من يريد أن يطلع على حياة المصريين المعاصرين بكل تشكيلاتها ومواجعها وما يشيع فيها من مشكلات وانكسارات ومحن يمكنه قراءة هذه النصوص التى صدرت مؤخرًا؛ فهى تقدم شهادة عن العصر فى قوالب سردية محكمة لكاتب صاحب خبرة معتقة.
النص القصصى عند الكاتب يرتد إلى مجموعة من مستويات السرد، منها تقسيم المشهد الواحد إلى عدة لقطات متداخلة قد تتناغم أو تتنافر، وهو يستخدم هنا أسلوب تقديم الحقيقة بأبعادها النسبية؛ فهى مراوغة، ومتشظية، ومتناقضة، وغير محددة على الإطلاق.
يعمد الكاتب لتفكيك الوحدات السردية وإعادة تركيبها بطريقة جديدة، ولهذا السبب لا يعتمد الحكى الخطى المنتظم بل نراه يضيف ويحذف، يقرب ويستبعد لأنه فى طريقته لإعادة بناء المشهد يعى مسارات الحياة وارتباك الأحداث وهو ما ينعكس بدوره فى البنيات الجمالية التى يعتمدها فى قصصه.
الحكايات خاصة بالبيئة الساحلية والبحر والأمواج، وهذا بعد أول ثم يتجول فى الأحياء الشعبية التى تعمل فى الحرف الأساسية فنجد الأبطال من صبية ورش الأثاث وأسطواته ومعلميه، وبنات يعملن فى معارض الموبيليات.. علاقات فى غاية التشابك والتعقيد تفضى بنا إلى معرفة البعد الاجتماعى الكامن وراء القص.
يقوم "سمير" بالكشف المستمر عن جوهر موضوعاته من خلال عرض الوقائع ضمن سياق متصل وتلعب اللغة بتلقائيتها وبساطتها دورًا أساسيًا فى التعبير عن حالات العجز والقهر والموت، وهى الحالات الأكثر حضورًا فى أعماله.
أسلوب " ألف ليلة وليلة " حيث الاعتماد على القصة داخل قصة يشتغل عليها القاص بدأب فى المجموعة لكنه يطوعها للشكل الحداثى ولا يستنيم للمعالجة القديمة.
تعدنا القصص بإمكانية الوصول لقاعدة رياضية هى الاحتمالات فالقبلة مثلا قد تفضى إلى صلح بين امرأة ورجل، وقد تؤدى إلى الهلاك فى حالة مغايرة.
القصص التى تتناول سيرة إنسان مجهول تتسم غالبا بالسخرية، وهى عن كتبة وصوليين أو رجال أعمال مفسدين أو مثقفين فقراء الروح، وفيها يتم التعامل مع التاريخ الشخصى للشخص بنزعة ساخرة مبطنة بالتعاطف العابر، وهو ما يتردد فى نصوص "الباشا المرمطون" و"هدهدة " و"الدلدول" و"أسود.. أبيض" فكلها تتضمن قص شيئ من السيرة مع الاتكاء على مسألة تسريب حقائق خافية فى قالب فكاهى يقلل إلى حد كبير من مسحة الحزن.