(( يا أماه أتمى صلاتك
و لا تبكى بل اضحكى
وتأملى.. ألا تعلمين أن إيطاليا تدعونى
وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحا مسرورا
لأبذل دمى فى سبيل سحق الأمة الملعونة
ولأحارب الأمة الإسلامية
سأقاتل لمحو القرآن
وإن لم أرجع فلا تبكى على ولدك
وإن سألك أحد عن عدم حزنك على
فأجيبيه إنه مات فى محاربة الإسلام !))
هذا مطلع الأغنية التى كان يغنيها الجنود الطليان أثناء الذهاب لاحتلال ليبيا، وهى تكشف عن عقيدة الغرب الأوروبى تجاه الإسلام داخل القارة الأوروبية، منذ أن خرج الملك أبوعبد الله الصغير ابن عائشة الحرة، آخر ملوك الأندلس مطروداً منها، بعد سقوط غرناطة فى يد فريننادو وإيزبيلا، وقد يكون قبلها منذ الحروب الصليبية، وقد تكون منذ ظهور الإسلام. ولكن الحقيقة التى لا تقبل الشك أن العداء الأوروبى للإسلام لم يهدأ منذ فتح القسطنطينية وحتى الآن.
ولذلك لا تكف الدول الغربية عن انتهاج سياسات معادية للإسلام والمسلمين وبتشجيعها لوسائل الإعلام بإظهار العداء للمسلمين وتصويرهم بمظهر التخلف والبربرية والتحريض عليهم ليل نهار، مما أدى إلى خلق أجواء معادية للإسلام فى المجتمعات الغربية أدت إلى انتشار ما يسمى الخوف من الإسلام "فوبيا الإسلام".
إن هذا الخوف غير المنطقى مبنى على تاريخ مرضى مزور جاء نتيجة التحريض المستمر من السياسيين ووسائل الإعلام الغربية، وهو منتشر بين الغربيين وبشكل متنامى وبتسارع رهيب نتيجة لسياسات تلك الدول، التى تريد أن تحافظ على هويتها، ولكى تخلق عدواً تستطيع من خلاله أن تسيطر على شعوبها وتقنعهم بسياساتها الاستعمارية وبصحة مبدأهم وبنفس الوقت لتحافظ على مجتمعاتها من الأسلمة، حيث يتوجه الغربيون وبشكل كبير نحو اعتناق الدين الإسلامى، فإذا ما علمنا أنه يعتنق الديانة الإسلامية يومياً فى أوروبا 63 شخصا وأعداد كبيرة بكل من روسيا وأمريكا والأعداد بتزايد، مما خلق هستيريا عند السياسيين ورجال الدين فى الغرب، فما كان منهم إلا التحريض ضد المسلمين فى داخل بلادهم، وفى أنحاء العالم ورسم صوره مشوهة له.
وبالفعل انتشر الخوف عند الغربيين نتيجة الحملة الإعلامية والسياسات الحكومية والقوانين المتشددة التى تسن كل يوم للتضييق على المسلمين، إما" الاندماج أو الرحيل"، وهذا ما صرح به جاك سترو الوزير البريطانى قائلاً "نريد المسلمين البريطانيين ونظراءَهم من الأوروبيين الآخرين أن يصبحوا أكثر اندماجاً فى طراز معيشتنا الديمقراطية، وستظهر مع مرور الوقت الضرورة الملحة للإسلام الأوروبى".
وما سن قوانين منع الحجاب بفرنسا وقوانين ما يسمى مكافحة الإرهاب ببريطانيا وأمريكا وغيرها إلا دليل على ذلك، وكل ذلك جعل المواطنين بتلك البلاد بالبعد عن المسلمين وازدرائهم وفى بعض الأحيان الاعتداء عليهم. إن أحداث الحادى عشر من سبتمبر وتفجيرات لندن ومدريد، ورغبة تركيا فى الانضمام إلى الاتحاد، قد خلقت مشاعر واضحة ضد كل ما هو إسلامى، نفذت إلى كل قطاعات المجتمعات الأوروبية.
ولذلك أخذ كل فرصة ليرفض وبازدراء الهجرة من العالم الإسلامى، ولرفض دخول تركيا فى الاتحاد، لدرجة أن وزير الخارجية الألمانى السابق (كلاوس كنكل) كان أول مسئول أوروبى يصرح بأن " تركيا لا يمكن أن تكون عضواً فى نادى البلدان المسيحية الذى يمثله الاتحاد الأوروبى ".
وهكذا تم وضع حاجز الكراهية الذى نصبته أوروبا لمنع ارتقاء تركيا وبلاد المغرب، بحيث أصبح من الصعب وجود أى تقدم فى هذا الصدد . وأنه لمن التهور الآن أمام هذه الدول الإسلامية أن يستمروا بجهودهم لجعل بلادهم جزءا من اتحاد يشتم الإسلام.
وإذا تأملنا بعض النماذج من حملة التحريض ضد المسلمين عامة وبالغرب خاصة ما تقوم به إذاعة فوكس، حيث يبث يومياً برنامج يستمع إليه الملايين من الأمريكيين يحمل اسم "الأمة المتوحشة"، وهو مخصص للإساءة للمسلمين يقدمه مايكل سافدج، وهو من أشهر المذيعين الأمريكيين الذى قال عقب فضيحة أبو غريب "إن الجنود الذين قاموا بذلك يجب أن يحصلوا على ميداليات لا أن يعاقبوا على ما فعلوه"، ويضيف "أننى لن أضع زوجتى فى حجاب ولن أضع ابنتى فى النقاب ولن أجلس على أربع وأصلى ووجهتى إلى مكة، ويمكنكم أيها المسلمون أن تموتوا إن لم يكن هذا يعجبكم.. لا أريد أن اسمع بعد الآن عن الإسلام لا أريد أن اسمع كلمة واحدة عن الإسلام فلقد سئمت منكم".
وكتب باتريك دكليرك مقالا فى صحيفة لوموند الفرنسية قال فيه "إنى أكره الإسلام"، كما اعتبر الروائى ميشال هولبلك "الإسلام الدين الأكثر سخافة"، ويقود اليهودى ديفيد هورويتز حملة فى الجامعات الأمريكية تحت عنوان "التوعية بالفاشية الإسلامية"، وهناك منظمات أوروبية تطلق حملات تحت عنوان "أوقفوا الإسلام بأوروبا"، وفى هولندا قال جريت فيلدرز رئيس حزب الحرية، "إن هذا الكتاب ) القرآن الكريم) كان يجب حظر تداوله على غرار الحظر المفروض على كتاب "كفاحي" الفاشى لأدولف هتلر، وهذه تصريحات البابا حين قال "الإسلام جاء بكل ما هو سيئ وغير إنسانى وأن الإسلام انتشر بالسيف".
وهذه زوجة رئيس الوزراء البريطانى السابق "شيرى بلير"، حيث علقت بصراحة فى أحد المؤتمرات الصحفية وقالت "لا أظن أن هناك أكثر تعبيراً عن اضطهاد المرأة من غطاء الوجه". وشاركتها فى الرأى بشكل واضح المرشحة للرئاسة الفرنسية "جين-مارى لى بن" بتصريحها عن ارتداء الخمار والجلباب قائلة "هذا شيء جيد، لأنه يحمينا من النساء القبيحات". والمعلق الروسى الشهير فاسيليف يقول: "إن أمريكا الآن تنظر إلى العالم الإسلامى بوصفه إمبراطورية الشر الجديدة".
هذه هى أخلاق الغرب وألفاظه الحاقدة على الإسلام. هذا الشجب للرداء الإسلامى المخصص للمرأة المسلمة قد تنافس فى شدته الصحفيون الغربيون المشهورون، فقد كتبت بولى توينبى فى مقالتها «خلف النقاب» فى صحيفة الجارديان البريطانية، تقول: إن الغطاء من الرأس للقدمين، الذى يمنع الهواء، هو أكثر من أداة للتعذيب، إنه مدنِّس لنشاط المرأة الجنسى. إنه يحول أى امرأة إلى شىء مدنس يدعو للاشمئزاز ولا يمكن لمسه… إنه كساء يظهر شناعة الإثارة الجنسية، وإنه يتوقع منها العنف والاستبداد".
وهذه الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام تندرج تحت هذا الهدف أيضا، هذا من ناحية التحريض والكراهية ضد المسلمين التى تنتهجها الحكومات الغربية وتشجعها تحت شعار حرية الرأى والتعبير .
إن الخوف الذى يسيطر على الساسة الغربيين ورجال الدين هو الإسلام المتطرف الذى يدعو إلى وحدة المسلمين وإقامة الخلافة، أما الإسلام المعتدل فهم يشجعونه ويدعمونه بكل ما أوتوا ليقف بوجه الإسلام المتطرف كما يصفونه.
كتب تشارلز مور فى الدايلى تلجراف مشيرا إلى أن المسلمين المعتدلين "يرتعبون من حكم الإسلاميين المتطرفين على إيمانهم والكيفية التى يحرفون بها إيمانهم،" لذلك فهم أكثر الناس خوفا من الإسلام المتطرف، أى المعتدلين.
إن علاج الغرب من فوبيا الإسلام، لا يأتى من خلال الدفاع العقيم عن الإسلام ولا بالفتاوى على مقاس الغرب ولا بحوار الأديان ولا بإظهار تسامحنا وطيبة قلوبنا، العلاج لا يأتى إلا من خلال تطبيق الإسلام فعلياً فى العالم الإسلامى أولاً ومن ثم حمله رسالة عالمية للبشرية ليطبق عليهم، وبذلك يشعر الغربيون بعدالته حين يلمسونه ويخرجهم من شقاء الرأسمالية إلى نور الهداية .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة