فاطمة حنفى

العيد .. فرحة

الخميس، 24 سبتمبر 2009 03:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاحتفال بالأعياد من الأمور الفطرية التى أجمعت عليها البشرية على اختلاف الأديان والأجناس والبلدان، فلا توجد أمة ولا جماعة ولا دين بلا عيد. ويحتفل الناس فى شتى أقطار الأرض بالأعياد بطرقهم المختلفة المتنوعة والتى تعتمد على العادات والتقاليد والعرف السائد المستمد من صميم بيئاتهم المختلفة حتى وإن غلب على تلك الأعياد المناسبات الدينية.

وكما ورد فى كتب"علم الاجتماع" أن فكرة احتفال الإنسان بالعيد ارتبطت بتطورين كبيرين:
الأول: استقرار المجتمعات البشرية فى شكل تجمعات مستقرة تحترف الزراعة فى الأساس.
أما التطور الثانى: فهو توصل الإنسان إلى التقويم الفلكى ومعرفته أوقات الزراعة وفصول السنة ومواعيد الخصب والحصاد، وأدى تفاعل هذين التطورين إلى ارتباط احتفالات الإنسان بالعيد بمواسم الخصب والنماء والحصاد ومواسم الزراعة واعتدال المناخ ووفرة الأرزاق.
فنجد أن الكل يفرح بقدوم الأعياد من مختلف الأعمار والأجناس، والسمة الغالبة على كل الأعياد فى الحكايات الشعبية والموروثات، أنها تأتى بعد فترة زمنية من المعاناة أو الآلام والاختبارات ومدى صبر الإنسان عليها.

ويأتى العيد ليفرح به قلوب بنى البشر ليهنأوا ويسعدوا ويمرحوا لعبا ولهوا وبهجة وسرورا ونشوة. وهناك مصادر وعوامل متعددة تلعب الدور الأهم فى تحقيق ‏سعادتنا أو شقائنا وهى: دور طبيعة الجسم وخصائصه وقدراته الموروثة، ‏وبشكل خاص دور الأحاسيس، دور البيئة الطبيعية والمادية، دور المجتمع، دور الدين والعقائد والعادات والتقاليد.

فيختلف كل إنسان فى احتفاله‏ بالعيد عن الآخر، منهم من ينظر للعيد بأنه هديه ومنحة من الله "عزوجل" لكى يجتمع الأهل وتتقوى صلة المودة والرحمة بين الإخوان والأسر والأقارب، والبعض الآخر لا يهتم لهذه الأمور بقدر ما يهتم أن يقضيه فى الفسحات والتجوال مع الأصدقاء فقط ولا يهمه كثيرا تجمعات الأهل أو صلة الأرحام أو المعنى الدينى أو الإنسانى للأعياد وما شابه ذلك.......

والبعض الآخر لا يفرق عنده العيد. فالعيد عنده يوم إجازة أو كسائر الأيام لا يختلف كثيرا عن بقيتها فما يفعله عادة فى الأيام العادية يفعله فى العيد. فلا يشعر بلذة العيد، وأكثر ما يتذكر منه أنه كان لديه إجازة وقضاها فى النوم أو اللهو وإضاعة الوقت والسلام. فهل نحن فعلا مبتهجون بالعيد؟

نفعل الكثير والكثير من الاستعدادات والتجهيزات وخصوصا مع تزايد قدرة الفرد منا المادية على تحقيق كل ألوان البذخ والاحتفال من مأكل ومشرب وملبس ونزهات ورحلات وزيارات وتجمعات وهنا "مربط الفرس" فلا يشعر الفرد منا بأى نوع من البهجة والسرور وهو يعيش وحيدا، فالأساس فى الاحتفالات وإدراك الشعور بالسعادة أن يشعر المرء منا بوجوده وأهميته فى داخل المجتمع البشرى الكبير.

يقول علماء النفس والتربية والاجتماع إن "رياض الأطفال" من أهم الإنجازات الحضارية التربوية لأن سلوك الطفل ومداركه ومنظومة قيمه وشخصيته ترتقى وتتطور طبقا للمجموعات التى ينضم إليها ويتعايش معها ويسايرها ويقلدها، فتنمو شخصيته بشكل فعال وإيجابى لا نظير له بالمقارنة بالتربية المنعزلة والفردية لأننا خلقنا لنعيش فى "شكل قطيع" كما هى الحياة فى أولى صورها البدائية.

فبالرغم من أنه يصعب تعريف السعادة بشكل دقيق، فهى تشمل أمورا ‏وأوضاعا كثيرة ومتنوعة ومتشابكة، ومتناقضة أحياناً. فالألم والمعاناة تصنف ‏غالباً بأنها من الأوضاع غير السعيدة، ولكنها فى بعض الحالات تكون ‏مترافقة مع سعادة، فالأم تعانى وتقاسى فى تربية أبنائها والعناية بهم ولكنها ‏غالباً تحصل على السعادة ولا تهتم بما عانت وكابدت . وكل قصص النجاح فى كل ميادين الحياة نجد أنه عندما يتحقق النجاح أو ‏الفوز تتحقق السعادة وتطغى على كل الآلام والمعاناة التى تحملها الإنسان مهما كانت شاقة ومجهدة ومضنية، وهناك ‏لذة الإيثار والعطاء والتضحية، فالمهم هو الإنجاز الذى يتحقق ويحقق الرضا والسعادة التى يعرفها الكثيرون والكثيرون "بأن السعادة فقط فى الرضا". لا تجد إنسانا كائنا ما كان يتمنى أن يحتفل بأى عيد من الأعياد إلا بشكل جماعى وتزداد درجة الابتهاج والمتعة والسعادة لديه كلما زاد هذا العدد الجماعى كما ونوعا.

ومن العوامل المؤثرة بشكل أساسى أيضا فى شعور الفرد بالسعادة والفرحة الحقيقية مدى انسجام وتوافق الصفات الشكلية والجوهرية لتلك المجموعات مع بعضها البعض، فكثيرا ما رأيت مجموعات من البشر من ذوى القدرات المادية والمعيشية المحدودة والمتواضعة، وتجد لديهم القدرة الخارقة والمبهرة للاحتفال بتلك الأعياد وفى أجواء خيالية يحسدهم على روعة تلك المشاعر الحقيقية ومن القلب من يملك الملايين ولكن يفتقد الشىء الأهم وهو الشعور بالسعادة الحقيقية.

إن الاستعدادات التى تسبق الأعياد والاحتفالات أيضا هى مصدر أساسى ودائم للسعادة التى لا تنسى أبدا كأحداث وذكريات نعيش بها ومنها على مدار سنين حياتنا مهما مرت بنا الأيام.
ولذلك على الأهل أن يهيئوا أطفالهم لفرحة العيد بأن يصطحبوهم إلى الأسواق ومراكز الشراء قبل حلول العيد ليتمكنوا من شراء ما يلزم من ثياب وأحذية وألعاب وغيرها ومهما كانت بسيطة ومحدودة.

ولابد أيضا أن نعلم أولادنا المشاركة فى كيفية إعداد مظاهر الاحتفال بالعيد للأقارب والأصدقاء ولو فى تجهيز الإعدادات لبعض الأطعمة الشهية الخاصة بالعيد ومن تزيين المنازل ببعض الأوراق المزخرفة "الفاقع لونها التى تسر الناظرين" ومن رسم لوحات ملونة لخلق ملكات الإبداع التى تنبع من تلك المشاعر الإيجابية المتدفقة.

فإن السعادة الآن موضع دراسة موسعة من قبل قاعدة البيانات العالمية ‏للسعادة، وذلك لمدى أهمية وتأثير الدور الذى تلعبه تلك المشاعر فى وجدان الطفل وقدراته ونبوغه ونجاحه العلمى والعملى والتى تصاحبه فى كل سنوات عمره . وطبقا لتلك البيانات فإن أسعد الشعوب حسب قاعدة البيانات العالمية هم الدنماركيون ‏فالمالطيون فالسويسريون فالإيرلنديون فالكنديون، وأشقى الشعوب العراقيون ‏والصوماليون. هل لديك الفضول لتعرف السبب لتلك السعادة التى تتسم بها تلك الشعوب؟ أبحث بنفسك وستعرف الإجابة بكل وضوح وسعادة!.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة