فاروق حسنى فى حواره مع مصطفى بكرى: الانتخابات كشفت الحقد الدفين ضد العرب والمسلمين وفرنسا وإيطاليا خذلتانى فى الجولة الأخيرة وأمريكا لعبت الدور الأساسى فى إسقاطى والجولة الخامسة أديرت من نيويورك

الخميس، 24 سبتمبر 2009 02:48 م
فاروق حسنى فى حواره مع مصطفى بكرى: الانتخابات كشفت الحقد الدفين ضد العرب والمسلمين وفرنسا وإيطاليا خذلتانى فى الجولة الأخيرة وأمريكا لعبت الدور الأساسى فى إسقاطى والجولة الخامسة أديرت من نيويورك فاروق حسنى يؤكد تعرضه لمؤامرة غربية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجرى الحوار الكاتب الصحفى مصطفى بكرى
(الحوار تنشره جريدة الأسبوع الجمعة القادم)

فى حوالى الثالثة من ظهر الأربعاء الماضى حطت الطائرة القادمة من باريس، وعلى متنها وزير الثقافة المصرى السيد فاروق حسنى فى الرابعة ظهراً، اتصلت به وتواعدنا على اللقاء فى السادسة من مساء اليوم ذاته.

كان وجه الوزير يبدو مرهقاً، لكن إرادته كانت قوية وصلبة كالعادة حكى تفاصيل ما جرى وكشف أبعاد المؤامرة، وعندما تحدث عن دور الرئيس مبارك والجهود التى بذلها اغرورقت الدموع فى عينيه، لكنه استرسل بالقول:"لن أنسى هذه الوقفة ما حييت بالضبط، كما لن أنسى مواقف هؤلاء الذين مارسوا العنصرية وحملة شديدة من الكراهية.

أمضيت حوالى أكثر من ساعة استمع للوزير وأحاوره، وكنت على يقين أنه لن يستسلم للدعاوى الصهيونية المغرضة التى تطالبه بالاستقالة بعد خسارته فى الانتخابات أمام المرشحة البلغارية.. قال: الرئيس أبلغنى بضرورة تجاوز الأزمة، لأنه يعرف كل التفاصيل والتكتلات المشبوهة التى أدارها السفير الأمريكى فى اليونسكو، ووصلت إلى قمتها بالاتصالات المكثفة التى أجرتها واشنطن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك.

عاد فاروق حسنى إلى مصر مجدداً، ليواصل دوره رافضا الاستسلام، ومتجاوزاً كل محاولات جره إلى معارك فرعية.. يرفض الرد على الشامتين الذين يقفون فى ذات الخندق مع الذين تآمروا وسعوا إلى إسقاطه، ليس بسبب مواقفه كما يدعون، ولكن كراهية فى الجنوب والعرب والمسلمين.

وفى حواره مع "الأسبوع" يؤكد فاروق حسنى أن العالم كله أصبح أمام الحقيقة العارية وأن العنصرية لا تزال هى التى تحكم ثقافة الآخر الذى يصر على ضرب كل جذور التواصل مع الجنوب، ويسعى إلى استمرار إخضاعه لسطوته وثقافته وجبروته.. وهذا هو نص الحوار..

سيادة الوزير هل تشعر أن هناك خيانة قد حدثت فى اللحظات الأخيرة؟
بالقطع ، هذا مؤكد، لقد كنت منذ الجولة الأولى أقوى المرشحين، لقد حصلت فى هذه الجولة على 22 صوتاً، بينما حصلت المرشحة البلغارية على 8 أصوات، والبقية لم يزد أى منها على ذلك، لقد سيّسوا الانتخابات منذ البداية، وجهوا ادعاءات كاذبة سخَّروا الإعلام الذى تعهد بنشر الأكاذيب، خرجت إحدى الصحف الفرنسية الكبرى وعلى صفحتها الأولى صورة كبيرة لى وأسفلها كتبت "الرجل الذى يريد أن يحرق الكتب، كانت حملة شرسة وظالمة، وكاذبة، لم أشعر أننى مرشح ضد مرشح، بل أدركت أن هناك دولاً تحاربنى، ولا تريد للمرشح المصرى العربى الجنوبى أن ينجح.

لكنك اقتربت من الفوز وفجأة صعدت المرشحة البرغالية لتصل إلى 29 صوتاً فى مواجهة 29 صوتاً، ثم فى الجولة الخامسة والأخيرة فقدت صوتين وفازت هى بـ 31 مقابل 27 صوتاً، من أين جاءت الخيانة ؟
المؤامرة أكبر مما تتصور، والمعركة فى مرحلتها الأخيرة وكانت تدار من نيويورك، نجحوا رغم الأداء المتميز والجهود التى بذلها السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية فى نيويورك، وهنا أتوقف أمام ما نشرته صحيفة "الليموند" الفرنسية صباح الأربعاء الماضى من أن الدولتين اللتين سحبتها تأييدهما فى الجولة الأخيرة هما فرنسا وإيطاليا ليس لدى معلومات مؤكدة فى ذلك، ولكن هذا هو ما نشرته واحدة من أهم الصحف الفرنسية.

اتهموك بالعداء للسامية، وروجوا هذه الاتهامات؟
ليس الأمر كذلك فقط القضية أكبر من كل ذلك، إنهم لا يريدون جنوبياً خاضوا حرباً عنصرية وضربوا بكل شعاراتهم عرض الحائط، عن أى ديمقراطية يتحدثون؟ وعن أى حقوق إنسان؟ لقد أثبتوا أن حقدهم علنى دفين، إنهم عنصريون حتى النهاية.

كثيرون منهم أصروا على أن يصموا آذانهم عن سماع الحقيقة وانصاعوا لأكاذيب وأطروحات المندوب الأمريكى الذى عقد اجتماعين مع السفراء الأوروبيين فى المنظمة يوم الانتخابات فى الجولة الخامسة، كانت أكاذيبهم تتردد فى الإعلام صباح مساء، بشكل لم أكن أتصوره.

لقد أرسلت لى إحدى الشخصيات اليهودية المرموقة إيميلاً سألنى فيه، هل أنت تصدق المحرقة التى أقامها النازيون لليهود، فقلت له: نعم أصدقها ، بعدها أرسل لى يقول: أنت رجل محترم وأنا سأدعمك إعلامياً بكل ما أملك، أرسل العديد من المقالات التى يرد فيها على الأكاذيب، لكنهم رفضوا وبكل شدة نشر مقالاته وأرسل ورقة إلى سفراء المنظمة، قال لهم فيها: أمامكم مثالان فى العالم الإسلامى: فاروق حسنى وأحمدى نجاد فعليكم أن تختاروا، لكنهم صموا آذانهم.

اتهموك أيضاً، بأنك تمارس الرقابة على الأفكار وتصادر الكتب، بل وتحرقها !
لقد رددت على ذلك فى تصريحاتى، وفى خطابى أمام اليونسكو، كان عليهم أن يقرءوا مواقفى جيداً، لقد سمحت بنشر رواية "وليمة لأعشاب البحر"، رغم المعارضة الشديدة وخروج تظاهرات عارمة تندد بى، بل وتستبيح دمى، ووافقت على منح د. سيد القمنى جائزة الدولة رغم أننى كنت أدرك ردود الفعل الرافضة ، وقررت عودة مجلة إبداع ورفضت مبدأ المصادرة، هكذا أنا أؤمن بحرية الفكر والثقافة والاعتقاد.

كانت الدعاية التى يقومون عليها مغلوطة ورخيصة، وفى المقابل رفضوا نشر أى مقالات للدفاع عنى، بل إن أحد الصحفيين الإيطاليين المرموقين حاول كتابة مقال فى صحيفة إيطالية شهيرة، تحدث فيه عن تجربة ترميم المعابد اليهودية التى تمت فى مصر إلا أنهم رفضوا نشره، ليؤكدوا بذلك أن النية مبيتة، وأن اللوبى اليهودى كان هو المتحكم فى الإعلام والصحافة، ولذلك عندما كانوا يقولون لى أنت متهم بمعاداة السامية، وستقوم بمهمة الرقيب فى اليونسكو إذا ما انتخبت كنت أقول لهم : إن نصف العالم قد انتخبنى وهذا أبلغ دليل على كذب هذه الادعاءات.

الكيان الصهيونى يعتبر أن المرحلة القادمة فى اليونسكو هى مرحلة تسجيل القدس كأثر صهيونى، بعد أن جرى تغيير واقعها فعلياً، هل تعتقد أن الإطاحة بكم جزء من هذا المخطط؟
نعم لقد قلت منذ البداية إن تهمة حرق الكتب اليهودية ومعاداة السامية هى ستار لأشياء أخرى، وقضية القدس والموقف منها هى واحدة من أهم هذه القضايا، انظر إلى الإيميلات التى وصلت إلى منذ إعلان خسارتى، أغلبها جاء من تل أبيب، أحدها يقولـ أمسك الوزير بورقة وراح يقرأ ـ "نحن سعداء جداً أنك لم تنجح وسعداء أنك التزمت بيتكم، عليك أن تعمل أكثر وأكثر لكى تستطيع حرق المزيد من الكتب اليهودية، أنت إنسان من بقايا الماضى".

إذن هذه هى لغتهم: شماتة وأكاذيب وادعاءات إنهم يكنون حقداً أسود لكل صاحب فكر أو رأى ويكنون حقدهم للمصريين.

وهل تعتقد أن هذا الموقف مرتبط فقط بفاروق حسنى ومواقفه أم هو موجة ضد مصر وضد العرب وضد الجنوب عامة ؟!
بالقطع هم استندوا بادعاءاتهم إلى حقائق مغلوطة حولى وحول مواقفى، أخذوها حجة، وعندما راحوا يقولون هاتوا شخصاً مصرياً آخر ونحن نقبله، فقد كانوا يعرفون أن مصر لن تخضع لأى إملاءات، وكنا ندرك فى الوقت ذاته أن كل ذلك مجرد أكاذيب وأن القضية بالنسبة لهم أكبر من فاروق حسنى، إنهم لا يريدون إلا أنفسهم.

قالوا: إنك معاد للتطبيع معهم
إذن عليهم أن يبحثوا عن شخص على مقاسهم، ويبحثوا عن التطبيع مع أى شخص آخر، أما أنا فموقفى واضح، لا تطبيع إلا بعد تحقيق السلام الشامل والعادل.. أما عن مواقفى المبدئية فلا مزايدة عليها، إن مثل هذه الرسائل التى بعثوا بها إلينا تنم عن كره عنيف، وحقد أسود مرير.. أين التسامح الذى يتحدثون عنه أين السلام الذى يسعون إليه ، إنها أكاذيب وأوهام، والوقائع أثبتت ذلك.

سوف أستمر فى أداء رسالتى، ولن يثنينى عنها أحد، وأنا رهن إشارة السيد الرئيس الذى وقف معى ودعمنى بكل قوة ورفض منطق الابتزاز، وفى آخر اتصال معى قال، "ارم بكل ما جرى خلف ظهرك"، ولذلك أنا مستمر فى دورى، ولن أستجيب لمطلبهم ونواياهم الخبيثة.

إذن القضية بالنسبة لهم أنك مرشح عربى مسلم جنوبى !
نعم هذه هى الحقيقة.. مهما ادعوا ومهما قالوا الحرب التى شنوها ضدى كانت نتاج تآمر وأكاذيب، لقد نسى هؤلاء أننا نحن الذين رسخنا قيم السلام والتسامح والحضارة، لكنهم لا يزالون عند أفكارهم البالية أن الشمال هو الذى حكم الجنوب، وأن الجنوب يجب أن يبقى خاضعاً للمشال، لقد كانوا يرتعدون خوفاً من نجاح مرشح عربى مسلم جنوبى وتلوى هذا المنصب المهم كمدير عام ليونسكو، ولذلك أقول لهم رسالة واضحة عبر صحيفتكم: "إذا كانوا يظنون أننى سأبقى فى بيتى وأعتزل دورى فهم واهمون، سأبقى فى الساحة وسأواجههم ويبقوا يقابلونى"!!

لقد قالوا إن الضربة الثانية التى يجب أن يتلقاها فاروق حسنى هى أن يجبر على الاستقالة، وبعد كل ما حدث أقول، إننى لن أستقيل وسأبقى أؤدى دورى الذى كلفنى به الرئيس مبارك، وله وحده حق إصدار القرار باستمرارى من عدمه ، لكننى سأبقى حتى اليوم الأخير أمارس دورى بكل قوة من أجل استمرار مسيرة النهضة الثقافية التى شهدت انجازات حضارية كبرى فى عهد الرئيس مبارك لم تشهدها من قبل.

هل يؤجج الموقف الذى اتخذ ضدك الصراع بين الشمال والجنوب؟ وهل يعنى ذلك أن المشروع الذى تتبناه فرنسا للحوار بين الجانبين سوف يلفظ أنفاسه الأخيرة؟
لقد وقف العالم عارياً أمام نفسه وثبت أن الحوار مجرد وهم وأن أمامهم فاتورة كبرى يجب أن يسددوها لمحو هذه الصورة الذهنية التى علقت فى ذاكرة أبناء الجنوب.

لماذا لم توظف إحدى شركات الدعاية الكبرى لمواجهة تلك الحملات الشرسة والظالمة؟
يؤسفنى القول إن كافة شركات الدعاية الكبرى فى فرنسا رفضت القيام بهذه المهمة ، بالقطع الأمر لا يخلو من ضغوط وإغراءات كان يمارسها اللوبى اليهودى، ومع ذلك خضت والفريق الذى كان معى حرباً إعلامية كبرى لتوضيح الحقائق ولم تزد مصاريف هذه الحملة عن 24 ألف يورو، فى حين حصلت شركات الدعاية من بعض المرشحين الآخرين على الملايين، لقد كان هناك جهد كبير للرئيس مبارك لن أنساه ما حييت، كان هناك جهد متميز للدكتور أحمد نظيف ولوزير الخارجية أحمد أبو الغيط ولوزير التعليم العالى د. هانى هلال ولسفرينا فى اليونسكو شادية قناوى، وسفيرنا فى باريس ناصر كامل وحسن نصار ومحمد غنيم ومحمد سلماوى وكثيرين آخرين . أما موقف النائب محمد أبو العنين فهو يستحق كل الشكر، لقد جاء إلى فى باريس ووضع كل إمكاناته تحت تصرفى وأبدى كل استعداداته لتنظيم حملات الدعاية، ويكفينى مبادرته الكريمة وجهده الدءوب الذى لن ينسى والذى أكد أصالة معدن الإنسان المصرى والموقف العربى؟

كان موقف العقيد معمر القذافى فى مقدمة المواقف المساندة لى، لقد ظل الأخ الأستاذ أحمد قذاف الدم يتابع معى المعركة أولاً بأول ويجرى الاتصالات بالأفارقة والأطراف الأخرى، وكان موقف الإمارات رائعاً، وكان موقف الجزائر عظيماً إلى جوارى رغم أن هناك مرشحاً جزائرياً لقد كان الموقف العربى حقاً عند مستوى الحدث.

هل أنت نادم على خوض هذه التجربة؟!
بالقطع لست نادماً صحيح أننى منذ بداية خدمتى لهذه المعركة اعترانى شعور بالقلق، كيف سأغترب مرة أخرى وأترك مصر؟ كيف أترك رسومى ولوحاتى إلا أن استعدادى لتحمل المسئولية الجديدة كان كبيراً، وعندما جاءت نتيجة الانتخابات فى المرحلة الأولى قوية شعرت أننى على أبواب النصر الكبير، ولكن أطراف المؤامرة وفى المقدمة منها المندوب الأمريكى كانت تعد لحرب قذرة تقوم على الخداع والأكاذيب وتزييف الحقائق، فاستطاعوا قلب الموازين بفعل فاعل، ليكشفوا بذلك عن وجههم الحقيقى. وعدائهم السافر للجنوب والعرب والمسلمين. صحيح أننى خسرت جولة الانتخابات، ولكننى أعتقد أننى كسبت أشياء عظيمة، وتعلمت دروساً كبيرة، بعد أن سقطت الأقنعة وظهرت الوجوه على حقيقتها.

هل كنت تتوقع أن تكون المرشحة البلغارية هى منافسك الرئيسى؟!
رغم أنها حصلت على 8 أصوات فى بداية الجولة الانتخابية الأولى فإننى توقعت منذ البداية أن تكون هى وليست المرشحة النمساوية، لأـنها كانت تستحوذ على تعاطف داخل المنظمة. باعتبارها سفيرة بالمنظمة ووزيرة خارجية سابقة، ولكن المساندة الغريبة لها كان لها الدور الأساسى.

لقد ذهبت إليهم بأفكار جديدة وخلفى تاريخ طويل من الإنجازات الثقافية والحضارية وعقل متفتح على الآخر، وأكبر متحف فى العالم، والقاهرة التاريخية، ولكن كل ذلك لم تكن له قيمة أمام الأصوات العنصرية المعادية لثقافة الآخر وحضارة الآخر، بل وحق الآخر فى الحياة والوجود.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة