصبح طبيعيا أن تجد معركة دائمة بين الجروبات التى تؤيد الفنان فلان وبين صفحات معجبى الفنان العلانى، ولعل أشهر تلك المعارك التى بدأت على الفيس بوك وفرضت نفسها على الساحة الفنية هى معركة عمرو دياب وتامر حسنى، بخلاف الأفلام التى يعانى نجومها من دعوات مقاطعتها التى تنتشر على الفيس بوك وكان آخرها فيلم «بالألوان الطبيعية» الذى أسس طلاب كلية الفنون جروب يدعو لمقاطعته ويشكك فى مصداقيته، وفرض على المجتمع إعادة النظر للفيلم، لدرجة أن البعض بدأ يؤكد أن صناع السيما بدأوا فى استخدام الفيس بوك للبحث عن الشهرة عن طريق إنشاء جروب مثير، وتحول الفيس بوك إلى سلاح يفرض على الساحة الفنية ما تعيشه عبر جروب واحد يكشف فضيحة للفنان الفلانى أو خناقة بين الممثلة الفلانية والمطربة العلانية، أو شائعة زواج أو طلاق، ينشرها جروب الفيس بوك من هنا وتتحول إلى حديث الصباح والمساء فى الوسط الفنى والمجلات والبرامج الفنية.
حتى ظهور العذراء «ستنا مريم» فرض الفيس بوك أجندته عليه، بعد أن فتح صفحاته لمحبى العراك والتشكيك، وبدلا من مناقشة الموضوع بشكله الدينى الشعبى، فرض الفيس بوك نوعا آخر من المناقشة يتعلق بلعبة التبشير والتنصير والتشكيك فى الأديان عبر فيديوهات تحلل بالصوت والصورة حقيقة ظهور العذراء وطبيعة التجمعات الشعبية التى تذهب لمشاهدتها، لينتصر الفيس بوك فى النهاية بفرض تصوره لمسألة الظهور على كافة الآراء العاقلة التى تناولت الموضوع.
توغل وانتشار الفيس بوك لم يتوقف عن الحدود السياسية فلقد أصبح وسيلة تهديد وابتزاز أيضاً، يقع تحت رحمتها الكثير من أبناء الشعب، فقد شهدت الفترة الأخيرة الكثير من البلاغات والشكاوى الخاصة بنشر صور فتيات والتشهير بهن على الفيس بوك، إما بالكلام أو بتركيب الصور أو ببث مقاطع فيديو غير لائقة نسبيا، صحيح أن إدارة الموقع تحذف ما يتم التبليغ عنه ويثبت خروجه عن الإطار الأخلاقى، ولكن مئات الفتيات والسيدات تعرضن لعمليات تشهير وابتزاز عن طريق نشر صورهن أو حكايتهن على الفيس بوك، ومثلما أصبح «السى دى» أداة تهديد فى مصر فى الفترة الأخيرة، أصبح الموقع الأزرق كذلك أيضاً، وأصبحت جملة «هشتمك فى جروب على الفيس بوك» واحدة من علامات التهديد الصريحة فى هذا الزمن، فنحن الآن نشاهد صفحات وجروبات تنتقد مديرى شركات وأصحاب أعمال لمجرد أن الموظف العامل لديهم شعر بحالة من الغضب أو بقليل من الظلم، أو أن أحدهم شعر بالغضب بسبب ترك حبيبته له فقرر الانتقام منها عبر صفحات الموقع الأزرق، عشرات وعشرات من هذه القصص التى حولت الفيس بوك من أداة تصفح اجتماعية إلى سلاح ابتزاز رخيص يقع تحت رحمته الكثيرون.
عموما لا يمكن لعاقل أن ينكر فضل هذا الموقع الإلكترونى على الحياة السياسية المصرية خصوصا فى الفترة الأخيرة، لأنه ببساطة كان الحجر الثقيل الذى قذفت به الشبكة العنكبوتية فى مياه الحياة السياسية الراكدة، منحها الكثير من الحيوية والنشاط بقدر مازرع فيها الكثير من العبثية والعشوائية، ربما يكون للفيس بوك فضل كبير فى تفريغ طاقات الكثير من الشباب الذين طالما حلموا بعمل سياسى قوى عبر أحزاب أو مؤسسات تتيح لهم ذلك، ولم يجدوا سوى أحزاب ورقية وحركات سياسية تموت قبل أن تحبو، فجاء الفيس بوك ليمنحهم حرية الكلام والانتقاد دون خوف ولكن أغلبهم للأسف لم يستوعب دروس الفيس بوك جيداً وتعامل مع ذلك الوسيط الجديد وكأنه قعدة تسالى بشوية لب، فخسر الفيس بوك الذى بدأ نشاطه السياسى فى مصر قويا الكثير من رونقه على أيدى هذه المجموعة التى تستسهل أن تلقى بأى شىء وكل شىء على صفحات الفيس بوك دون مراعاة لأى قواعد سياسية أو اجتماعية، فخسر المصريون سلاحاً سياسياً جديداً بعد أن حوله المتسرعون إلى ساحة تشبه ساحات سوق الخضار بعشوائيتها وعبثيتها وفوضويتها التى تطيح بكل ماهو منظم، وتضع كل القواعد تحت رحمتها، وربما لا يكون فى الأمر مبالغة حينما يقول الأطباء النفسيون أن ما يحدث على الفيس بوك هو حالة من حالات الإدمان، لأننا ببساطة يمكننا أن نربط بين الفيس بوك «الموقع الأزرق»، وبين دخان الحشيش الأزرق.. فالأول حالة إدمان للكلام والثانى إدمان لكيف مخدر.. ولكن كليهما يمنح المتعاطى سواء كان متعاطى الحشيش أو الفيس بوك حقنة وهم بالقوة والنشوة وخيالات تجعل كل من أنشأ جروب على الفيس بوك مناضلاً ثورياً، مثلما يتخيل كل من تعاطى سيجارة حشيش أنه جيفارا.. وفى كلا الحالتين الكل تحت رحمة الأزرق سواء كان الدخان.. أو الأزرق الإلكترونى.
لمعلوماتك...
◄6 أبريل أشهر الجروبات السياسية على الفيس بوك على الإطلاق
◄8 مليارات دقيقة يوميا يستهلكها موقع الفيس بوك من وقت سكان الأرض
◄كيف أصبح الموقع الأزرق محركا للأحداث؟
وفق أحدث الأحصائيات يضم الفيس بوك حوالى 120 مليون عضو وتتنوع الخدمات التى يقدمها مجتمع فيس بوك الإلكترونى، مثل ألبومات الصور؛ التى تحوى 10 مليارات صورة تقريبا، بحيث يتم رفع 30 مليون صورة يوميًّا إلى الموقع، وفى الوقت الذى بدأ فيه الفيس بوك طريقه فى مصر كموقع اجتماعى يقصده الباحثون كمساحة رغى إلكترونى أو الباحثين عن الأصدقاء القدامى أو الراغبين فى استعادة العلاقات القديمة، تحول رويدا رويدا إلى سلاح سياسى وجد فيه الشباب المصرى فرصة للتنفيس عن غضبهم، وفرصة تعوضهم عن حال الأحزاب المايل الذى يمنعهم من تحقيق مشاركة سياسية فعالة، وأمام حالة الفراغ الإعلامى وانتشار عدد البرامج والصحف تحول الفيس بوك إلى مصدر للأخبار والموضوعات المثيرة للجدل التى تنفخ فيها الصحف وتشعلها لتعويض حالة النقص الإخبارى من أجل جذب الذبون، فساهم ذلك فى توحش الفيس بوك وسيطرته على مناحى الحياة المصرية، بحيث أصبح أى جروب على الفيس بوك قادرا على أن يحرك مؤسسة حكومية أو يزعجها لدرجة دفعت الحزب الوطنى إلى الاهتمام بالموقع ومحاولة اختراقه عبر شباب الحزب الوطنى.