محمد حمدى

اليسار العربى.. هل قادر على النهوض؟

الأربعاء، 30 سبتمبر 2009 07:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل نحو شهر أصدر نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كتابا بعنوان" اليسار العربى رؤيا النهوض الكبير.. نقد وتوقعات"، ويقع الكتاب فى خمسة فصول تحوى معالجة مطولة لواقع اليسار العربى وأزمته ودوره وفعاليته النظرية والسياسية، وقراءة متغيرات العالم، وانعكاساتها على مجمل الحالة العربية، فكريا ونظريا، وعلى اليسار العربى بشكل خاص، إضافة إلى رؤية حواتمة لتطوير النظام السياسى الفلسطينى، ومعالجة الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، وتوحيد اليسار الفلسطينى، وتطوير الفكر الماركسى بتطور وقائع الحياة والاكتشافات العلمية وتراكم الخبرات الميدانية، مع إطلالة على واقع اليسار العربى، من خلال الجبهة الديمقراطية فى أربعين عاما.

وقبل أيام استضافت دمشق اجتماعا استثنائيا للأحزاب الشيوعية فى العالم، شاركت فيه أحزاب من 45 دولة، بالتزامن مع الصعود الكبير للأحزاب اليسارية فى أمريكا اللاتينية قبل عدة أعوام، مما يعطى إشارات على مراجعات داخل قوى اليسار العالمية، ورغبة فى العودة أكثر قوة على مسرح السياسة الدولية والعربية.

ورغم أن حركة اليسار فى العالم أصيبت بضربة قاصمة عقب انهيار الاتحاد السوفيتى السابق عام 1991، فى أعقاب المراجعات التى أجراها الرئيس السوفيتى السابق ميخائيل جورباتشوف، لكن محاولات إعادة إحياء أو بعث قوى اليسار لم يكتب لها النجاح فى نهاية القرن العشرين، بسبب التحديثات التى أدخلها المفكر البريطانى أنتونى جيدنز على الرأسمالية بأفكاره التى عرفت باسم الطريق الثالث.

وتبنى الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير هذه الأفكار بشكل واسع لخلق ما يعرف بالرأسمالية الرحيمة، بالجمع بين أهم ما يميز الرأسمالية وهو حرية السوق، وأهم ما يميز الاشتراكية وهو العدالة الاجتماعية.

وأدت هذه الأفكار إلى تراجع كبير لليمين الكلاسيكى فى أوروبا وأمريكا، لصالح اليسار الغربى الأوروبى الجديد الذى اندفع فى توقيت واحد ليسيطر على الحكم فى خمس عشرة دولة أوروبية.. لكن الغريب أن اليسار العربى التقليدى ظل بعيدا عن التغييرات التى تحدث فى أوروبا وأمريكا، ربما لأن تطوير الأفكار اليسارية جاء هذه المرة من الغرب وليس من الشرق كما اعتدنا!

لكن العالم الذى بدا أكثر إنسانية، "أو هكذا جرى تسويقه فى ظل تحالف كلينتون بلير المدعوم أوروبيا" سرعان ما تعرض لنكسة كبيرة بصعود اليمين المسيحى فى الولايات المتحدة أو ما يعرف باسم المحافظون الجدد، مما خلق رياحا يمينية عالمية ضربت العالم كله، وساهمت فى صعود اليمين الدينى والسياسى فى الكثير من الدول العالم، قاضيا بذلك على انتعاشة اليسار الأوروبى الجديد، أو أى محاولة لسيادة رياح الاعتدال فى العالم الثالث المكتفى منذ سنوات بسياسة رد الفعل دون أى جهود لتطوير أفكاره ومسلماته السياسية.

ورغم كتاب نايف حواتمة والكثير من الكتابات الأخرى والمؤتمرات والمراجعات فإن اليسار العربى لا يزال تائها، وربما فى جانب كبير منه نخبوى بعيد عن الشارع الذى يموج بالحركة ويسعى إلى التغيير، ويبدو أن اليسار العربى غير قادر على مواكبة هذه التغييرات، لأن قياداته فى معظم العالم العربى لا تزال تنتمى إلى حقبة الاتحاد السوفيتى السابق.. تحافظ على أفكار قديمة وغير قادرة على تطوير مثل هذه الأفكار أو ابتكار آليات مختلفة للتعاطى مع عالم تغير كثيرا.. وشوارع عربية لم تعد كما كانت فى الستينات والسبعينات، وبالتالى يمكن أن نغير عنوان كتاب نايف حواتمة من رؤية النهوض الكبير لليسار العربى إلى تساؤل: هل اليسار العربى قادر على النهوض؟!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة