رصدت مجلة التايم احتمالات عودة العراقيين البعثيين من سوريا إلى بلادهم مرة أخرى بعد سنوات الاحتلال والحرب. وقالت المجلة فى تقرير لمراسلها فى دمشق أندريه لى بطرس، إنه عندما كانت الحرب الأهلية العراقية فى أوجها، عبرت أفواج كثيرة من اللاجئين العراقيين الحدود إلى سوريا وأحدثوا تغييراً لوجه العاصمة السورية دمشق. وبعد مرور سنوات، أصبح كثير من هؤلاء اللاجئين الذين يقدر عددهم بما يقرب من مليون ونصف المليون لاجئ جزءاً من طبيعة الحياة هناك. فالكثيرون أصبح لديهم أعمال تجارية وأبناء يتحدثون العربية بلهجة سورية.
ورغم ذلك، إلا أن جزءا من هؤلاء المهاجرين لا يزال يشعر بالغربة، هؤلاء يقدر عددهم بـ 400 ألف لاجئ وهم من أعضاء حزب البعث السابقين، حزب الرئيس صدام حسين والذى تم حله بعد الاحتلال. وتشير التايم إلى أن البعثيين العراقيين الموجودين فى سوريا انقسموا إلى فصيلين الأول متشدد يقوده نائب رئيس الجمهورية السابق عزة إبراهيم الدورى، والثانى معتدل بقيادة محمد يونس الأحمد العضو البارز فى الحزب أثناء حكم صدام حسين.
وأضافت المجلة أن مشكلة البعثيين فى سوريا عادت لتصبح محور خلاف مجدداً بين الحكومتين العراقية والسورية بعد التفجير الانتحارى الذى استهدف مبانى حكومية فى بغداد وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 95 شخصاً. حيث ألقى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى بمسئولية هذا الحادث على البعثيين السابقين فى سوريا، واتهم دمشق بدعم جماعات تشن هجمات فى العراق، وأنكرت سوريا هذه المزاعم وعرضت تسليم أى مشتبه بهم فى التفجيرات إذا قدم العراق دليلاً على تورطهم.
غير أن الحقيقة التى اختفت خلف هذا النزاع هى أن سوريا بدأت تغير ببطء موقفها الخاص بتأمين حدودها مع العراق، وأن البعثيين يريدون العودة إلى وطنهم بعد أن أبدوا رغبة فى المشاركة سلمياً فى الديمقراطية الوليدة فى العراق. وبالطبع لم يتحول كل البعثيين من صقور إلى حمائم، ويرى كثير من المراقبين أن سوريا لن توقف كل عمليات المتمردين على حدودها إلى أن يتم التوصل إلى تسوية سلمية فى المنطقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبدأت مجموعة محمد يونس اتصالاتها بالحكومة العراقية فى 2007، وعقدت مؤتمراً لتقييم الأخطاء التى ارتكبها نظام صدام حسين، وأعلنت رفضها نظريات حزب البعث القديمة متبنية نمطاً من السياسات أكثر ديمقراطية.
وأوضحت المجلة أن فصيل الدورى أبدى كذلك مؤشرات على الاعتدال عقب الهجوم الانتحارى فى أغسطس، وكشف نزار السامرائى المقرب من حزب البعث فى مقابلة مع المجلة نفسها الشهر الماضى أن جماعته قلقة من تنامى النفوذ الإيرانى على الحكومة العراقية أكثر من إجبار القوات الأمريكية على الانسحاب من البلاد.
ويكشف تقرير التايم عن أن الولايات المتحدة ظلت تحث الحكومة العراقية سراً على البدء فى تحقيق مصالحة وطنية تشمل أنصار النظام السابق من البعثيين، للحد من خطر العنف الطائفى فى البلاد بعد سحب قواتها. إلا أن إلقاء المالكى بمسئولية الهجوم الانتحارى على محمد يونس ومطالبته سوريا بتسليمه إليها يعد مؤشراً على عدم رغبته فى التفاوض مع البعثيين السابقين، على حد تعبير فاضل الربيعى، وهو محلل سياسى عراقى يقيم فى سوريا.
مشكلة البعثيين محور خلاف بين العراق وسوريا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة