يرى الشاعر والصحفى المصرى وائل السمرى أن فترة التوهج الشعرى بدأت لديه فى المرحلة الجامعية، مؤكداً فى الحوار التالى أن الشعر كيان ممتد لا أحد يمتلك أن يقول فيه كلمة نهائية، لأن الشعر أيضاً يكمن فى تفاصيل الحياة وتناقضاتها، "الدستور" التقت الشاعر السمرى خلال زيارته للأردن مشاركاً فى مهرجان الرمثا للشعر العربى، وحاورته حول تجربته الشعرية وحول قضايا القصيدة العربية الحديثة وحول قصيدة التفاصيل.
لكل شاعر نقطة احتراق، متى أخذتك نيران القصيدة؟
ـ كنت على مقاعد الدراسة الثانوية، كنت أتخيل أننى أمارس كتابة الشعر، ولم أكن أعلم على وجه التحديد متى بدأت فى كتابة الشعر، وحين قابلت أحد الأصدقاء تحدث معى عن مدرس كنا نحبه فى المرحلة الابتدائية، وكان يتذكرنا جيدا، الذى فاجأنى بالسؤال التالى: كيف حال صديقك الشاعر وائل السمرى، هنا فوجئت فعلاً بأننى كنت شاعراً منذ تلك المرحلة. لكنى أعتقد أن فترة التوهج الشعرى فى المرحلة الجامعية منذ بدايتها حتى النهاية التى حصلت خلالها على جائزة أفضل قصيدة على مستوى الجمهورية، كما حصلت على الجائزة الأولى لمجلس الثقافة، وهذه الجائزة أعتز بها كثيرا، وهى الجائزة الوحيدة التى حصل عليها الشاعر الكبير أمل دنقل، وفى العام 2008 حصلت على جائزة أفضل ديوان شعرى فى مصر، لكنى لا أعتبر كل هذه الجوائز نقاطاً فاصلة فى حياة الشاعر، وأولا وأخيرا أعتقد أن الجائزة الكبرى للشاعر هى القصيدة.
المتتبع لنصوصك الشعرية، يحسُّ بأن قصيدتك منحازة للتفاصيل اليومية، ماذا عن قصيدة التفاصيل لديك؟
ـ أعتقد أن قصيدتى لا تعتمد التفاصيل اليومية أو الحياتية العابرة بشكل أساس، لكنى أعتبر الحياة مجموعة من التفاصيل، ومن هنا تكون التفاصيل معبراً لاكتشاف الوجود بمعناه الأجمل والأشمل، قضيتى الأولى بالأساس هى اكتشاف الوجود الإنسانى بكل ممارساته بكل حيواته الإنسانية، وبمعنى آخر أتخيل أن الشعر هو ديوان الإنسان، ولا أرى عيبا بأن نقول بأن الرواية أخذت صفة ديوان العرب، لأنها بذلك خففت عن الشعر كل الحمولة الاستهلاكية فى الحياة وفرّغته ليكون أداة اكتشاف جمالية، أعنى بذلك أن الشعر لم يعد للمناسبات العامة أو الخطب، والمنشورات السياسية.
ألا تعتبر أن الشعر معطى من معطيات الحياة اليومية الغاصة بالتناقضات؟
ـ لكى أجيب على هذا التساؤل، يجب أن نجيب على سؤال آخر، أين يكمن الشعر؟ أعتقد أن الشعر يكمن فى تفاصيل الحياة بكل تناقضاتها، بداية من حبة الرمل، وانتهاءً بالتفكير إلى أعلى المعطيات الميتافيزيقية، فوظيفة الشاعر أن يرى كل هذه المتناقضات، ويلمح خيطا يربط بينها، حيث تكون المتناقضات غير موضوعة لذاتها، وإنما لإضفاء رؤيا جمالية لهذا الكون.
القصيدة العربية الحديثة يقال إنها أخذت بعداً ذاتياً، ولم تعد تتواصل مع اللحظة الراهنة؟
ـ القصيدة رحلة إذا نجح الشاعر عليه إقناعنا أولا بأهمية الرحلة وأن يقدم ما يجعلنا نوافق على خوض غمار الرحلة معه، وأن يستنتج أخيرا محصلة إنسانية كنتيجة لهذا العناء الممتد على طوال الرحلة، سواء كانت الرحلة فى الذات أو رحلة فى المجموع أو الأحداث أو الأفكار الوجودية، هنا تكون القصيدةُ قصيدةً، أما إذا بدأت القصيدة بالذات وانتهت إليها ولم تتحرك منها تكون القصيدة عبثية لم تضف للشعر أو الشاعر شيئاً يذكر.
ألا تعتبر أن أجمل القصائد التى انطلقت من الذات؟
ـ أنا أكره أن أقول أفضل أو أجمل على الإطلاق، وخاصة فيما يتعلق بالشعر، وأعتبر الشعر كيانا ممتدا لا أحد يمتلك أن يقول فيه كلمة نهائية، الشعر حقول شاسعة جميل أن يبدأ الشاعر من الذات وينطلق من خلالها إلى الذات الجمعية مشتبكاً فيه مع الحياة والوجود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة