مدحت أنور نافع يكتب:تهافت الفلسفة

الإثنين، 28 سبتمبر 2009 11:04 ص
مدحت أنور نافع يكتب:تهافت الفلسفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى حديث الدكتور جلال أمين عن السكان من خلال كتابه "فلسفة علم الاقتصاد"، وفى معرض نقده لنظرية "مالتس" يقول الكاتب فى صـ 80 "التحيز الأول (يقصد فى نظرية مالتس) يتعلق بما ينطوى عليه نظرية "مالتس" من تشاؤم. والتشاؤم والتفاؤل موقفان يصعب تفسيرهما موضوعياً بالرجوع إلى الواقع". قبل هذا التعقيب بصفحتين يقرر الكاتب "ولكن الأمر المدهش حقاً أن كل هذه الضجة التى أثارها كتاب وصفه بعض الاقتصاديين الكبار وواحد من أشهر مؤرخى الفكر الاقتصادى وهو جوزيف شومبيتر بأنه يمكن ألا يرى فيه القارئ أكثر من بديهية من البديهيات، أى مجرد تطبيق لبعض قواعد المنطق" فهل تآمر الناس جميعاً فى هذا العصر لنصرة كتاب "مالتس" الذى للعلم قد حرص على ألا يضع اسمه على أول طبعة منه، خشية من ردود الأفعال التى جاءت على غير ما توقّع؟. وهل يفهم من ذلك موافقة الكاتب لـ"شومبيتر" فى نقده فيكون "مالتس" قد أتى ببديهية من المنطق لا تحتمل التحيّز أو الخطأ، أم أنه مقتنع برأيه الشخصى الذى أوردناه فى بداية الفقرة، والذى مفاده تحيّز "مالتس" نظراً لتشاؤمه؟. حقيقة لا أعرف الإجابة.

كما أن وصف نظرية "مالتس" بالتشاؤم لم يكن بإقرار من "مالتس" الذى يعد أول اقتصادى يمتهن تدريس علم الاقتصاد، بل هو أحد صور النقد التى وجّهت له من الأغيار. وإذا تصوّرنا أحد علماء الفلك ينذرنا بتزايد احتمال ارتطام أحد الأجرام السماوية بالأرض عام 2012 وفقاً لحسابات دقيقة للسرعة والحجم والكثافة، لخرج علينا كثير من العوام والعلماء منددين بالنظرة التشاؤمية لهذا العالم دونما وصمه بالتحيّز. فالتشاؤم المقصود هنا هو الطبيعة القاتمة لمدلول التنبؤات سواء تمت تلك التنبؤات بأسلوب علمى أو غير علمى.

يقول الكاتب فى تعقيبه على اختيار لفظ استهلاك للتعبير عن استخدام الأشياء فى ص114 من الكتاب "قد لا يكون فى اختيار هذا اللفظ استهلاك (consumption) غضاضة فى كثير من الأحيان ولكنه يبدو غريباً فى أحوال أخرى كثيرة. فاستخدام سلعة أو خدمة لتحقيق منفعة مباشرة كثيراً ما لا ينطوى على عملية إهلاك من أى نوع. أين الإهلاك والتدمير فى الذهاب إلى حفلة موسيقية أو لرؤية مسرحية أو فيلم سينمائى أو فى شراء كتاب أو قراءته؟ وأين التدمير فى السياحة؟...." يبدو أن الكاتب لم يأخذ فى الاعتبار عنصر الوقت والفرصة، فالوقت الذى يفنيه المستهلك وهو يشاهد عرضاً مسرحياً جدير بأن يوصف بالاستهلاك، كما أنه وقد دفع ثمن التذكرة للسينما أو المسرح أو حتى لشركة الطيران (فى حالة السياحة) فقد أفنى فرصة تم استهلاكها بكامل ما دفعه من مقابل، ولن تتكرر تلك الفرصة إلا إذا دفع مقابلاً جديداً لرؤية العرض مرة أخرى أو السفر فى رحلة سياحية جديدة. وقد يلاحظ البعض إغفال الكاتب لهذه الإجابة البسيطة للرد على أسئلته رغم أنها تبدو بديهية الآن بعد أن أجبته عليها، وكذلك فعل الأولون ممن لمسوا أموراً بدت بديهية بعد أن كشفوا عنها الستار فما كان من الكاتب إلا أن شكك فى دقة وأهمية استنتجاتهم.

*مدير المخاطر والرقابة على التداول– البورصة المصرية






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة