عبد القادر مصطفى يكتب:سُكَّان المقاهى!!

السبت، 26 سبتمبر 2009 10:13 ص
عبد القادر مصطفى يكتب:سُكَّان المقاهى!!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فيما مضى كان لا يجلس على المقاهى إلا كبار السن ممن بلغوا سن التقاعد أو المعاش، أو المسافرون الذين يلتمسون بعض الراحة من وعثاء السفر ويحتسون بعض أكواب الشاى، أو الموظفون الذين يلتقون بعد العشاء للترويح عن النفس وتجديد النشاط لزمن معلوم.. وهكذا.

أما الآن فقد تبدلت الصورة وبات أكثر رُواد المقاهى أو بالأحرى (سُكَّان المقاهى) من شباب غض تنحصر أعمارهم ما بين الثامنة عشر والخامسة والعشرين، حيث يجلسون لساعات طوال ليلاً على هيئة حلقات متناثرة، فهذه حول (الطاولة)، وهذه حول (الدمينو)، وهذه حول (الشطرنج).. وهكذا.

والملفت للنظر والمُحزن فى ذات الوقت أن ترى كل شاب وإلى جواره "شيشة" زجاجية عالية القامة تنبعث منها رائحة دخان غريب الرائحة، فلما سألت قالوا: هذه (شيشة بمعسل التفاح) وهى غير ضارة بالصحة، فقلت: لهم اتقوا الله، فالدخان المُتطاير يخنق غير المُدخنين فكيف بمن يُدخنها!!.

المُهم هو: أن يجلس هؤلاء الفتية على تلك الهيئة لمدة لا تقل عن ثمان ساعات يومياً (أى حتى مطلع الفجر تقريبا) ويحدث هذا كل يوم، وبذا يضيع الليل فى السهر واللعب والتدخين، ويضيع النهار فى النوم والكسل، وعليه تُستهلك طاقة وحيوية وصحة فى لهو وعبث!!.

والسؤال: من المسئول عن ذلك؟ أرجوك لا تقل إنها البطالة التى تخلق فراغاً يكون مرتعاً لإتيان التافه من القول والفعل، ولكن قلى أولاً: من أين أتى هذا الشاب بعشرين جنيهاً يحرقها كل يوم على المقهى؟ قلى أولاً: من الذى سمح له بالسهر حتى وجه الصباح؟ قلى أولاً: من الذى أهمل فى متابعته وتوجيهه؟.. يا سيدى حدثنى عن التربية أقل لك ماذا جرى.

فيما مضى - وليت الذى مضى ما انقضى - وانطلاقاً من المرحلة الإعدادية وحتى المرحلة الجامعية وما بعدها، كان الواحد منا يتحمل جزءاً كبيراً من الإنفاق على نفسه جراء عمله فى شهور الإجازة فى أى عمل بغض النظر عن وجاهة العمل ما دام عملاً شريفاً يؤدى إلى كسب حلال، وكنا نُدفع إلى ذلك من آبائنا وأمهاتنا رحمهم الله جميعاً أحياءً وأمواتاً، وبذا فقد كنا نُدرك قيمة "القرش" فلا ننفقه إلا فيما ينفع.

أما الآن فقد تغيرت ثقافة الكثيرين من أولياء الأمور، فآثروا إلا أن يربوا أولادهم فى الظل كنبات الظل، فصاروا بلا صلابة أو إرادة.. ورغم ذلك فأنا أرى نماذج مشرفة من خريجى الجامعات الذين لم يستوعبهم سوق العمل ولا الوظائف الحكومية.. أراهم وقد توجهوا إلى المشروعات الخاصة ولو كانت بسيطة، فنجحوا وعبروا عن ذاتهم أفضل تعبير.

إن القضية ليست فى ندرة العمل، فالأعمال كثيرة، ولكن القضية تكمن فى أن الكثيرين يريدون أعمالاً تحت المكيفات وفوق المكاتب.. أعمالاً لا تجهد العضلات، ولا تهدم تسريحة الشعر، ولا تـُكَسٍّر وجه القميص.. والملفت أن الكثيرين يقبلون بأى عمل خارج حدود الوطن ويكونون أكثر حرصاً على أدائه والالتزام به.. فما هو السبب؟!.

يا شباب: إن العمل مهما كان وضيعاً أفضل ألف مرة من المكوث على المقاهى، وهو فى وطنك خير وأجدى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة