منذ اندلاع أحداث نجع حمادى المؤسفة، وأنا أحاول رصد الجهود المبذولة، سواء على المستوى الحكومى أو الشعبى، من أجل استيعاب الآثار السلبية للحادث ومعالجتها، لكن للأسف وجدت أن كل الجهود التى بذلت مجرد معالجات شكلية، وغير ناجحة فى تغيير جذور المشكلة، وأرى أن أصل المشكلة تتمثل فى مجموعة من الأخطاء التى لابد من استئصالها حتى ينجو المجتمع من نيران الفتنة الطائفية، ومنها ما يلى:
*أن هناك تحفزا واضحا من الجانبين يجعلهما على استعداد للاستجابة لدعاة الفتنة، فهناك كثير من الأحداث الإجرامية تقع بين صفوف عنصرى الأمة، وتمر دون تصعيد، والسبب أنه لم يتورط فيها شخص مخالف للعقيدة. وهنا علينا أن نعمق مفهوم أن العقيدة شىء يخص الإنسان، وأن ممارسته وسلوكه فى الحياة تحسب عليه فقط، ولا تنسب لأهل ديانته، ولا يحدث هذا التغيير إلا بشراكة متكاملة بين مؤسسات المجتمع المدنى، والإعلام والمؤسسات الدينية، وأن يكون العمل فى هذا المجال بنيه خالصة لا نستهدف منه الظهور أمام كاميرات، لنظهر أن كل شىء تمام، بل علينا أن نظهر خطورة المشكلة ونجردها ثم نحاول تشكيل الرأى العام من أجل أن يتبنى هذه المفاهيم.
*لابد أن نعترف أن المؤسسات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية ، قصرت كثيرا فى تدعيم قيم السماحة وتعميق شعور الانتماء للوطن، بل ظهر عندنا مشايخ وقساوسة تفرغوا للطعن فى الأديان، وبث الكراهية بين عنصرى الأمة، وهذا الأسلوب عمق شرخ الوطن، وأشعل نيران الفتنة، ونال من العلاقات التاريخية بين شركاء الوطن، وأصبح لزاما على المؤسسات الدينية مراجعة موقفها، وأن تسعى لتدعيم قيم التسامح التى حث عليها الإسلام والمسيحية، فلا يصلح أن نسمح لأمثال زكريا بطرس بأن يواصل بث سمومه من أجل إشعال مزيد من نيران الفتنة، خاصة وأنه يتطاول بكل وقاحة على القرآن الكريم، وأعلم جيدا أنه لا يمثل إلا نفسه، كما هناك بعض القساوسة فى مصر حركوا أمواج الفتنة مؤخرا كما حدث من القص المسجون حاليا، وقس كنيسة عزبة النخل، كما لابد أيضا نقول لبعض مشايخ الفضائيات كفوا عن بث روح الفتنة فقد أمرنا إسلامنا بدمج أهل الكتاب فى مجتمعاتنا، ولهم مالنا وعليهم ما علينا، ولعل آيات القران حكمت الأمر بوضوح، ولقد أعجبنى كثيرا مداخلة أحد إخواننا الأقباط على أحد المشايخ عندما حرم معايدة المسلمين على إخوانهم الأقباط فى عيد الميلاد، وعاتبه على الهواء، واضطرب الشيخ ولم يجد شيئا يقوله، إلا أنه تحجج بأن ذلك من تعاليم ديننا، وبالطبع هذا الكلام غير صحيح وليرجع الجميع لفتاوى العلامة الشيخ القرضاوى وفضيلة الدكتور محمد الغزالى.
* كما لابد أن نعترف أيضا أن هناك أصابع خفية تحاول تحريك أمواج الفتنة، وتسعى لاختراق الكنائس المصرية، وعلى رأس هؤلاء أقباط المهجر الذين دأبوا على تشويه سمعة مصر، ويحاولون تجنيد شباب متحمس لاستخدامهم فى تحقيق أهدافهم، وقد ظهر تيار متعصب متشدد فى الآونة الأخيرة بقوة على الساحة الكنسية، وأرى أنه على الكنيسة رد هؤلاء الشباب لعقولهم وقطع الطريق على أعداء الوطن من أقباط المهجر، الذين يحلمون بالدخول لمصر على فوهات الدبابات الأمريكية، وأعجب أشد العجب، من شباب مسلم لا يصلى ولا يجيد إلا التسكع فى الطرقات ومعاكسة البنات، بل ويتعاطى المخدرات فى بعض الأحيان، ثم نجده أول المشاركين فى أى أحداث للفتنة رافعا راية الإسلام، وبالطبع بسبب بعده عن دينه نجده يعتقد أن مشاركته هذه مكفرات لذنوبه، متناسيا قول ربنا عز وجل {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى}، وقول الرسول صلى الله علية وسلم "من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة" ، لكنه الجهل بالدين الذى يحتاج من الأزهر وعلمائه والتيار الإسلامى المعتدل أن يعلموا هؤلاء الشباب حقيقة دينهم، حتى لا ينجروا خلف شعارات جوفاء هى فى حقيقتها بعيد كل البعد عن الدين.
*كما لابد من المصارحة والمكاشفة، فإذا كان لإخواننا الأقباط مطالب فى وطنهم عليهم أن يتقدموا بها بكل وضوح، وبشكل رسمى عن طريق الكنيسة، ولكن عليهم أن يراعوا ظروف الوطن وواقع المجتمع، وألا يعتمد بعضهم على الضغوط الخارجية، وألا يغالوا فى مطالبهم، حتى نصل إلى أرضية للتفاهم، نضمن من خلالها استقرار وأمن وطننا، نستطيع من خلاله بناء المستقبل وعلاج واقع الحاضر، فالسفينة تحملنا جميعا وإذا غرقت فلن ينجو منا أحد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة