لم يحدث أبدا على حد علمى المتواضع أن حدثت ضجة مماثلة لمنع دوله ذات سيادة على تأمين حدودها!! المتابع للوضع العربى الراهن المنساق وراء الحملة المسعورة بقيادة القناة التى تلعب دورا أدنأ من دور فتيات الهوى فى المواخير قد يتساءل ماذا فعلت مصر؟ دولة عريقة ذات سيادة على كل شبرمن أراضيها التى حررتها بعقول وسواعد ودماء أبنائها لها الحق المطلق والكامل والشرعى لإتخاذ ما تراه مناسبا لتأمين حدودها الشمالية الشرقية المضطربة أصلا بسبب قلة من أصحاب العقول الصغيرة والنظرات الخاوية والتفكير المحدود الذين ما زال التهرب والمراوغة أسلوبهم الأمثل لعدم توقيع المصالحة الفلسطينية ولتذهب فلسطين والفلسطينيون، بل مصر للجحيم، فطالما كانوا رجالا و مجاهدين لكن يبدو أن السلطة المزعومة أنستهم أنفسهم ناهيك عن أن الأوامر القادمة من دمشق لا تريد حلا وشيكا قبل تسوية قضيتهم الذين يتسولون الأتراك أن ينجزوها فى أسرع وقت، فلم تعد الخطابات الحنجورية والأغانى الحماسيه والتهديد والوعيد، لم يعد هذا الحديث له صدى لدى المواطن لاسيما أنهم لم يضربوا طلقة واحدة منذ أكثر من ثلاثة عقود بدل فيها العدو الصهيونى من هوية الجولان وصال وجال واخترق مئات المرات المجال الجوى السورى بل قصف موقعا نوويا مزعوما، لم يهاجم أحد سوريا لغلقها حدودها مع العراق؟ لم يقل أحد إنها تخنق وتقتل وتحاصر مئات الآلاف الذين هربوا من جحيم القتل على الهويه، أيضاً الأوامر القادمة من طهران لا تزال تعرقل المصالحة الفلسطينية، فقد دفعوا حزب الله سابقا لدخول حرب لصرف نظر العالم عن الملف النووى الإيرانى وها هم اليوم يلعبون نفس اللعبة مع حماس، كل ينادى على ليلاه، والمطلوب من مصر هو فتح الحدود على الغارب! تركوا أصل الكارثة وعلتها وتفرغوا لمصر؟ حماس التى جلبت الموت إلى ١٤٠٠ فلسطينى والإعاقة إلى ٣٥٠٠ غير ما تم من تدمير البنية التحتية للقطاع والحصار الظالم مازالت مصرة على موقفها الإنقلابى فى تكريث للانقسام الفلسطينى الفلسطينى الذى أرجع قضيتهم على الأقل عشرين عاماً إلى الوراء، لست انهزامياً ولا أنادى بترك النضال والكفاح المسلح لتحرير فلسطين ولكن القاعدة الشرعية تقول درء الضرر مقدم على جلب المنفعة وما جلبته مغامرة حماس قد أضر كثيرا بفلسطين، إذا أردت أن تحارب يجب أن تكون قويا متحدا خاضعا لمقتضيات الزمان والمكان ومتبعاً لنور العقل، غير ذلك يكون مغامرة غير مأمونة العواقب، دعونا نفترض أن الرئيس السادات- رحمه الله- كان قد رضخ لضغوط المظاهرات التى كانت تخرج يوميا فى القاهرة والصعيد والدلتا بل فى بعض العواصم العربية المطالبة بشن حرب على إسرائيل واسترداد الأرض؟ تخيلوا أن ندخل حربا ونحن لسنا على أتم الاستعداد!! كانت طبعا النتيجه ستصبح كارثية ومروعة، اعقلها وتوكل، لا أحد ينكر مسؤلية مصر التاريخية والأدبية عن القضية الفلسطينية عموما وقطاع غزة على وجه الخصوص لكن مصر- يا سادة- لم و لن تكون كبش فداء والشماعة التى تعلق عليها أخطاء الآخرين الذين يلهثون وراء الأموال القادمة من بلاد الفرس، الجميع ينتقد ويسب فى مصر مع أنها الدولة الوحيدة التى تفعل ما تقول، السادات أعلن فى مجلس الشعب أنه ذاهب إلى إسرائيل من أجل السلام وذهب أمام العالم وخطب خطبة بليغة وقوية فى قلب الكنيست، لم يذهب فى السر مثل الأمير المترهل الذى تستضيف بلاده ضعف عدد سكانها من الجنود الأمريكان وتوجد ببلاده أكبر قاعدة أمريكية بالخليج العربى وكانت الطائرات المحملة بمئات الآلاف من الأطنان من الأسلحة تنطلق من عنده لشحنها لإسرائيل أو للقيام بعمليات فى العراق، الأمير الذى كان فى غاية الرقة والمجاملة مع الوزيرة الصهيونية السابقة ليفنى وقال لها أمام الكاميرات إنه أصر على دعوتها للمنتدى الاقتصادى رغم سابق علمه بمقاطعه بعض الدول المنتدى حال مشاركة الوزيرة الصهيونية، هو نفس الرجل الذى يقيم علاقات تجاريه مع إسرائيل برغم عدم الحاجه إلى ذلك؟ فهو لم يحاربهم ٤ مرات ولا توجد اتفاقية سلام ولا استحقاقات من أى نوع تجبر دولته فى الدخول فى علاقة من هذا النوع؟
حمله قذره مدارة بمجموعه من الغوغاء والجهلاء، بالأمس صار حديث القناة المشبوهة هو عرقلة مصر لقافلة شريان الحياة ٣ وعن معاناة طاقم القافلة القابع فى ميناء العقبة، تناسى هؤلاء أن القافله لم تولد فى العقبة بين عشية وضحاها وأن القافلة قد عبرت حدود أكثر من تسعة دول قبل الوصول إلى ميناء العقبة الأردنى وأن كل مخاطبات السفارة المصرية فى لندن مع منظمى القافلة كانت تحثهم على دخول القافلة من ميناء العريش وهى الأقرب لنقطة عبور القافلة إلى القطاع وهى على بعد حوالى ٤٢ كم فقط من معبر رفح فلماذا الإصرار على دخول مصر من ميناء نويبع وقطع مسافة تزيد عن ٣٦٠ كم ناهيك عن عبور القافلة لشبه جزيرة سيناء بالكامل من جنوبها الشرقى لشمالها الغربى؟ ولماذا كل هذا الحشد الإعلامى الأعمى ضد كل قواعد المنطق والعقلانية، حتى بلاد الواق واق تفرد سيادتها على حدودها وتجبر زائريها على اتباع الآليات الدبلوماسية والبروتوكلية المعمول بها وفق القوانين المعمول بها إلا مصر التى إن حاولت أن تضبط حدودها قامت الآلات الإعلامية الجبارة المتشبعة برائحة البترودولار التى تزكم الأنوف بمهاجمة مصر لأنها ارتكبت جرما رهيباً فى خيالها المريض، لا نسمع أحدا يقول أن ٦٥ % من المخدرات التى تدخل مصر هى قادمة من سيناء، آلاف الأطنان من المتفجرات والأسلحة تدخل مصر من سيناء، ثم ناهيك عن كل ذلك، لا توجد دوله فى العالم تسمح بالانتهاك الصارخ لأراضيها هكذا، فدول مثل تشاد وأثيوبيا وأوغندا تقيم حروبا ضد بعضها البعض عند أى انتهاك لأراضيها وما يحدث من تشاد والسودان وأثيوبيا والصومال بين الحين والآخر من منازعات ليس بالمثل البعيد، ثم أن كل تحركات مصر من حين الانفصال المشئوم للقطاع عن الضفة هو حث الطرفين على المصالحة ولم الشمل ولم تحرض طرف على طرف كما تفعل بعض الدول التى تمللك الجيوب المنفوخة والعقول الفارغة ولا تعرف عن الأدوار الإقليمية (التى تلعبها مصر منذ حتى أن تولد دويلاتهم) غير المؤامرات وشراء الأنفس الضعيفة، فليكتبوا ويستضيفوا بعض قارعى الدفوف فى برامجهم، نحن ماضون فى رؤيتنا الحكيمة ومواقفنا الصادقة النابعة من حكمة صانعى القرار الذين لم يبتلعوا طعم المشروع الأمريكى الصهيونى بضم القطاع إلى مصر وتوطين اللاجئين به والغريب أن وزيرة خارجية أمريكا السابقة قد أعلنت ذلك فى مؤتمر صحفى سمعه كل الإخوة العرب وهم لا هم لهم إذا ضربت القضية الفلسطينية فى مقتل إذا حلت مشكلة اللاجئين هكذا وللعلم مشكلة اللاجئين هى من أساسيات القضية الفلسطينية.
مصر الحضارة والتاريخ ستظل شامخة تشخص إليها أبصارهم بقلوب تدمى من الحقد، هؤلاء الأفاقين المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون، فهم يسبون مصر لعلاقتها مع إسرائيل آناء الليل وأطراف النهار، لكنهم يستثمرون كل أموالهم فى أمريكا الراعى الأول لإسرائيل بل إن معظم مشاريعهم مع يهود أمريكا!
لا ريب أن صمت الموقف الرسمى المصرى يثير الكثير من التساؤلات، فبلدى الجميلة الطيبة التى أنهكنى عشقها عندما لا تبكى على أحزانها فهذا لا يعنى إنها فقدت الإحساس بل لأن أحزانها قد كثرت عليها فلم تجد دموعاً تعادلها فاكتفيت بالصمت.
* كاتب مصرى- باريس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة