فى تعليقها على الحكومة الإيرانية الجديدة التى تم التصديق عليها أمس الخميس، ذهبت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية اليوم إلى أن هذه الحكومة التى تبدو متماسكة ظاهرياً ما هى إلا واجهة تخفى ورائها العديد من العثرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد قد نجح أخيراً فى تمرير غالبية حكومته الجديدة بعد أربعة أيام من النقاش الساخن، حيث صدق البرلمان بالثقة أمس على 18 وزيراً من أصل لائحة تضم 21 وزيراً تقدم بها الرئيس الإيرانى، من بينهم مرضية دستجيردى "وزراة الصحة"، التى أصبحت أول وزيرة منذ الثورة الإسلامية عام 1979. لكن هذا التماسك والاتحاد الظاهرى لهذه الحكومة يخفى فى باطنه العديد من العثرات، إذ لم تشهد من قبل حكومة إيرانية كل هذا الكم من المناقشة والجدل.
ونقلت الصحيفة عن عالم الاجتماع الإيرانى سعيد مدنى، قوله إن يد المرشد الأعلى على خامينى تلوح وراء هذا التماسك الخارجى الذى ظهر فى آخر لحظة. فقد فضل مكتب المرشد الأعلى إعطاء الأوامر بالتصديق على غالبية المرشحين، لأن رفض الأسماء التى تقدم أحمدى نجاد كان من شأنه إضعاف الرئيس الإيرانى والعمل على تعزيز الأزمة السياسية الحالية التى تمر بها البلاد، خاصة وأن الكثير من النواب داخل البرلمان قد اعترضوا بشدة على بعض تلك الأسماء خلال المشاورات البرلمانية التى بدأت الأحد الماضى، والتى كان من ضمنها مسعود مير كاظمى، المرشح لوزراة النفط الاستراتيجية، الذى اعتبره النواب غير كفء لتولى هذا المنصب، والذى حصل على ثقة البرلمان بشأنه على الرغم من ذلك.
ومن بين أكثر الاختيارات المثيرة للجدل داخل الحكومة الجديدة، جاء اختيار مصطفى محمد نجار لوزارة الداخلية، على الرغم من قلق الإصلاحيين، حيث إنه كان ينتمى سابقاً للحرس الثورى، ومن ثم وبحكم منصبه الجديد سيكون مسئولاً عن تنظيم الانتخابات البلدية وانتخابات المحافظات فى إيران.
وتنقل الصحيفة رأى أحد المصادر الإيرانية حول اختيار الحكومة الجديدة والذى يؤكد: "نحن نواجه الآن ما كنا نخشاه، وهو تشكيل حكومة جديد تتألف من رجال موالين لأحمدى نجاد، كانوا ينتمون سابقا للميلشيات الإسلامية ومن أعضاء فى أجهزة مخابرات موازية، تنقصهم الكفاءة بشكل أكيد".
ثم تشير الصحيفة إلى التحديات العديدة التى تنتظر الحكومة الجديدة، فإذا كان الشارع الإيرانى قد صمت مؤخراً، فإن المعارضة ضد أحمدى نجاد لم تقل بعد كلمتها الأخيرة. لا سيما وأن الإصلاحيين مير حسين موسوى ومهدى كروبى، المرشحين الرئيسيين فى الانتخابات الرئاسية فى 12 يونيو الماضى، مستمران فى التنديد بـ"تزوير الانتخابات" والقمع الذى مارسه النظام فى أعقاب إعلان النتائج.
كما أن المناقشات البرلمانية قد كشفت بدورها عن انشقاقات كبيرة داخل تيار المحافظين نفسه. ويعلق أحد الصحفيين الإيرانين بصحيفة "همشهرى" قائلاً: "إذا تم استبعاد الإصلاحيين فى نهاية المطاف من السلطة، سوف يظهر هذا الانقسام بصورة أكثر وضوحاً بين المؤيدين والمعارضين لأحمدى نجاد أحمدى".
أما بالنسبة للوضع على الصعيد الدولى، فالنهاية تقترب بسرعة كبيرة، حيث تنتهى مهلة اليد الممدودة التى منحها الرئيس الأمريكى باراك أوباما لطهران بنهاية شهر سبتمبر. هذا فى الوقت الذى حذر فيه بالأمس أحمدى نجاد فى لهجة لا تخلو من التحدى: "ما من أحد قادر على فرض عقوبات ضد إيران"، كما وصف الرئيس الإيرانى، الذى سيتوجه قريباً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تصويت البرلمان بالثقة على الحكومة بأنها "صفعة ضد القوى القمعية"، وفى مقابل ذلك، فهناك تدابير انتقامية جديدة على الصعيد الاقتصادى تلوح فى الأفق ضد إيران.
جانب من تقرير لوفيجارو
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة