عبد الناصر عبد الرحيم يكتب.. الكساح

الخميس، 03 سبتمبر 2009 10:44 م
عبد الناصر عبد الرحيم يكتب.. الكساح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أى وسط من أوساط الحياة هناك الأنصاف وهناك الأشباه، وهؤلاء استهواهم مجال معين فهموا ليخوضوا مع الخائضين.. وانغمسوا بينهم حتى النخاع، باحثين عن اسم، أو مركز ليكون سلاحاً يواجهون به عقد النقص ويقاومون به جحافل الدونية المعششة فى وجدانهم..

هؤلاء يتبوأون الوسط الذى يريدون، يزاحمون، ويندسون كالسم فى الجسم، ولا يقصيهم عن أهوائهم إلا الموت.. لهذا السبب فإن المتتبع لحياة الناس فى مختلف مجالاتهم وأصعدتهم يجد الكساح يخيم على كل شىء ويجد البطالة المقنعة سيدة الموقف وحيال هذا الطوفان الجارف يقف الإنسان موقف المتفرج يلمح إن استطاع وإن لم يستطع، فما عليه إلا أن ينفجر صمتاً..

ليس هذا الكلام مبعثه الرغبة فى عقد صفقة مع الاستسلام لليأس وإنما صرخة فى آذان عالم لم يعد يستجيب إلا لصوت الألوان الشائهة والصور الباهتة والمعانى والمضامين الشاحبة. وسطنا الثقافى يتقدم القائمة ويأخذ بزمام المبادرة نحو تشويه الحقائق والمبدعون أبدعوا فى مجال التورم الذاتى والانحراف نحو تسطيح الحياة ومعالجة قضايا الإنسان بأساليب يهتز لها البدن..

وكون المبدع عقل الأمة وضميرها وحياتها وأولها وآخرها فإن انحرافه يشكل البداية والنهاية لحضارة الأمة وتاريخها ومعتقداتها وعاداتها وقيمها. انحراف المبدع مسألة لا تخضع للمساومة أو الجدل فهى فى النهاية مرتبطة حسابياً 1-1= صفر. فقديماً كان العرب يحتفلون بميلاد شاعر ويقيمون الأعراس والأفراح لمجىء شاعر فحل، لأن الشاعر مبدع الأمة ومفكرها وناقوس نهضتها..

فكيف نتصور أن يولد شاعر أو مفكر معوق؟ كيف نتصور أن يولد هذا المفكر كسيحاً وشأنه العقل؟ فى الحقيقة مثل هذه النماذج تعج بها الساحة الثقافية وتمتلئ بها دنيا الفكر ولهذا السبب تمخضت عن هذه الولادة ولادة أخرى لمجتمعات متعثرة بائسة مشلولة لا حول لها ولا قوة تقتات من حضارات الآخرين وتحتسى من مياههم الغازية والمثلجة ولم يبقَ أمامها ما تستورده سوى الأوكسجين ولا نستغرب أو نتعجب إذ يحصل ذلك فى المستقبل القريب، فكل الأشياء فى هذه الحياة المترهلة لبشرية مشلولة بأبنائها تسير نحو التهميش والابتزال.. كل الأشياء مدعوة لأن تكون أكثر من عادية وأكثر من سهلة، لأن العقل لا يستطيع أن يهضم إلا الأسهل والمتلقون لا يستطيعون تعاطى ما حولهم إلا من خلال الأقراص المنومة





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة