محمد حمدى

عن المذعورين والمتعصبين والمتطرفين

الثلاثاء، 08 سبتمبر 2009 08:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما بدأت الكتابة على صفحات اليوم السابع وجدت متعة شديدة فى الرد على كل قارئ تحمل مشقة التعليق على ما كتبته، ورغم النصائح المتكررة من صحفيين وكتاب بتوخى الحرص وعدم الانخراط فى تبادل الآراء مع القراء، فقد كنت- ولا أزال- مصرا على حق من يعلق على مقال ويطلب ردا أن نرد عليه، سواء كان هذا الرد بشكل مجمع أو على كل قارئ بشكل مفصل المهم أن هذا حق الناس.

لكن ما ليس من حق أى قارئ- مهما كان- التطاول واستخدام لغة بذيئة، كما أنه ليس من حق أى شخص لا يتحلى بشجاعة إظهار اسمه الحقيقى على تعليق كتبه أن يكفر كائنا من كان فى رأى قاله، أو كتبه.. فنحن لا نعلم من هذا الذى يكفر الآخرين وما هى مؤهلاته العلمية والدينية التى تجيز له الفتوى بما فى ذلك إخراج الناس من الدين، ناهيك أيضا عن الإيمان من عدمه هى علاقة بين الرب وعبده وليست قضية رأى عام مطروحة للنقاش بين الناس.
وحين كتبت أول أمس عن تديين الكرة فوجئت كما هى العادة بالكثير من المذعورين والمتعصبين المتشددين والمتطرفين وبعض الإرهابيين الذين تطوعوا بكلام أقل ما يقال عنه أنه سخيف ولا يستحق عناء الرد مثل "خسارة فيك الاسم" أو "بلدك تتبرأ منك" أو "أنت شيوعى ملحد" إلى آخر ما كتب ويكتب منذ شهور من تعليقات أعتقد جازما أن من كتبها وفى نيته الدفاع عن دينه سواء كان مسلما أومسيحيا إنما هو أول من يسىء لهذا الدين.

وقد قال الله سبحانه وتعالى لنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام "لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، وهو القائل أيضا "وادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، وهناك عشرات من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التى تتحدث عن مكارم الأخلاق وعفة اللسان، وهو أمر تؤكد عليه المسيحية حتى أن النبى عيسى عليه السلام كان رسالة سلام للعالم أجمع.. ولا أعتقد أنه توجد أية خلافات بين الأديان حول هذه المسلمات.

المشكلة الحقيقية أن بعض من يبدعون التدين، ويتصدون بحكم هذا الاقتناع القاصر، للدفاع عن الدين هم أبعد ما يكون عن الدين وعن فهم أمور دينهم سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، وللأسف فإن بعض كاتبى التعليقات على مقالات الرأى فى اليوم السابع ممن يعتبرون أنفسهم غيورين على الدين هم فى الحقيقة ليسوا أكثر من أشخاص مذعورين ومتعصبين ومتشددين وللأسف أيضا فإن بعضهم يحمل بداخله الكثير من الأفكار الإرهابية.

والذعر حالة نفسية وحين تشتد فإنها تصل إلى حد المرض النفسى، وحسب علم النفس يعرف الذعر بأنه "خوف شديد مفاجئ يكون غالبا بسبب مؤثر طفيف أو توقع غير صحيح للخطر ويصحبه جهود محمومة وغير منطقية للحصول على الأمان".. وبعض من يتصدون للتعليق ويلقون الاتهامات الجزافية على الناس دون تأن هم فى الواقع من طائفة المذعورين فقد حفظوا الدين ولم يفهموه لذلك يشعرون بالذعر والخوف والرعب حينما ترد كلمة الدين فى جملة لا يفهمونها يسارعون إلى رد دفاعى سريع جدا لا يخرج عن اتهام الآخرين بالكفر أو محاولة النيل منهم بأى شكل من الأشكال.

بعض المعلقين أيضا يمكن وصفهم بالمتطرفين ويعرف التطرف بأنه "القائل أو القول، أو الفعل المخالف للشريعة"، ويلحق بمعنى التطرف كلمات ذات صلة بها مثل: "التنطع وهو التكلف المؤدى إلى الخروج عن السنة" و" الغلو هو الزيادة على ما يطلب شرعا أو تجاوز الحد".

وقد ذمت الشريعة الإسلامية التطرف فى الدين، فعن الأحنف بن قيس عن عبد الله قال: قال رسول الله :"هلك المتنطعون" قالها ثلاثا" قال النووى: أى.. "المتعمقون، الغالون، المجاوزون الحدود فى أقوالهم وأفعالهم".

وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: " إياكم والتبدع، وإياكم والتنطع، وإياكم والتعمق، وعليكم بالدين العتيق".

أما الطائفة الثالثة فهى من المتعصبين ويعرف التعصب بأنه "شعور داخلى يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر باطل ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف متزمتة ينطوى عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف به أو بآرائه".

ويتسم المتعصب عموما بالتسلط والجمود فى التفكير، واللجوء إلى العنف لتحقيق الغايات، والتمركز حول الذات وعدم تقبل الحوار مع الآخرين" وربما هذا ما يفسر سر الحدة فى الردود، ومحاولة عدم الفهم، والاعتقاد بأن كل ما يكتبه هو الحق وكل ما يعرفه هو نهاية المعرفة.. هدانا الله وإياكم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة