قبل نصف قرن مضى، وبالتحديد فى يوم 9 يناير عام 1960 وضع جمال عبد الناصر حجر الأساس لأعظم مشاريع مصر فى القرن العشرين، وهو مشروع السد العالى، وقد لا تعرف الأجيال الجديدة أن هذا المشروع العظيم ليس مجرد بناء تم اختياره بوصفه المشروع الهندسى الأعظم عالميا فى القرن العشرين، وإنما كان معركة قدمت فيها مصر أعظم التضحيات من أجل حريتها واستقلالها الوطنى.
كان السد العالى حلماً قبل ثورة يوليو عام 1952، لكنه الحلم الذى كان يفتقد إلى الإرادة السياسية، ولما قرر عبد الناصر الإقدام عليه، رفض البنك الدولى وأمريكا تمويله، ولم يكن هذا الرفض بسبب خلافات فنية مثلاً، وإنما كان تصميما غربيا على تحجيم مصر، ورفض أى نوع من التنمية التى تكفل لمصر أن يكون قرارها بيديها وليس بأيدى الآخرين.
صمم عبد الناصر على أن لا يسلم إرادة مصر للبنك الدولى وأمريكا، ومضى قدما فى تنفيذ حلم بناء السد العالى، وبقى رمزا للإرادة الوطنية المستقلة، لكن وبكل أسف خضع السد لهجوم مفترى، وذلك تحت باب تصفية الحساب مع جمال عبد الناصر، وكان يحدث ذلك دون مراعاة للضمير الوطنى الذى لا يجب أن يخضع لتصفية الحسابات، والغريب أن المنتقدين كانوا يستخدمون حججاً بالية ومضحكة مثل أن بناء السد العالى أضاع إنتاج السردين، أو أنه قلل من جودة الأراضى الزراعية، وكان هؤلاء يرددون ذلك دون أن يذكروا كم كان فيضان النيل يؤدى إلى كوارث وحصد أرواح كل عام، وكم كان غدر النهر يؤدى إلى عدم انتظام الزراعة بالدرجة التى كانت تبقى فيها الأرض بلا زراعة ما يقرب من نصف العام.
رد السد العالى على كل الحاقدين، وذلك فى أكثر من جولة منذ ثمانينيات القرن الماضى، حين كان الجفاف يضرب أفريقيا ويحصد آلاف الأرواح، بينما كان هو يمد مصر بمخزون المياه، فسلام على السد العالى وكل الذين ساهموا فى بنائه، وسلاما على عبد الناصر الذى لولاه ما كان هذا المشروع العملاق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة