سلامة حربى

كيف تصبح وزيراً فى "ساكسونيا"؟

الإثنين، 11 يناير 2010 07:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لكى تصبح وزيراً أو محافظا أو مسئولا كبيرا فى جمهورية ساكسونيا الديمقراطية لابد أن تمتلك مميزات ساكسونية أساسية لا غنى عنها، أولها أن تكون منافقا خالصا ومتملقا لا يشق لك غبار، وانتهازيا وغداراً لم تشرق الشمس على أحد من قبلك، وأن يكون لديك استعداد فطرى لتقبل أى نوع من الامتهان، دون أن تظهر أى نوع من التبرم أو الضيق أو الامتعاض، بل على العكس تماما تتلقى الإهانات والشتائم من حاكم ساكسونيا أو أى مسئول كبير فى الجمهورية الساكسونية الديمقراطية بابتسامة عريضة، وإذا ما ابتسم المسئول الساكسونى فما عليك إلا أن تضحك بشكل هيستيرى، وإذا ما حدث لقدر الله ما يحزن المسئول الكبير، فما عليك إلا أن تظهر من الحزن والآسى والألم والحسرة والندامة أضعاف أضعاف ما يظهره المسئول الساكسونى.

ويجب أن تعلم جيدا وتعى مزايا المسئولين بجمهورية ساكسونيا الديمقراطية، وتكون على دراية بها وأبرزها الغدر والخيانة، وتكون على استعداد لأن تغدر بأقرب الناس إليك أبيك وأمك وأخيك ورئيسك السابق فى العمل، خاصة وأن مسئولى جمهورية ساكسونيا ليس لديهم عزيز ولا غالى، فبين عشية وضحاها تجدهم يغدرون بوزراء ومسئولين أكفاء لا لشىء إلا خوفا من حصولهم على شعبية لدى الشعب الساكسونى المغلوب على أمره، والمحكوم بالحديد والنار، وقد توصلت إلى حقيقة مفادها أن التملق كان هو الأسلوب الأمثل لاتقاء شر هؤلاء الحكام والمسئولين وأصحاب النفوذ فى ساكسونيا، بالإضافة إلى النفاق والغدر والتملق والخيانة للوصول إلى أرفع المناصب فى ساكسونيا الديمقراطية، هناك بعض الأبواب الخلفية للوصول إلى ما تصبو إليه كأن تكون مثلاً مستشاراً لرئيس وزراء ساكسونيا، أو أن تكون رئيسا لهيئة البريد الساكسونية أو تكون حفيدا أو ابناً لأحد الوزراء الساكسونيين السابقين، وقد تجد نفسك بين لحظة وأخرى أمام ليلة القدر، أو تجد فى يدك الفانوس السحرى وتجد أمامك الدنيا بكل ما فيها، وتسير فى ركابك، وتحت أمرك الدنيا بأسرها وتصبح رقما صحيحا فى المعادلة الدولية، وتستقبل استقبال الفاتحين فى المحافظات، وتجد الوزراء الساكسونيين تحت أمرك يتوددون إليك طمعاً فى نظرة أو ابتسامة، وفى أقل من جزء من الثانية تصبح رقم واحد فى الحزب الساكسونى توجه دفة السياسة والاقتصاد والتنمية، وتتدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى الدولة الساكسونية، والجميع يحلم بنظرة عطف وتستقبل فى كافة دول العالم استقبالا رسميا، وتعقد المؤتمرات والندوات من أجل عينيك لأنك باختصار ابن حاكم ساكسونيا الديمقراطية.

وهناك مقومات أخرى يجب أن تتمتع بها منها أن تحفظ عن ظهر قلب تواريخ ميلاد المسئولين الكبار فى جمهورية ساكسونيا وفى الحزب الساكسونى الحاكم، وأن تقدم هدايا قيمة فى أعياد ميلادهم ،وأن تثنى على كل عمل يقومون به وإن كان سيؤدى إلى تجويع وتشريد الشعب الساكسونى، وليس مهما أن تكون ذا كفاءة، ولكن المهم أن تجيد النفاق ومسح الجوخ، وإن لزم الأمر الأحذية أيضا، أما إذا كنت ذا كفاءة، وتحترم ذاتك ونفسك، فستظل محلك سر، ولن تتقدم قيد أنملة، وستظل ترزح تحت نير الظلم وزحمة المواصلات، وستقضى نصف عمرك فى طوابير الخبز والغاز والمواصلات، وستجد كل الأبواب مغلقة فى وجهك، وسيتنصل منك أقرب الأقربين إليك، وكأنك مصاب بالجرب أو أنفلونزا الخنازير، ولن تجد من يمد لك يد العون فى أحلك الظروف، وستفرض عليك عزلة إجبارية وقد يقودك حظك العاثر إلى مستشفى الأمراض العقلية، أو تكون عرضة لزوار الفجر الساكسونيين لتجد نفسك أمام قائمة لا حصر لها من التهم، أقلها يضعك فى غياهب السجون لسنوات عديدة، وبالطبع التهم جاهزة منها التآمر والخيانة العظمى وقلب نظام الحكم وإشاعة الفوضى فى الشارع الساكسونى ونشر الأفكار الهدامة.

وحتى تصبح وزيراً ساكسونياً عليك أن تداهن وتتودد إلى صاحب النفوذ الساكسونى إما اتقاءً لشره أو لتدعيم مكانتك لديه، وحتى تكتسب مزايا لا تستحقها على حساب الآخرين من الأكفاء وذوى الخبرة والدراية، مع العلم أن التملق ينتشر فى العالم بأسره، ولكن بدرجات متفاوتة، ولكن فى جمهورية ساكسونيا الديمقراطية نجد أن الساكسونيين دون غيرهم يفخرون بأنهم أصحاب ريادة وحضارة، ويتفوقون على العالم بأسره فى فنون التملق والغدر والنفاق والخيانة والضرب تحت الحزام.

ولكى تكون ساكسونيا خالصا يجب أن تقول ما لا تفعل، وأن تدعى أنك تؤمن بمبدأ معين، فى حين أنك تؤمن بمبدأ مغاير تماما ومختلف عن الأول بنسبة 500% كأن تقول على سبيل المثال لا الحصر أنك تحب الأمانة والصدق، وأنت أكبر خائن وأبرع كذاب ومنافق حتى الثمالة.

وقد غدرت جمهورية ساكسونيا مؤخرا بأحد الوزراء دون سابق إنذار، وهو فى ميدان العمل يتلقى تطعيما ضد الحمى الساكسونية، وذهب إلى منزله يعتصره الحزن والألم والأسى بعد أن تجرع كأس الغدر والخيانة حتى الثمالة، ولنا حديث آخر عن الانتخابات فى جمهورية ساكسونيا تحت عنوان "كيف تصبح عضوا بارزا فى البرلمان الساكسونى".


• صحفى بالأهرام





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة