تنذر الشهور القادمة بحدوث مأساة خطيرة فى مصر قد يذهب ضحيتها طلاب المدارس والجامعات، إذا صدقت التوقعات العالمية بتفشى مرض أنفلونزا الخنازير بصورة وبائية وتزايد خطورة الفيروس المسبب للمرض نتيجة تحوره المستمر خلال الشتاء القادم، ومما يزيد من خطورة الوضع أن 75% من حالات الإصابة الجديدة فى مصر هى حالات وبائية داخلية، وأن نسبة زيادة الإصابات تقارب 30% شهرياً، ولا يمكننا الاطمئنان بسبب الانخفاض الشديد فى نسبة الوفيات حتى الآن، لأن عدد الإصابات مازال أقل من إمكانيات الحكومة، والخطورة الحقيقية تكمن عندما تزداد أعداد الإصابات بنسبة كبيرة لا تستطيع معها الحكومة توفير العزل والعلاج لها، ولقد اقترحت بعض الأصوات الحكومية بالفعل علاج الحالات الجديدة داخل منازلها بعيداً عن العزل الوقائى والعلاج المنتظم داخل المستشفيات، لذلك يبدو أن سلوك الحكومة فى مواجهة الأزمة لا يتصف بالحكمة والجدية، ولعل قرارات اللجنة المشكلة من وزارتى الصحة والتعليم تؤكد السطحية والعبثية فى مواجهة الأزمة، حيث اقتصرت التوصيات على نظافة دورات المياه بالمدارس وتوفير المياه النظيفة والأقنعة للطلبة والمعلمين، ولم تتطرق لمعالجة عدم استيفاء الفراغات التعليمية فى المدارس والجامعات للشروط الوقائية من جهة المساحة والتهوية، ولم تطلب دراسات علمية عن توقعات انتشار المرض بين طلاب المدارس، بل إنها لم تتطلع على الدراسات التى تمت فى أوروبا وأمريكا، ولكنها اكتفت بتوصية الإدارات التعليمية بالتعامل مع الحالات المستجدة التى تظهر على الطلبة خلال الموسم الدراسى الجديد، ومتابعة الحالات فى منازلهم والمستشفيات، ويكفى تهاوناً واستهتاراً من الحكومة أنها قررت المخاطرة وبدء الدراسة قبل توفير مصل المرض، فى حين تم إغلاق بعض المدارس فى البلاد مثل اليابان وكندا وارتفعت أصوات العلماء والخبراء فى الولايات المتحدة بضرورة إغلاق المدارس لكسر سلسلة انتشار المرض وكسب الوقت حتى يتم إنتاج لقاح المرض بتكلفة معقولة وكمية كافية، وتشير إحدى الدراسات من قسم علم الأوبئة والأمراض المعدية فى أمبريال كولدج فى لندن إلى حدوث انخفاض فى نسبة الإصابة 45% فى ذروة انتشار أنفلونزا الطيور عندما تم إغلاق المدارس، وذكرت دراسة فرنسية حديثة أن إغلاق المدارس يمكن أن يقلل من حالات الإصابة بأنفلونزا الخنازير بنسبة 13% إلى 17% بشكل عام، وبنسبة تتراوح بين 38% و45% خلال ذروة تفشى المر ض، وتم توضيح دائرة انتقال العاملين معهم فى مقار أعمالهم ثم إلى أفراد أسرهم مرة أخرى ولا يخفى على أحد إمكانية تضاعف هذه النسب فى الدول النامية مثل مصر!
لذلك ندعو إلى تأجيل بدء الدراسة لحين توفير لقاح المرض وتحصين الطلاب، ويبدو أن اتخاذ هذا القرار من الأعمال الحكيمة التى غالباً ما تنتظر القيادة السياسية لاتخاذها، وكأنها الوحيدة الحريصة على مصلحة هذا الوطن.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة