إذا حدث ذات مرة أنك دعوت ضيفاً ليتناول معك الغداء أو العشاء فى بيتك وبعد أن يغسل يديه بالماء والصابون وينشف يديه ويجلس منتظراً أن يشرب الشاى، فهل من اللياقة والذوق أن تطالبه بدفع ثمن ما أكل وشرب وتكاليف غسيل يديه من ماء وصابون ومنشفة وثمن كوب الشاى الذى سوف يشربه بعد قليل؟ بالتأكيد أن الضيف سيطالع فى الجدران والنوافذ يبحث عن الكاميرا الخفية ويحاول أن يدقق النظر فيك فهل أنت إبراهيم نصر أم أنت حسين مملوك.
والأدهى والأمر عندما يدعو آخرين معك على نفس المأدبة ثم يطالبك أنت بدفع حساب الآخرين أيضاً.
هذا أيها السادة هو بالضبط ما يحدث فى القنوات الفضائية المصرية والتى تعطيك انطباعا بأنها المدافعة عن الإنسان وحقوق الإنسان والحيوان وحقوق الحيوان وبعد مقدمة مثيرة يطلبون من المشاهدين المشاركة فى الحوار بطلب الخط الساخن 17 أو أى تليفون أرضى 0900 والدقيقة بـ جنيه ونصف ويشترك المشاهد فى الحوار ويجرجره المذيع المحنك والخبير فى كيفية "يطلع القرش من بق الأسد" والدقيقة تصبح دقيقتين وثلاثة وأربعة وخمسة وعشرة وذلك كما ذكرنا حسب شطارة المذيع أو المذيعة و"يكع" المشاهد بين 15، 20 جنيها وهو ضيف الحلقة ويشارك بأفكاره وآرائه فى الموضوع وكما يقولون يثرى الحوار وينشط الموضوع ويدفع لتكاليف الحلقة وكذلك تكاليف السادة الدكاترة الضيوف الجالسين مع المذيع أو مقدم البرنامج داخل الأستوديو فهل هذا معقول؟ والذى أعرفه أنه هناك تليفونات مجانية أرضية 0080 وخطوط ساخنة أيضاً مجانية من أى محمول وليست باردة 16 وهى التى يجب أن يتصل بها المشاهدون للمشاركة فى حوار أو للاستفسار أو للسؤال أو للفتوى وهذا دليل أن تلك القنوات هى (سبوبة) وسبوبة كبيرة ومربحة جداً وأرباحها بالملايين وقد يقول قائل ولماذا لا يستفيدون من تلك الاتصالات لتغطية تكاليف القناة من مرتبات وأجهزة وكهرباء، وأسعار وكالات الأنباء غالية وأجرة القمر الصناعى باهظة؟
وأجيب أن من يتقدم لفتح قناة فضائية يجب أن يكون قادراً ولا يكون كالذى يتزوج زوجتين يا إما قادر أو فاجر وللأسف أن أصحاب القنوات الفضائية من النوع الثانى فهو ليس قادراً ولا صاحب فكر ولا قضية ولكن قيل له إن فتح قناة فضائية فيه مكاسب كبيرة فالخطوط الساخنة يسدد بها مرتبات المذيعين والفنيين والتتر المتحرك أسفل الشاشة وأفضل أن يكونا تترين متحركين ليكون المكسب مضاعفا وشوية مسابقات بحيث تكون الإجابات سهلة للمشارك ويعمل لها خطوط خاصة فهذه من ذات المكاسب الرهيبة وذلك لأن المشاركين من الطبقات الوسطى والفقيرة وهم الغالبية العظمى للشعب المصرى ومعظمهم من الحالمين بالثراء فليشارك ربما يفوز بسيارة آخر موديل أو يفوز ببلاى ستيشن 3 لابنه أو 1000 دولار أو 5000 جنيه وخاصة أن الأسئلة سهلة من نوع ما عاصمة مصر؟ من الذى أحرز الهدف؟ ومين اللى سرق الفلوس محمود أبو شفتورة وللا سيد مفك وللا عبد الرحيم سيبك منه؟، وعليه العوض ومنه العوض ودا فيلم إيه؟
وكنا فى قديم الزمان وسالف العصر والأوان نشارك فى البرامج الإذاعية والمسابقات الإذاعية ولكن بالتليفون التابع لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية أو هيئة البريد وأجور هذه المكالمات أو أسعار طوابع البريد كانت تدخل خزينة الدولة لا جيوب مافيا الاتصالات الجدد.
هناك مثل صعيدى جميل يقول: (اللى يفنجر يفنجر من جيبه) فإذا كنت تود أن تكون صاحب قناة ويكون لك شهرة وشنة ورنة فليكن ذلك على حسابك لا على حساب البسطاء وإذا أردت أن تشاركهم فى الحوار وقصدت حشد رأى عام لموضوع ما فلتدفع أنت أجرة المكالمات وإن كان قصدك التربح وبس فلتتجه إلى نشاط آخر يبدأ من تجارة الفلفل الأسود حتى شركات الطيران وأنه لا يجوز وبل إنه ليس من الواجب وبل إنه ليس من المفروض وليس من الوطنية ويعتبر خائنا لوطنه خيانة عظمى من قصد متعمداً التربح من وراء التعليم والإعلام.
ولا أعمم فهناك قنوات فضائية حكومية وخاصة وهى قنوات محترمة وبرامجها دسمة ومفيدة ومعروفة وإن لم تكن تعرفها يا عزيزى القارئ فأنا أدعوك لجولة بالريموت كنترول على القنوات هذا المساء وهى لا تعتمد على نظام الشحاتة (كسرة خبز وأنا سيدك) فهى لديها تليفونات عادية وإذا احتاجوا مشاركة من الجمهور فيتصلون بهم ولا يكلفونهم جنيها واحداً وليس لديهم خطوط ساخنة وهى فى الحقيقة باردة جداً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة