لا يستطيع أحد إنكار دور المعلم فى بناء الأمم والعمل على رقيها ونهضتها، حيث يقوم بأفضل مهنة على الإطلاق وهى استثمار العقول الإنسانية. فبدون المعلم لن يتخرج الضابط والواعظ والمحاسب والقاضى والسفير والطبيب والمهندس والممرض ....الخ من مهن.
وكان لدور المعلمين ومكانتهم أن وصفهم الرسول (ص) بأنهم ورثة الأنبياء. وتبارى الشعراء فى رفع مكانتهم السامية، حيث مدحهم أمير الشعراء أحمد شوقى قائلا:
قـم للمعلم وفـــه التبجيلا كاد المعلم أن يكـون رسـولا
أرأيت أفضـل أو أعز من الذى يبنى وينشئ أنفسـا وعقـولا
سبحانك اللـهم خــير معلم علمت بالقلم القـرون الأولـى.
وحتى يؤدى المعلم دوره وواجبه على أكمل وجه لابد من توفير الظروف المناسبة له ولأسرته ماديا ومعنويا، أن أسباب قوة أى أمة هى فى مقدار اهتمامها بالمعلم. الذى يبنى اللبنة الأولى فى صرح المجتمع ومنارة المعرفة، وعلى العكس نجد أن المجتمعات التى لا تولى المعلم أدنى أهمية ولا تقوم على توفير الحماية والأمن له ولا تلم بقيمة الدور الذى يقوم به، قد تفشى فيها الجهل والتخلف. لقد فوجئت كما فوجئ الكثيرون غيرى من حادثة اقتحام ولى أمر تلميذ مدرسة بأحد ضواحى الجيزة والاعتداء على معلم أمام أعين الطلبة والزملاء، لأنه قام بتذنيب ابنه لخطأ ارتكبه!! المصيبة هنا مصيبتان الأولى هى اقتحام المدرسة والاعتداء على المعلم والمصيبة الثانية هى كون ولى أمر التلميذ يعمل مستشارا بمجلس الدولة! حقا إنها مصيبة، حيث من المفترض أنه يحمى القانون والعدالة فإذا به يطأ عليهما بحذائه!. وخيرا فعلت الهيئة القضائية بإحالة المستشار إلى التفتيش القضائى للتحقيق معه، إننى أتمنى أن يعاقب هذا المستشار عقابا شديدا وصارما إذا ما أثبت التحقيق جرمه لأن ما قام به صادر ممن يفترض فيه حماية الناس وإشاعة الأمن والعدل بينهم. لا أخفى قلقى على حال البلد بعد هذه الحادثة لأننا نجل القضاء ونعتبره الحصن المنيع لنا فكيف بعضو فيه يقوم بما قام به هذا المستشار؟! فى المقابل لا أجد تفسيرا واضحا لسكوت غير مبرر من جانب نقابة المعلمين ووزارة التربية والتعليم لما لحق من ضرر لعضو من أعضائها وعدم التصريح بإدانة ما قام به المستشار!! أحب أنوه إلى أن هناك شواهد ووقائع كثيرة على اعتداءات كثيرة حدثت ولا تزال تحدث للمعلمين داخل المدارس وخارجها من جانب طلبة وأولياء أمور. لذلك لا أبالغ إذا قلت إن مدارسنا هذه الأيام صارت مستباحة لكل من هب ودب. كما لا أبالغ أيضا إذا قلت إن المعلمين فى بلدنا صاروا ملطشة هذا الزمان!! إن الأمة التى توفر الحراسة والحماية للراقصات والملاهى الليلية وأماكن المجون عامة ولا تؤمن محاريب العلم وعلمائها لهى بحق أمة جاهلة وصلت إلى مرحلة الخطر والفناء. وبناء على ذلك أختم مقالى ببعض المطالب لعل وعسى ترجع جزءا من هيبة المعلمين التى قد فقدت وهى: سرعة التحقيق مع المستشار والحكم عليه فى أسرع وقت إذا ما ثبت جرمه حتى يكون ذلك رادعا وعبرة لمن تسول له نفسه باقتحام محراب العلم والاعتداء على وريث الأنبياء. كما أطالب المعلمين بحسن اختيار من يمثلهم فى النقابة حيث إن عددهم تقريبا يزيد على مليون ومائتى ألف معلم وهذا عدد كاف لعمل لوبى قوى يطالب بحقوقهم المادية والمعنوية وتوفير الأمن والحماية لهم والدفاع عنهم إذا ما أحسنوا الاختيار. كما أننا كمجتمع مطالبون بالوقوف بجانب هذا المعلم وغيره ممن اعتدى عليهم من قبل لرد اعتبارهم أمام انفسهم أولا وأمام الطلبة وأسرهم ثانيا. لأننى أخشى أن تركناهم بمفردهم فى مواجهة أصحاب النفوذ والحظوة يبطشون بهم كيف شاءوا نكون قد اخترنا السير على طريق الندامة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة