لوموند: النقاب يصعب من اندماج المسلمين فى فرنسا

السبت، 26 سبتمبر 2009 07:20 م
لوموند: النقاب يصعب من اندماج المسلمين فى فرنسا صعوبة فكرة سن تشريع يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة فى فرنسا
إعداد ديرا موريس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن الجدل الدائر حول النقاب فى فرنسا يتحول الآن إلى فخ متعدد الجوانب.. فهو يمنح المتشددين من جميع الأطراف سلاحا فى أيديهم، وبسببه تصبح المواقف أكثر راديكالية، كما أنه يسبب إزعاجا للمسلمين، ويربك حتى أولئك الذين كان يعتقدون أنهم يملكون أفكارا واضحة حيال هذا الموضوع وأخيرا، فإن الانفعال الذى تثيره رؤية النساء المنقبات فى فرنسا يعطى للبعض فرصة الخلط بين المسلمات المرتديات الحجاب "الكلاسيكى" والمسلمات المرتديات للنقاب أو البرقع هكذا قدمت صحيفة "لوموند" لتحليلها حول تعقد مهمة اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق فى ظاهرة انتشار النقاب، ذاهبة إلى أنها قد لا تحصل على الإجماع السياسى الواسع الذى سبق وحصل عليه قانون عام 2004 الخاص بحظر ارتداء غطاء الرأس.

تقول الصحيفة إن بعض نواب اللجنة البرلمانية المكلفة بالبحث فى ظاهرة النقاب فى فرنسا، بناء على المبادرة التى قام بها النائب الفرنسى أندرية جيران، قد اكتشفوا، خلال التحقيقات التى بدأوا فى إجرائها منذ شهر يوليو، مدى تعقد هذه المهمة وصعوبة فكرة سن تشريع يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة فى فرنسا.

فقد شرع هؤلاء النواب، القريبون من المعسكر العلمانى، والذين يشعرون بتوجس من معدل تصاعد الإسلام، فى إجراء هذا التحقيق بهدف "وضع حد لهذا التوجه الطائفى الذى يتعارض مع المبادئ العلمانية فى البلاد، ولقيم الحرية والمساواة وكرامة الإنسان" ولكن، كما تتساءل "لوموند"، هل يعنى ذلك أنه يمكن القضاء على النقاب فى المجتمع الفرنسى باسم العلمانية، خاصة وقد علم هؤلاء النواب، كما تضيف الصحيفة أن غالبية المتخصصين فى الإسلام يرون أن القرآن الكريم لا ينص على ارتداء النقاب؟ وهو ما تعارضه بالطبع هؤلاء السيدات المنقبات ومرجعياتهن الدينية التابعة للحركة السلفية.

يدعو بعض هؤلاء النواب إلى ضرورة اتخاذ موقف من النقاب باسم كرامة المرأة والمساواة بين الجنسين، التى تتعرض، كما يشعر الكثيرون، لانتهاك بسبب ارتداء النقاب وحول هذه النقطة الأخيرة، قامت النساء المرتديات النقاب، ومعارضو سن تشريع لحظره بوجه عام، بالإشارة إلى وجود أشكال أخرى من التعديات على كرامة المرأة، مثل العرى أو استغلالها لأغراض تجارية، وبالمطالبة بالتصدى لمثل تلك الأنواع من الاستغلال.

ثم تشير الصحيفة إلى أن الرغبة فى وضع حد لمثل هذه الظاهرة الهامشية التى تصدم الرأى العام بشدة، تثير كما يبدو العديد من القضايا، مثل توصيف الحجاب بالتوجه الطائفى، والتساؤل حول المشاكل الأمنية التى قد تثيرها المنقبات فى الأماكن العامة، واللاتى حتى لو وافقن على كشف وجوههن إذا اقتضى الأمن ذلك، فهل يعنى ذلك أن على الدولة سن قانون بما يتوجب على المواطنين ارتداؤه فى الأماكن العامة؟ يُضاف إلى ذلك الارتباك الذى ساد بين مسلمى فرنسا، لاسيما وأن تسليط الضوء على هذه الممارسات الدينية الجديدة المتصلة بتيارات هامشية فى الإسلام داخل فرنسا، يثير إزعاجهم، وذلك على الرغم من أنهم، فى مجملهم، يظهرون اعتراضهم على سن تشريع يحظر النقاب فى الأماكن العامة.

ومن هنا تلاحظ الصحيفة وجود شكل من أشكال التضامن الإجبارى مع المنقبات ترتسم ملامحه فى أوساط المسلمين، بما فيهم المعارضين للإسلام الراديكالى، كما أنها ترى أن ظهور وتطور النقاب فى فرنسا يمثل أيضا علامة على فشل الإسلام المعتدل - وهو المفهوم الذى كان يتباهى به الإسلام فى فرنسا – فى استمالة الشباب، سواء كانوا من الرجال أو النساء.

ومن ثم فإن "التعليم" الذى ينادى به المجلس الفرنس للإسلام لن يكون كافيا لإقناع غالبية هؤلاء النساء بالتخلى عن ارتداء النقاب الذى يضعهن، من وجهة نظرهن الخاصة، فى مصاف النخبة الدينية.

وترى الصحيفة أن هذا الجدل حول النقاب من شأنه فى نهاية الأمر تعقيد عملية اندماج المسلمين فى المجتمع الفرنسى، فبعد أن شعر عدد من المسلمين بأنهم مستهدفون بصفة خاصة بعد سن قانون عام 2004 الذى يحظر الرموز الدينية فى المدارس، باتوا يستشعرون أن الجدل الحالى حول النقاب قد يكون مظهر جديد من مظاهر تهميش الإسلام.

وتشير الصحيفة فى نهاية المقال أن المناقشات الحالية حول ظاهرة ارتداء النقاب تكشف عن أن هناك نوعا من الخلط بين النقاب والحجاب، كما أن هناك أصواتا كثيرة، يتبعها جزء من الرأى العام، ترى أن الفرق الوحيد بين الاثنين هو طول "غطاء الرأس"، غير مدركين لإرادة بعض المسلمات فى الاندماج داخل المجتمع الفرنسى فى مواجهة البعض الآخر منهن واللاتى يخترن طواعية الانفصال عن المجتمع.

ومن جانبهن، تدين المسلمات المرتديات للحجاب "البسيط"، على حد وصف الصحيفة، واللاتى ترفض بعض المؤسسات فى القطاعين العام والخاص توظيفهن، المحاولات الرامية إلى توسيع نطاق تطبيق قانون عام 2004، الذى يمنع ارتداء الرموز الدينية فى المدارس، ليشمل الأماكن العامة أيضا وهو الأمر الذى يصيبهن بالإحباط، ويقود القادرات من بينهن، ولا سيما خريجات الجامعات، إلى مغادرة فرنسا.

وتخلص الصحيفة إلى أن اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق فى ظاهرة انتشار النقاب فى فرنسا قد وضعت، من خلال إطلاقها لهذا الجدل، نفسها فى موقف يتعين فيه عليها الآن إصدار نتائجها لأن الجميع فى انتظار ما ستتوصل إليه. إلا أنه نظرا لتعقد وتشعب هذا الموضوع، قد يكون من الصعب عليها الحصول على إجماع سياسى واسع مثلما كان الحال مع قانون عام 2004.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة