غاب اثنان من أعضاء مكتب الإرشاد عن المشاركة فى ندوة حزب الوسط لمناقشة أزمة الحركات الإسلامية بعد تأكيدهم قبول الدعوة، مما أثار استهجان وانتقادات ن الحضور، وأستدل به الخبراء المشاركين فى الندوة على طريقة تفكير العقل الحاكم فى تنظيم الإخوان حاليا الذى وصفوه بالمنغلق ضيق الأفق.
وانتهى المشاركون فى صالون المسيرى بحزب الوسط - تحت التأسيس - إلى أن الجماعة تمر بأزمة كبيرة، وذلك بحضور الباحثين فى شئون الحركات الإسلامية وبعض من أعضاء مجلس شورى الجماعة السابقين ومن شاركوا فى تأسيس الجماعة فى تأسيسها الثانى، بجانب قيادات حزب الوسط.
وانتقد أبو العلا ماضى غياب واعتذار أعضاء مكتب الإرشاد عن الحضور وهو ما اعتبره دليلا على عدم الشعور بالأزمة، وقد يكون استعلاء ورغبة فى التجاهل لأى بحث أو تحليل، معتبرا أن أزمة الجماعة بدأت قبل 15 عاما منذ قضية حزب الوسط والخلافات التى خرجوا على أثرها من التنظيم، وهو ما يؤكد حسب ماضى بأن الجماعة فى إشكالية وانغلاق ومصلحية لا تختلف كثيرا عما يعيشه المجتمع من أزمة وما يمارسه النظام والحزب الوطنى، ووعد ماضى من تنظيم ندوة أخرى لبحث الحلول والمقترحات بعد أسبوعين.
أكد ضياء رشوان نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن الإخوان تعانى من فجوة بين التطور الفكرى – حتى غير الكافية - والتطبيق، وهذا التفاوت فى السرعة، كذلك تواجه الجماعة خلافا داخليا ظهر من قبل فى محاولة تقديم النسخة الأولى من مشروع برنامج الحزب السياسى فيما يتعلق بتولى المرأة والقبطى للرئاسة واللجنة العليا، حتى أن الجماعة لم تحسم رأيها بعد ما أن كانت تتقدم ببرنامج حزبى أم لا، مما يؤكد أن جزء كبير من أزمة الجماعة متعلق بها وكذلك الحل.
وأضاف رشوان أن الجماعة تعانى من تفاوت فى رؤيتها والرؤية العامة لقوى المجتمع، وظهر واضحا تأثير وغلبة التيار السلفى المحافظ، مشددا على أنه إذا لم ينجح الإخوان فى حل أزمتهم فلن يتم حل أزمة الحركة الإسلامية بوجه عام ولن يتم الإصلاح.
فيما أوضح حامد الدفراوى عضو مؤسس للجماعة بالإسكندرية فى السبعينيات، أن مشكلة الإخوان فى ثلاث محاور، فكرية وخلاف بين مدرستين واحدة تفضل العمل المنفتح وأخرى للتنظيم الخاص الذى يمسك بمفاصل الجماعة، كما أن الجماعة غير قادرة على النمو بما يتناسب مع الطموحات بسبب التنظيم الخاص الذى لا يحتمل المتابعة ولا الرقابة والمحاسبة، مما يعنى أن الجماعة الكبيرة يتم إدارتها بعقلية "دكان"، كما أن نموها لا يتناسب وطموحات القوى السياسية وغير مواكبة الأحداث ومنع التنظيم الخاص الالتحام مع المجتمع، بجانب تجريم التنظيم الحديث والكتابة العلنية عما يتم ويريدوا وضع رأسهم فى الرمال.
ويضيف الدفراوى أن هشاشة الهياكل والإختلاط بين المؤسسة التنفيذية والتشريعية وسيطرة مكتب الإرشاد كجهة تنفيذية على كل شىء يتشابه تماما مع سيطرة السلطة التنفيذية فى الدولة على باقى السلطات، فغابت الرقابة والمحاسبة، مع غياب آليات التطوير وغياب الشفافية والمصداقية.
وطالب حسين عبد الغنى مدير مكتب قناة الجزيرة فى القاهرة بضرورة دمج التيار الإسلامى ضمن الحياة السياسية، مشيرا إلى أن الأزمة فى الجماعة مستمرة بسبب التيار المحافظ الذى سيكون على المدى البعيد أزمة كبيرة رغم أنه قد يخدم النظام السياسى فى المدى القصير، محذرا من تمدد التيار السلفى فى المجتمع وخروجهم عن السيطرة الفترة المقبلة، مشددا على أن الإخوان أضاعوا الصورة المعتدل، خلافا إلى أن الجناحين فى الجماعة استغلوا الإعلام لخدمة مصالحهم .
وأكد عبد الغنى ان التيار المحافظ يفضل الكمون والتركيز على العمل الداخلى، مشيرا إلى أن هذا يخدم المجتمع للتنصل من أى مناشدات أو ضغوط خارجية لتطبيق الديمقراطية،مؤكدا أن الأزمة كشفت عن غياب التيار الإصلاحى فى الجماعة الذى انتهى لأفراد فقط، كما أن التيار النفعى استطاع الاستفادة من الأزمة، وانحاز للسلطة فى الجماعة،نافيا أن يكون وجود عصام العريان بمكتب الإرشاد دليلا على حضور للإصلاحيين،مختتما بان ما كشفته الانتخابات الأخيرة من التعيين والتزوير فى إرادة الجماعة يفوق ما يحدث فى الانتخابات العامة بيد الحزب الوطنى، بجانب حفظ الطعون يتشابه بحفظ أحكام محكمة النقض فى انتخابات البرلمان، وإذا كان مجلس الشعب سيد قراره فمكتب الإرشاد سيد قراره، خلافا لذات التعبيرات التى استخدمها الحزب الوطنى فى مؤتمره الأخيرة لنقد الإعلام واتهامه بأنه سبب المشكلة هى ذاتها تعبيرات وانتقادات الإخوان للإعلام فى الأزمة الأخيرة حتى على لسان د.عصام العريان.
وأوضح حسام تمام الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن أس المشكلة للحركات الإسلامية أنها نشأت فى تنظيم منفصل عن جسد الأمة، وهذه الحالة الاستثنائية أدت لتمييز مجموعة من الأمة عما سواها، مشيرا إلى أنه لولا جيل السبعينيات الذى ساهم فى التأسيس الثانى للجماعة لكانت الجماعة اتجهت للعنف أو للانغلاق منذ وقت طويل، وكان يمكن لجيل السبعينيات تجاوز عقبات كثيرة بالجماعة، يمكن الرهان عليه، إلا أن جيلا كاملا سقط من الجماعة بنتائج الانتخابات الأخيرة، كما سقط هذا الجيل من الدولة بوجه عام.
وذكر خالد داوود عضو مجلس شورى الإخوان أن سيطرة تنظيم 65 سببا معظم مشكلات الجماعة، بجانب أزمة اللائحة وغياب الشفافية فيها والسرية التى كانت عليها لوقت قريب حتى بالنسبة للأعضاء،وغياب المؤسسة العدلية التى تحاسب وتحقق، خلافا لعدم وجود حقوق للفرد والتغليظ فى الواجبات والعقاب.
مرجعا سبب زيادة الأزمة إلى التعامل الحكومى مع الجماعة فى ظل نظام يدير الدولة بقوانين استثنائية ويكون الإخوان فيها أشد وأخص استثنائية، لكنه عبر عن تفاؤله من الزخم الإعلامى الذى سيؤدى لمراجعة التنظيم وقياداته لطرق إدارتهم وإجراءات عملهم مستقبلا.
فيما أكد عصام سلطان عضو مؤسس للوسط، أن الأزمة الأخيرة للإخوان أدت لاهتزاز قيم وانهيار أخرى لدى أبناء الحركة الإسلامية مثل الصدق والإخلاص والتجرد والشفافية، خاصة بين الشباب، منها ما يتعلق بتصريحات مهدى عاكف المرشد العام حول التنسيق مع الأمن فى انتخابات البرلمان، واعتراف عاكف بوجود أشياء لا يعلمها تتم فى الجماعة، واستثناء بعض أعضاء مجلس شورى الجماعة من الانتخابات.
وأكد سلطان أن الأزمة أدت لمساواة الإخوان بالحزب الوطنى فيما يحدث من إجراءات، وهو ما يبشر حسب رأيه بتجاوز عدد كبير من الجماعة الفترة القادمة التنظيم وقد يحدث تأسيس ثالث للجماعة.
وأكد إبراهيم الهضيبى حفيد مأمون الهضيبى المرشد العام السادس للجماعة فشل الإخوان فى تحقيق هدفها كحركة إسلامية تقيم الشريعة الإسلامية وتعمل على توحيد الأمة، وأرجع ذلك لقصور فى الآليات والتنفيذ، مشيرا إلى أن الإخوان عندما رفضوا ولاية المرأة والقبطى للولاية العامة لم يختفلوا كثيرا عن المجتمع الذى يعانى من أزمة فى التسامح، منتقدا حرص الإخوان على أن يكون لهم مفتيهم وفقهائهم فى بلد الأزهر أكبر مؤسسة علمية فقهية.
وراجع الخلاف بين الإخوان والأزهر إلى إدخال الدولة للمؤسسة الدينية العليا فى صراعها مع المعارضة منذ عقود طويلة، ووصف الحركة الإسلامية بأنه فيها من يعيش مراهقة فكرية وفشلها التحول من تيار إسلامى رئيسى إلى تيار وطنى رئيسى، مستشهدا بالتعامل مع كل ميادين العمل دعوى وسياسى واجتماعى بذات العقلية، وكذلك التمحور حول أشخاص بالرفض الكامل أو القبول الكامل، والاضطراب فى الرؤية وعدم القدرة على المراجعة وغياب الخبرة، بجانب الانفلات أحيانا، مصنفا القيادات الحالية بين المعتدل أو المحافظ، ثم الإصلاحى أو البرجماتى الذى لديه استعداد للتحرك فى إطار الجماعة والتفاعل مع الأخر، ثم الأخلاقى أو النفعى الذى كان له دور كبير فى الانتخابات الأخيرة، خلافا لما ظهر من الفجر فى الخصومة وإساءة الأدب فى الخلاف مع الآخرين والتمحور حول التنظيم، مشيرا إلى أن عشرات الإخوان مستاؤون مما حدث.
ووجه الهضيبى الانتقاد لحزب الوسط باعتبار أنه فشل فى إقناع الناس ليروا أنه من مصلحتهم مساندة الحزب فى الحصول على الشرعية، ولم يقدم الحزب منذ 14 عاما حلول لمشاكل الجماهير.
وذكر د.عمر الشوبكى الباحث بمركز الأهرام أن أزمة الإخوان أزمة مجتمع، وما يحدث داخل الجماعة حدث أسوأ منه داخل الأحزاب، وأرجع الأزمة إلى الصبغة الهمجية والتركيبة للإخوان، وخاصة ما يتعلق بالجانب العقائدى، ووجود ما يعرف بحراس العقيدة الدينية التى ارتبكب فيها الإخوان أخطاء كثيرة، كما أن الإخوان ترتكب كثيرا كلما تقترب من العمل السياسى بداية من تأسيسها حتى الآن.
وكشف د.صلاح عبد الكريم بحزب الوسط أنه أجرى دراسة للمقارنة بين الإخوان والنظام الكنسى فوجد اتفاقهم فى 16 صفة منها العلاقة من الله والعلاقة مع الأخر والنقد الداخلى والتعامل مع الخارجين من التنظيم وشروط النقد والنشاط الثقافى وغيره، معتبرا أن أى تنظيم عقائدى يقوم على فرد واحد، ويتجه للجمود بعد مرور سنوات التأسيس وينتهى إلى الرتابة، مؤكدا على أن هذه التنظيمات يسلب منها الإبداع والابتكار، وصلاح الجماعة من عدمه يعتمد على صلاح القائد، وتعانى هذه التنظيمات العقائدية من أمراض خاصة فى الهيكل الهرمى.
أزمة الحركات الإسلامية فى ندوة "الوسط".. انتخابات الإخوان تسببت فى انهيار قيم كثيرة.. والجماعة تدار بعقلية "الدكان" وتمهد لانتشار التيار السلفى ولا تختلف فى تصرفاتها عن الحزب الوطنى
الإثنين، 11 يناير 2010 01:25 م
مناقشة أزمة الحركات الإسلامية فى ندوة "الوسط"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة