قال هشام عبد العزيز الباحث فى تحقيق التراث والسير الشعبية، إن عبد الرحمن الأبنودى رغم أنه شاعر كبير "يشوه" السيرة الهلالية، ويسىء إليها باعتماده على راوٍ واحد "كبر وبينسى"، وأنه ولو اجتمع ألف فرد لإفساد السيرة الهلالية لما استطاعوا أن يفعلوا شيئاً أكثر مما يفعله التليفزيون المصرى الذى يأتى بشاعر "ينسى"، ويسجلون له فى 300 حلقة باعتباره آخر رواة السيرة الهلالية، و"يخلى الناس تكره" السيرة الهلالية.
وأضاف فى الندوة التى عقدت أمس الجمعة بمقهى نجيب محفوظ بالقلعة للاحتفاء براوى السيرة الهلالية الذى رحل مؤخراً عز الدين نصر الدين، أن أمثاله من رواة السيرة موجودون فى كل مكان، لكن المشكلة أنه توجد نخبة مثقفة تخنقهم ولا تستطيع الوصول على مكانة محترمة بعلمها ونزاهتها، وتلجأ إلى أساليب ملتوية، ورغم ذلك يقال عنهم إنهم أحفاد محمد عبده وجمال الدين الأفغانى، ولكن هذا غير صحيح فى الحقيقة لأنهم غير موهوبين، ومشكلتنا أننا نحاول إحياء كل فاسد فى مصر، مشيرا إلى أن الصعيد الذى أنجب عز الدين نصر الدين وسيد الضوى وجابر أبو حسين أنجب أيضا سيد القرشى والزناتى ابن عز الدين نصر الدين، إضافة إلى أطفال فى سن الرابعة عشر.
وقال عبد العزيز على الذين يتصورن أنفسهم حماة السيرة الهلالية والأدب والفكر، وأن مصر توقفت عند السبعين، أن يراجعوا أنفسهم لأن مصر بها شعراء للسيرة ومفكرون ومثقفون تحت العشرين.
الباحث والشاعر مسعود شومان اتهم أحد الشعراء المنافسين لعز الدين نصر الدين، رفض ذكر اسمه، بالتسبب فى موته قائلا عندما أصيب عز الدين فى الحادث كانت وراءه سيارة تقل شاعراً شعبياً منافساً له، ولما قالوا له "عز الدين بينزف خده فى السيارة بتاعتك"، رفض وقال "متحملش المسئولية دى"، وتركه ينزف حتى الموت.
الدكتور خالد أبو الليل مدرس الأدب الشعبى بجامعة القاهرة، قال إن من حسن حظه أن الرحلة الأولى والأخيرة لعز الدين نصر الدين خارج مصر كانت معه قبل أن يموت بأيام فى الجزائر من 4 إلى 15 يوليو، وأضاف، رجعنا صباح 16 يوليو وتوفى يوم 20 من الشهر نفسه، فالسيرة الهلالية هى الوحيدة الباقية من 12 سيرة التى تروى شفاهية، لأنها الوحيدة التى استطاعت أن تلون نفسها بالعصر الحديث، وقبل أن تتغنى بأمجاد العرب تتغنى بخيبتهم والفساد المستشرى والخيانات المتواجدة فى البيت العربى، ومن هنا اكتسبت هذه الدرجة من البقاء والخلود فى أذهاننا.
وأشار خالد أبو الليل إلى أن السيرة الهلالية تحولت لدى كثيرين إلى سبوبة عند بعض المدعين الذين يوهموننا أنهم يحافظون على الميراث، ولكنهم يضعون العقبات أمام جمعه، ليظلوا هم فقط فى الأضواء ويتكسبون من وراء السيرة من القنوات التليفزيونية، ويدعى أحدهم أنه الوحيد الحامل لها، ولكن عم عز لم يكن واحداً ممن وصل إليهم تسليع السيرة الهلالية، ولم يقل لى فى يوم "هتديلى كام"، وكان عف اللسان واليد وغنياً بالقيم، ومن الشعراء الذين تعلموا منها فروسية أبنائها، وأضافت الباحثة دعاء صالح أن أهم ميزة فيه كشاعر وعيه بدوره وأهميته حتى لو لم يعطه الآخرين قيمته.
حضر الندوة عدد كبير من المثقفين وجمهور محكى القلعة، منهم الشعراء جميل عبد الرحمن ومحمد أبو المجد ويسرى حسان، وقدمت أعضاء فرقة عز الدين نصر الدين أغانى السيرة الهلالية للرواى عزت قرشى، كما تحدث الزناتى عز الدين نصر الدين عن والده قائلا "كان عايز يعمل أساس للسيرة"، وكان يقول لى "ياولدى السيرة مش أطول من العمر".