عيب السادة صناع المسلسلات والبرامج إنهم فاكرين إن الشعب المصرى داقق عصافير، وعيبهم الأكبر إنهم وافقوا على لعب دور الشياطين فى رمضان بعد أن تقوم السماء بتقييد وتصفيد إبليس وأتباعه، حينما تتابع هذا الشبق فى صناعة 80 مسلسلا تتسابق فيها كل ممثلة على خلع ما هو أكثر من الهدوم، ويتسابق كل مؤلف على زرع كل ما هو قبيح بين النصوص، حينما ترى هذه الرغبة فى صناعة برامج لا تتوقف جريمتها عن حد التفاهة والإسفاف بل تتحول إلى مسابقة بين الضيوف والمذيعات على إظهار أحسن ركبة وأجدع كتف، وأحقر لفظ.. حينما تتابع فرح صناع الفن بكل هذا السفه تشعر وكأن هناك اتفاقا مسبقا بين هؤلاء وبين إبليس.. إذا هو رحل مع طلة هلال رمضان دخلوا هم ليحلوا محله، وإن كان إبليس ينصرف مع أوقات الأذان والصلاة فهؤلاء لا ينصرفون ستجدهم أمامك على كل شاشة وفى كل وقت.
وإذا كان شارع الهرم ينتعش ويزدهر فى موسمه الصيفى فإن الفضائيات تنتعش أكثر وتزدهر أكثر فى موسمها الرمضانى.. ذنوب ديليفرى ينقلها إليك الريموت كنترول طالما هو بيدك.. تهرب من مياصة إلهام شاهين واستمتاعها بالنوم فى السرير مع رياض الخولى فى مسلسل عشان ماليش غيرك، تطالعك زينة فى ليالى وتستلمك لوسى فى كلام نسوان، وتهرب من كل هؤلاء وتطلق المسلسلات بالتلاتة تصدمك تلك المرأة الساذجة التى تلقب نفسها بالجريئة فى برنامج يحمل نفس الاسم على القنوات المتخصصة ولكنه لا يقدم سوى الملل والمزيد من الملل ولا شىء آخر فى فشل آخر يضاف إلى سلسلة أفلام إيناس الدغيدى الفاشلة.. وتهرب من إيناس الدغيدى تسقط فى فخ تلك المرأة الإيطالية التى تتاجر بأصلها الفلسطينى وتعتقد أن الجرأة هى أن تغمز بعينها وقت السؤال أو تهمس بشفتها وقت الرد، هكذا تفعل رولا جبريل فى برنامج باب الشمس لا تسأل سوى فى أسئلة قديمة ولا تفلح فى الدفاع عن أسئلتها لأنها ببساطة لا تعرف أى شىء عن مصر ولا عن طبيعة ضيوفها.. تقلب وتقلب وتهرب من هذه الفضائية إلى فضائية أخرى فلا ينتابك سوى شعور واحد بعد شعورك بالقرف هو شعور من وقعت فى يده صحيفة صفراء.. هكذا تحولت الفضائيات فى رمضان.. فضائيات صفراء.
لاحظ المسلسلات وموضوعاتها ستجد أن أغلب الموضوعات تدور حول السرقة والمخدرات والخيانة والعلاقات النسائية والطمع والجشع نفس المضمون الذى يملأ صفحات صحف الحوادث التى تباع على الأرصفة، أما إذا انتقلت إلى البرامج فحدث ولا حرج.. دعك من تفاهة مقدمى البرامج، ودعك من الأفكار المكررة أو تلك المسروقة بالنص من برامج أجنبية، ودعك من الممثلين الفشلة الذين تحولوا إلى مقدمى برامج فى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. دعك من كل هذا وركز مع نوعية الضيوف وطبيعة الأسئلة.. راجع برنامج «فيش وتشبيه» للميس الحديدى و«أنا واللى بحبهم» لغادة عادل و«لماذا» لطونى خليفة و«المخرج» لساندار نشأت و«باب الشمس» لرولا جبريل و«حيلهم بينهم» و«مذيعة من جهة أمنية» وغيرها من البرامج وسوف تكتشف أن أغلب الأسئلة التى يطرحها المذيع على الضيف أو الزبون هى عبارة عن قصاصات نشرت فى صحف صفراء، شائعات تتاجر بها صحف بير السلم أغلبها قديم وفات عليه سنين وشبعت الناس من الكلام فيه، وأغلبها تم تكذيبه أو ثبت عدم صحته، فمثلا بعضهم مازال يسأل دينا عن أختها المنقبة أو سيدهات أبوالفتوح؟، وبعضهم مازال يسأل يسرا عن قسوة والدها، أو يسأل حنان ترك عن حجابها، وآخر يحاول أن يأتى بالديب من ديله فيسأل رولا سعد عن سر عداوتها مع هيفاء وهبى.. ألم أقل لك يا سيدى إنها نفس الأسئلة والشائعات التى تخوض فيها الألسنة منذ سنوات، ثم تعالى هنا وانظر لمضمون الأسئلة بعضهم يسأل عن الشذوذ الجنسى والخيانة الزوجية والثقافة الجنسية للأطفال وكأن البرنامج معروض على القمر الأوربى، ثم نأتى إلى الجانب الأهم فى الموضوع الضيوف هؤلاء النجوم والوزراء ورجال الأعمال الذين يظهرون فى تلك البرامج ويسمحون لمقدم فشل فى أن يختار اسما لبرنامجه أو صناعة برنامج بفكرة غير مسروقة أن يمسح بكرامتهم الأرض أو يتطاول عليهم على سبيل الاستظراف.. لا أعرف كيف سمح أشخاص بحجم مرتضى منصور وعلاء صادق ووزراء مصر ومفيد فوزى ورجال أعمال مثل أشرف السعد وغيره أن يكونوا ضيوفا على برامج ستسألهم فى قضايا قديمة، أو مذيعين يستخدمون الاستظراف للنيل منهم هل هى رغبة فى الظهور أم أنها رغبة فى المشاركة فى السوق الرمضانى لا أعرف كيف قبل كل هؤلاء النجوم الظهور فى تلك البرامج والإجابة على أسئلة اعتبروها من سنوات فبركة صحافة صفراء؟ ربما يكون للمقابل المالى الضخم الذى تدفعه تلك البرامج عامل السحر فى موافقة الضيف على أن يتحول إلى خيال مآتة.. عروسة ماريونت تلعب دورها على الشاشة بغض النظر عن حرمة حياته الشخصية وحرمة الشهر الكريم الذى شارك هؤلاء النجوم والشخصيات العامة فى انتهاك حرمته مرة بأموالهم التى أنفقوها لإنتاج تلك البرامج ومرة بالظهور فيها؟!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة