محمد حمدى

المؤامرة.. والمعايير الدولية!

الأحد، 27 سبتمبر 2009 08:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعاود الكتابة مجددا فى موضوع انتخابات اليونسكو، نظرا لشيوع الاعتقاد لدى كثير من المواطنين بأن فشل فاروق حسنى فى الفوز بمنصب أمين عام اليونسكو خلفه مؤامرة دولية تستهدف مصر والمسلمين والعرب لمنعهم من الوصول إلى المنصب الدولى.. وهذا الاعتقاد يحتاج لمناقشة علمية واعية ودقيقة فما أسهل تعليق فشلنا على شماعات الآخرين بدلا من المناقشة العلمية الجادة لكل فشل أو نجاح على السواء.

والحقيقة التى يجب أن يعلمها الناس، أن الترشيح لأى منصب دولى خاصة فى منظمة معنية بالتربية والعلوم والثقافة مثل اليونسكو يحتاج إلى شروط عامة يجب توافرها فى أى مرشح، وعلى رأسها ثلاثة شروط حاسمة وأساسية هى:

عدم العداء للسامية.
عدم الاتهام بجرائم فى حق الإنسانية أو التشجيع عليها.
عدم اعتناق أفكار نازية أو فاشية أو أصولية من شأنها تهديد حالة السلم العالمى.
وأى مرشح يثبت أو تثار حوله الشكوك فى أى من المواضيع الثلاثة يصعب نظريا حصوله على منصب دولى، وستتكتل أوروبا وأمريكا وتمارس ضغوطا عديدة لإفشاله.. وهو ما حدث مع فاروق حسنى، الذى اتهمته دوائر يهودية بالعداء للسامية عقب تصريحه الشهير حول حرق الكتب الإسرائيلية.

أنا شخصيا لا أعتقد أن فاروق حسنى معادى للسامية أو مقتنع برفض التطبيع مع إسرائيل، وأعتقد أن رفضه لسنوات الإقدام على أى خطوات تطبيعية ثقافية راجع فى الأساس إلى موقف الدولة المصرية التى أقامت معاهدة سلام مع إسرائيل، تحصر موضوع التطبيع فى عدد من الموضوعات ليس من بينها الثقافة على الإطلاق.

ولا أتصور أيضا أن فاروق حسنى حين هدد بحرق الكتب الإسرائيلية كان يقصد ذلك المعنى حرفيا، لكنها زلة لسان اعتدنا مثلها من فاروق حسنى مثل تصريحه الشهير عن الحجاب الذى آثار أزمة وتراجع عنه واعتبره كان مجرد دردشة، فهدأت الضجة لكن الدوائر اليهودية العالمية لا تتعامل مع الموضوعات التى تمسهم على أنها دردشة أو زلة لسان، وحين تقدم للمنصب أخرجت هذا التصريح وتعاملت معه بمنتهى الجدية وخاضت حملة شرسة لإسقاط فاروق حسنى.

وما يجب معرفته جيدا أننا لا نعيش فى العالم بمفردنا، وانخراطنا فى المنظمات والتجمعات الدولية يستدعى معرفة آلياتها وشروطها، ومعرفة كيف يؤثر اليهود فى صناعة القرار داخل معظم الدول الأوروبية، ومعرفة أيضا ما تركه تأثير الجرائم النازية فى حق اليهود.

صحيح أن النازية كانت حركة عنصرية ضد العديد من أجناس الأرض، وأن عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية من الأوروبيين مئات بل آلاف أمثال ما قتل من اليهود داخل المعسكرات النازية، لكن الدعاية اليهودية استطاعت تحويل ما حدث ضد اليهود إلى عقدة لا تستطيع أوروبا التخلى عنها، لدرجة أن إنكار المحرقة النازية ضد اليهود كفيل بالقضاء على المستقبل السياسى أو المهنى لأى أوروبى ينكر المحرقة.
لذلك أعتقد أن ما حدث من تكتل غربى ضد فاروق حسنى لم يكن موقفا من العرب والمسلمين فقد سبق أن تولى أمانة اليونسكو أفريقى مسلم من قبل ولم تتكتل ضده الدول الغربية، كما أن الدكتور محمد البرادعى تولى منصبه فى وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ثلاث دورات متتالية وهو عربى مسلم ولم تشكل عروبته أو ديانته عائقا أمام المنصب الدولى.

كل ما حدث أننا أخطأنا الاختيار، ولم نلتزم بالمعايير المناسبة ووضعنا مرشحنا تحت فكى آلة الدعاية اليهودية الجبارة التى عرفت كيف تضغط على صانع القرار الغربى لإسقاط فاروق حسنى بسبب تصريحاته، وليس بسبب ديانته أو جنسيته أو عرقه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة