محمد الدسوقى رشدى

البحث عن واسطة حلال!

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009 10:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أقف فى الطابور والشمس شدة حيلها على سبيل تحذيرنا من صيف قادم لا يرحم، وتمر الساعة وفى صحبتها عدة دقائق دون أن تحصل قدمى على مساحة أمامية..فقط من يقف خلفى يحذر من يقف فى أول الطابور: "خد بالك من اللى جاى من اليمين".. فيرد: "حاضر"، فيفاجئه بأمر آخر: و"خد بالك من اللى جاى من الشمال، اتعلموا النظام بقى"! وبجوار شباك الكشك الذى يقوم بتوزيع أختام النسر وكام ورقة ملونة توجد ورقة مكتوب عليها "من فضلك لا تسرق حق إخوانك فى الطابور"!.

من وأنا صغير ومسألة الحصول على ختم النسر أو أى توقيع على ورق حكومى تشبه عندى قرار المشاركة فى معركة فتح عكا، لا أحب المصالح الحكومية ولا موظيفها ..دوشتها وعدم نظافتها وقلة نظامها وكآبة موظفيها واستهتارهم بمصالح الناس، كان يعنى بالنسبة لى خناقة لا مفر منها، لذلك كان والدى -رحمه الله- لا يتركنى أذهب هناك إلا بمصاحبة واحد من أصدقائه قادر على تخليص الورق دون طابور ودون فوت علينا بكرة ياسيد.. ولعلمكم لم أكن أفرح بذلك وكأننى بسرق كما تقول ورقة الكشك!

ذهبت من أسبوع لإنهاء بعض الأوراق وكلى إصرار على أن أطبق ما أنادى به ويسكن بداخلى مع ما سوف أفعله .. لا واسطة ولا محسوبية ولا يد تمتد إلى جيبى لتخرج بإكرامية .. فقط أنا والموظفون والطوابير.. والصبر!

الطابور أمام الكشك يطول والمعارك تزيد والأصوات الغاضبة تلعن أبو الموظف الذى يسمح بدخول ناس من أصحاب الواسطة من الباب الخلفى، وأحدهم يسرق مكانا فى الطابور قادما من الجبهة اليمنى التى غفل عنها صديقنا بعد أن زهق من تحذيرات الشيخ الذى يقف خلفى.. تمر الساعات والشمس تواصل مذبحتها ونظرات الانتصار تنطلق من عين كل صاحب واسطة نجح فى إنهاء أوراقه مبكرا رغم أنه جاء والطابور طوله 6 أمتار، ينظر لأوراقه ويرفع طرف عينيه وكأنه يداعب مشاعر الغيظ عندنا، فتعلو الصرخات وتزداد اللعنات على الموظفين والبلد وحاميها.. وعلى رأى من خلفى "إذا كان الراجل الكبير بيمشيها بالواسطة يبقى الموظف الصغير هيعمل إيه"!

الشمس تشد حيلها على وأنا تعبان وقرفت من الخناق والعرق والتراب ومن الناس أم واسطة اللى بتغظينى.. أليست هذه مبررات كافية لأتحرك؟ وبسرعة كان الحل فى اتصال تليفونى أخرجنى من الطابور زى الباشا، وجاء أحدهم وأخذ الأوراق وخرج بها كاملة بعد 4 دقائق، أمسكتها بيدى أقلب فيها وأنظر بطرف عينى من تحت لتحت إلى الواقفين فى الطابور وأضحك مداعبا مشاعر غيظهم، وقبل أن أضع أوراقى فى جيبى كنت أداعب مشاعر الشفقة على نفسى بعد أن أعدت قراءة الورقة بجوار شباك الكشك..واكتشفت أننى حرامى!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة