جمال مبارك أمين مساعد سياسات الوطنى أصبح فى الآونة الأخيرة قبلة لقطاعات واسعة من فئات الشعب المصرى، يتوجهون إليه بعرائض المطالب، ورسائل الشكاوى والمظالم.
بعد شهور من الاعتصام والإضراب، لم يجد إداريو التعليم مفراً من طلب لقاء جمال مبارك، وسائقى النقل يؤكدون أن إنهاء إضرابهم مرهون بزيارة من جمال مبارك، والنوبيون ما إن سمعوا بزيارته المرتقبة، إلا وانهالت عرائض المطالب الموجهة إلى جمال مبارك.
البعض يرى أن التوجه لجمال مبارك يعكس اعتقاد المصريين بأن التوريث قادم لا محالة، وأن خيوطاً كثيرة فى حكم البلاد تقع فى يد نجل الرئيس ويدللون على ذلك بمصاحبة الوزراء وكبار رجال الدولة له فى زياراته، بينما يرى آخرون بأن تحركات جمال مبارك تعبير عن الفكر الجديد الذى سنه فى الحزب الوطنى منذ 2002، والذى يفرض تنسيقاً على أعلى مستوى بين حكومة الحزب، وقيادات الحزب، وهو ما زاد من تأثير وتواجد قيادات الحزب وعلى رأسهم جمال مبارك.
الدكتور جهاد عودة، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى وأستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان رفض وصف علاقة المصريين بجمال مبارك بالظاهرة، ويقول إن الشعب المصرى اعتاد على اللجوء طوال الوقت لرموز الحزب الوطنى كونه حزب الحكومة "فعلوا هذا مع يوسف والى، وكمال الشاذلى، ورفعت المحجوب، وحتى مع رجال الاتحاد الاشتراكى"، فلجوء الجماعات الاجتماعية إلى السلطة لطلب المساعدة هو جزء من الثقافة السياسية لدى المصريين.
كما رفض عودة الربط بين تحركات أمين مساعد السياسات وبين ما يردده البعض من وجود مخطط لتوريثه الحكم، ويقول "لا رابط بينهما، ولا يوجد مخطط للتوريث أصلاً"، فالمصريون برأيه عندما يتصورون أن هناك شخصاً يمكنه أن يؤثر على السياسة العامة أو يحقق له مصلحة، يلجأون له فوراً.
ويتفق منير فخرى عبد النور سكرتير عام حزب الوفد، والبرلمانى السابق مع عودة فى أن لجوء المصريين لجمال مبارك لا يعنى بأى حال قبولهم له كرئيس قادم، أو وريث للسلطة، وقال إن الشعب المصرى "زكى ولماح ويعرف من يمكنه أن ينفذ طلباته ويخدمه"، وعلى الرغم من أن جمال مبارك فى رأى عبد النور لم يثبت حتى اللحظة أنه قادر على فعل ذلك، إلا أن المصريين يجربون إلا أن يثبت لهم عكس ذلك، وبشكل يرتقى إلى وصفه بالانتهازية.
عبد النور أضاف، أن التوجه لجمال مبارك ليس فقط لكونه قيادياًَ فى الحزب الوطنى، وإنما أيضاً لأنه ابن الرئيس، وقد يكون مرشحاً للرئاسة، وهو الابن المدلل للحزب، كما أن المصريين يدركون أن جمال مبارك هو الذى عين رئيس الوزراء، والمجموعة الاقتصادية وبالتالى فإن له كلمة على الحكومة.
أما الدكتور جمال نصار النائب البرلمانى وعضو الإخوان المسلمين، فكان له رأى مخالف، حيث أكد أن المصريين معذورين، فهم حين يطرقون الأبواب الطبيعية توصد أمامهم، وبالتالى فإنهم يبحثون عن باب مفتوح يعوض انهيار المؤسسات. وهم اختاروا جمال مبارك فى بسبب "الزفة الكبيرة" التى يقودها جميع المسئولين لصالحه والناس تريد أن تنفذ مطالبها بسرعة.
إلا أن نصار يعتقد أن مقارنة التاريخ الخدمى والاجتماعى لجمال مبارك، مع تاريخ الإخوان لن يكون فى صالح نجل الرئيس، لأنه لم يظهر للشعب إلا عام 2000.
وقال نصار، إن "عامة الناس" وصلوا إلى مرحلة يبحثون فيها عن أى شخص يمكنه أن يسير لهم أمورهم الحياتية، وأصبحوا فى حالة من الفقر والبطالة غير المسبوقة التى تجعل وجود جمال مبارك فى السلطة من عدمه "مش فارقة معاهم"، مشيراً إلى أنه رغم رفض النخبة للتوريث وعلى رأسهم الإخوان، فإن هذه النخبة لا تستطيع وحدها وقف مخطط التوريث وتحتاج إلى جهود المصريين جميعاً لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإحباط عصا الأمن المسلطة على رقاب المعارضة.
من جهته، قال سعد هجرس الكاتب الصحفى ومدير تحرير العالم اليوم، إن المصريين قد يرفضون التوريث، إلا أنه قد ترسخ فى أذهانهم أن ما تريده الحكومة سيتم تنفيذه دون إرادتهم. مشيراً إلى أن جمال مبارك تسلم الحكم بالفعل وهذا الأمر وقر فى قلوب المصريين، ولجوؤهم إليه يعكس هذا الإدراك
