أكرم القصاص - علا الشافعي

حمدى رزق

عبور الروح

الخميس، 03 سبتمبر 2009 12:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يكتب المفكرون والمثقفون كثيراً فى السنوات الأخيرة عن‮ "‬روح العبور"‬،‮ ‬يقصدون بها روح أكتوبر العظيم‬،‮ ‬التى أتاحت لمصر والمصريين النصر‬،‮ ‬ورفعت الرؤوس‮‬،‮ ‬وأقامت الظهر المكسور وأعادت العزة للقلوب‮.

ونحن معهم نكتب ونؤكد افتقادنا هذه الروح‮‬،‮ ‬غير أن أحداً لم‮ ‬يكتب عن‮ "‬عبور الروح‮"! ‬وليس فى الأمــر سفسطة ولا شقشقة بالكلمــات والألفـــاظ‮،‮ ‬بل نكتــب عن فارق جوهرى بين مصطلحين‮‬،‮ ‬فارق‮ ‬يحرمنا‮ - ‬إذا لم نكتشفه‮- ‬من استرداد روحنا مرتين فى السنة بدلاً‮ ‬من مرة واحدة‮‬،‮ ‬فنحن حين نحتفى بذكرى العبور المجيد فى السادس من أكتوبر من كل عام‮‬،‮ ‬نسترد روح النصر ونستنشق نسائمه،‮ ‬فلماذا‮ ‬يمر العاشر من رمضان من كل عام هكذا‮،‮ ‬بلا حس ولا خبر؟ أليس هو نفسه‮ ‬يوم النصر بالتاريخ العربى الهجرى؟ فى أكتوبر عبر الجنود البواسل‮‬،‮ ‬وفى رمضان عبرت الروح وانفلتت من قيودها‮.‬

كان الأبطال صائمين‮‬،‮ ‬مسلمين ومسيحيين‮‬،‮ ‬لم‮ ‬يفرق أحد بينه وبين زميله القبطى الذى كان مثله عطشاناً فى قيظ سيناء‬،‮ ‬وكان‮ ‬يراعى شعور أخيه الجندى المصرى المسلم الصائم عن الزاد والماء‮‬،‮ ‬وفى حين أذان المغرب‮‬،‮ ‬كان الكل‮ ‬يصلى لله‮‬،‮ ‬وكان النصر حليفاً لمحمد وأحمد وجورج وألبير على حد سواء‮.‬

فى نهار رمضان الذى تخيل فيه العدو أن جنودنا‮ ‬يترنحون من تعب الصيام‮،‮ ‬فوجىء بهم‮ ‬يدكون مواقعه بالطيران المصرى ويشلون حركته بتلك الضربة التى قادها الرئيس حسنى مبـــارك ففتحت أبواب النصر على مصراعيه‮.

فوجىء العدو بالصائمين من جند مصر‮‬،‮ ‬خير أجناد الأرض‮‬،‮ ‬المرابطين إلى‮ ‬يوم القيامة، كما قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم‮،‬‮ ‬يعبرون القناة ويحطمون خط بارليف الحصين المزعوم،‮ ‬وينسابون على رمال سيناء المشتاقة إلى مصر‮‬،‮ ‬يحررونها من دنس الاحتلال‮،‮ ‬كانوا ظمأى من الصيام‮.. ‬نعم‮‬،‮ ‬ولكنهم رووا الأرض المتعطشة للحرية بدمائهم التى جادوا بها وهم‮ ‬يهتفون‮: ‬الله أكبر‮.‬

فى‮ ‬يوم‮ "‬الغفران" ‬اليهودى‮‬،‮ ‬لم‮ ‬يغفر المصرى المقاتل فى‮ ‬يوم العاشر من رمضان المجيد خطيئة الاحتلال الإسرائيلى‮‬،‮ ‬رفع المقاتل شعار‮ "‬النصر أو الشهادة‮" ‬مثلما رفعه المسلمون الأوائل‮‬،‮ ‬تحت راية النبى صلى الله عليه وسلم فى‮ ‬يوم بدر فى‮ ‬17‮ ‬رمضان‮‬،‮ ‬فتحقق النصر فى بدر وتحقق فى العاشر من رمضان‮.

إنها الروح الحقيقية للإسلام‮‬،‮ ‬دين السلام‮‬،‮ ‬الذى‮ ‬يقاتل فقط دفاعا عن الحق‬،‮ ‬فإن كان القتال فى رمضان‮،‮ ‬شفت الروح‮‬،‮ ‬وسمت النفس‮‬،‮ ‬وتخلص الجسد من عبء الطعام والشراب والغريزة‮،‮ ‬فتأتيه القوة من كل طرف‮‬،‮ ‬تتضاعف معها العزيمة‮،‮ ‬فتنصب فى قبضة اليد على السلاح المقاتل‮‬،‮ ‬فيتحقق النصر ساطعاً كالشمس فى نهار العاشر من رمضان‮.. ‬هذه هى الروح التى عبرت فى اليوم العاشر من هذا الشهر الكريم‮.

كانت الروح المصرية تعذبت كثيراً بعد‮ ‬5‮ ‬يونيو‮‬،‮ ‬ظلت ست سنوات حبيسة‮ ‬يوم تنتظره مع كل طلعة فجر‮‬،‮ ‬كان اليأس قد أخذ‮ ‬يتسلل إلى القلوب من‮ ‬يوم النصر المرجو‮،‮ ‬وبات السؤال‮: ‬هل حقا سنقاتل؟ هل حقا ستتحرر الأرض؟

وجـــاء‮ ‬يوم العاشر من رمضــان لترتد الروح إلى الجسد المصــرى‮،‮ ‬ولترفرف رايـات النصــر‮‬،‮ ‬فتعــود الآمال من جديد إلى العقل المصرى‮‬،‮ ‬فى نهضة جديدة،‮ ‬تنمية شاملة‮‬،‮ ‬مجتمــع حر ناهض‮،‮ ‬حرية فى القول والإبـــداع‮‬،‮ ‬وإرادة صلبة داخليــا وخارجيا لا تلين لها قناة‮.‬

بسم الله‮،‮ ‬الله أكبر بسم الله‮.. ‬هكذا قالت الأغنية العظيمة الشهيرة فى‮ ‬يوم العاشر من رمضان‮،‮ ‬تجلت فى هذا الشهر‮ - ‬وهذا اليوم خصوصا‮ - ‬إرادة هذه الأمة فى التحرير وفى الحرية‮،‮ ‬وعادت الروح‮‬،‮ ‬التى حين عبرت القناة‮،‮ ‬إنما عبرت مانعا نفسيا وتاريخيا كان‮ ‬يراد لها أن تظل حبيسة له دهرا لا أول له ولا آخر‮.‬

‮ ‬عبرت الروح المصرية‮‬،‮ ‬انطلقت‮،‮ ‬حلقت‮،‮ ‬وهى إلى اليوم منطلقة محلقة بفضل النصر الذى تحقق فى‮ ‬يوم العاشر من رمضان‮،‮ ‬مهما حاول المكايدون والموتورون والمندسون أن‮ ‬يعرقلوا هــذه الروح‮،‮ ‬هى منطلقة رغم أنوفهم‮،‮ ‬منهم من هو بين صفوفنا‮ ‬يعمل كالسوس فى الخشب،‮ ‬ومنهم من هو فى الخارج‮ ‬يكيد ويدبر فيمحق الله تدبيره‮.‬

أليست هذه الروح جديرة بأن‮ ‬يحتفى بها؟
أليس نصر رمضان‮ - ‬أكتوبر‮،‮ ‬جديراً بالاحتفال به مرتين فى العام؟
إن افتتاح كوبرى المريوطية الجديد،‮ ‬والذى‮ ‬يقود ثورة فى المرور المصرى ويسهم فى تخفيف القيود والضغوط المعرقلة للتنمية‮‬،‮ ‬له مغزى كبير إذ‮ ‬يتم فى ذكرى العاشر من رمضان‮‬،‮ ‬إنه نصر فى ذكرى النصر‮‬،‮ ‬يستحق الاحتفاء والتحية ويحيلنا إلى ذكريات عبور الروح‮.‬

إن دماء الشهداء الزكية،‮ ‬التى روت أرض سيناء تستحق تحية صادقة فى هذا اليوم المجيد من الشهر الكريم. تحية عطرة لأبطال النصر ولشهدائه فى‮ ‬يـــوم العاشر من رمضان‮.‬








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة