اتفق باحثون سياسيون فى شأن الإسلام السياسى على أن الإخوان لديهم مأزق كبير بسبب عدم قدرتهم على حل ما بين تواجدهم ضمن مجتمعات غربية بأطر سياسية خاصة، واحتفاظهم بأطروحاتهم التى لا تتناسب وفق هذه البيئة الغربية، وهذا المأزق تسبب فى أنهم تحولوا إلى أن يكونوا وسطاء وقيادات محلية تبحث عن أن تكون صلة وصل بين المجتمع المسلم والحكومات فى الغرب.
وبناء على ما طرحه باحثون سياسيون فى ندوة بالمركز الثقافى الفرنسى مساء الثلاثاء الماضى حول "التحديات الجديدة التى تواجه المسلمين فى أوروبا"، بالاشتراك مع شبكة إسلام أون لاين، فإن أوروبا تواجه الإسلام والمسلمين هناك بأطر عقائدية وحضارية أحيانا، وبمصالح وتوجهات سياسية برجماتية أحيانا أخرى، وعليه فرد الفعل والتوجه العام للرأى العام الإسلامى يختلف من قضية لأخرى، وضربوا مثالا على هذا بمبادرة رفض المآذن فى سويسرا، وقانون ساركوزى فى فرنسا لمنع الحجاب.
واعتبر باتريك هاينى، الباحث السويسرى فى شئون المجتمعات الإسلامية، أن الإخوان المسلمين فى الغرب فى مأزق حقيقى لا هم قادرون على أن يتحولوا لقيادات سياسية فاعلة فى مجتمعاتهم ولا هم قادرون على التحول للدعوة التى كسبتها منهم الجماعة السلفية، خاصة وأن السلفيين فى أوروبا مغلقون، لأنهم يريدون تقوية الإيمان الداخلى فقط، ويهتمون بجذب الناس من التيارات الأخرى إليهم على أساس عقائدى، لكنهم لا يتعاملون مع المجتمع الأوروبى بمنطق الفتح للإسلاميين لبلاد الغرب، ولكن بمنطق التعايش والتعاون، ومع هذا فتمثل الدعوة السلفية، حسب باتريك، خطرا ورعبا للتيارات الأخرى.
فهم غير قادرين فى الوقت الحالى على تنفيذ مشروع التوسع والاندماج فى المجتمع الأوروبى، لأن أطروحتهم غير صالحة للبيئة الأوروبية، فى حين رأى أن السلفيين يعيشون منعزلين فى المجتمع، ولا يهدفون إلا لتقوية الإيمان فى قلوبهم.
وذكر الباحث السويسرى الذى أصدر عدة كتب فى شأن الحركات والجاليات الإسلامية أن السلفيين مقتصرون على العمل الدعوى للإسلام كدين فقط وتقوية الإيمان.. ويسحبون المسلمين الآخرين من العمل السياسى، لذلك يمثلون هم الخطر الأكبر على الإخوان، وليس العكس فى أوروبا"، فالسلفيون لا يقدرون على بناء مشروع توسعى للاندماج والتأثير فى الغرب.
ولم يعد فى أوروبا مؤشر على التوسع والانتشار والاندماج الإسلامى يواجه الإسلاموفوبيا، وما يحدث فى بعض الدول، مثل حظر بناء المآذن فى سويسرا، والنقاب فى فرنسا والحجاب فى عدد من الدول الأوروبية.
فيما شدد نبيل عبد الفتاح الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية ومدير مركز التاريخ، على ضرورة ظهور اتجاه إيجابى للاندماج فى المجتمع الغربى، مع ضرورة تفكير الإسلاميين فى إصلاح الخطاب الدينى والتجديد للطريقة التى يتم التعامل بها ضمن مؤسسات وهيكل الدولة، والحفاظ على الخصوصيات للدولة العلمانية التى تتميز بها الدول الأوروبية، مع التركيز على حق المسلمين كغيرهم من المواطنين فى إقامة شعائرهم وحريتهم للاعتقاد بدون التأثير على قوانين الدولة أو اختراقها.
بينما أوضح حسام تمام، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية والمعتمد بالمركز الثقافى الفرنسى، أن الوقت الحالى يشهد معارك ثقافية بين الغرب والعالم الإسلامى، فى ظل الصراعات والاستفزازات، مثل عرض فيلم (فتنة) على الإنترنت بهولندا للنائب البرلمانى فيلدرز، ونشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبى محمد، صلى الله عليه وسلم، بالدنمارك، وحادث اغتيال مروة الشربينى بأوروبا، ومن هنا فكل القضايا المتعلقة بالإسلاموفوبيا تجد استجابة سريعة فى الغرب، لذا أقترح أن يتيح الإعلام العربى والإسلامى المعلومات الأساسية والدقيقة التى لا تثير مشاعر المسلمين بشكل أكبر من المشكلة الحقيقية، وذلك لتجنيب العالم الإسلامى المعارك، وإتاحة النصوص لكل الأطراف، وعمل دليل أخلاقى لتفادى الصراعات وحتى لا يحدث استنفار فى غير محله.
وضرب أمثلة بتعامل الصحف ووسائل الإعلام العربية مع مبادرة حظر المآذن بسويسرا بشكل عاقل ومتزن، وعرض مثالا لبعض عناوين الموضوعات المتعلقة بهذه القضية، وخلافا لهذا كانت ردود الفعل على الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول، صلى الله عليه وسلم، ومنع الحجاب فى فرنسا فى ذات التوقيت مختلف، والسبب أن ما حدث فى سويسرا كان محركه أطارا سياسيا وتوجها يمنيا لا يعبر عن الدولة الرسمية ومؤسساتها، كما لا يمس أساس وحرية الدين كمعتقد، وإن كان من الفرعيات المختلف عليها بين المسلمين أنفسهم، أما فى الرسوم الدنماركية والحجاب فعبر هذا عن تكتل رسمى ضد المسلمين وضد الدين الإسلامى كعقدية وتوجه عقائدى قبل أن يكون سياسيا، بالإضافة إلى رأس الدولة "ساركوزى" فى فرنسا هو الذى يصر على تمرير القانون.
خبراء: الإخوان فى أوروبا لديهم مأزق والسلفيون سحبوا من تحتهم بساط الدعوة
الأربعاء، 30 سبتمبر 2009 08:15 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة