محمد حمدى

تناقضات الأنفلونزا

الأربعاء، 23 سبتمبر 2009 05:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتابع صديق بريطانى مقيم بمصر منذ سنوات الخطط الحكومية لمكافحة أنفلونزا الخنازير بالكثير من الاندهاش والاستغراب، الصديق الذى يعمل مدرسا للغة الإنجليزية فى إحدى مدارس القاهرة سافر إلى إنجلترا لقضاء الإجازة الصيفية وعاد لمصر قبل أسبوعين، ففوجئ بحالة الرعب التى يتعامل بها الجميع فى مصر مع الأنفلونزا.. مواطنون ومسئولون.

قال: أوروبا تعتبر ثانى قارة من حيث نسب انتشار الأنفلونزا بعد أمريكا اللاتينية، ومع ذلك تسير الحياة بمعدلات طبيعية، لا تأجيل للمدارس، ولا تعليق لأية أنشطة، ولا تجرى عمليات عزل للمصابين!
سألته: وكيف تتعاملون مع وباء الأنفلونزا؟
قال: بمنتهى الهدوء والبساطة، المعلومات متاحة على رقم عبر الهاتف لمن يريد الاتصال ومعرفة كل شىء وعند الشك فى إصابة مواطن يزوره المسئولون الصحيون فى منزله ويجرون الفحوصات اللازمة، وإذا تأكدت الإصابة يعطى العلاج المناسب، ويطلب منه البقاء فى البيت حتى الشفاء.
والمدارس؟
قال: المدارس مفتوحة، ولا تعديل للبرامج التعليمية، وعند ظهور الفيروس فى أى مدرسة يتم إغلاقها لمدة أسبوع، ثم يعاد فتحها مرة أخرى.
ودور السينما والمسرح وأماكن العبادة ومباريات كرة القدم والأنشطة الرياضية فى الصالات المغطاة؟
ضحك وقال: لعلك شاهدت كيف كانت الملاعب الأوروبية ممتلئة عن آخرها فى مباريات الكرة وسائر اللعبات الأخرى.. نحن نتعامل مع كل شىء فى حدوده فقط!

هكذا يفكرون ويعملون.. وهكذا نفكر ونعمل.. الفرق الوحيد بيننا وبين الآخرين هو أننا من النوع المذعور دائما، فأنفلونزا الخنازير حسب منظمة الصحة العالمية لا تزال مجرد فيروس ضعيف لكنه سريع الانتشار، ورغم إعلانه وباء عالميا بسبب انتشاره فى كل قارات العالم، فإنها لم تصدر توصيات بإغلاق مناطق او دول أو منع السفر أو حظر التجمعات.. وحسب المنظمة نفسها فإن التوقعات تشير إلى أن الفيروس قد يبلغ مرحلة الخطورة فى شهرى يناير وفبراير، وفى ضوء معلومات الانتشار والإصابة ونسب الوفيات يتم تصعيد الإجراءات.. بينما نحن بدأنا من حيث يجب أن ننتهى!

وقد قرأنا فى كل الصحف المصرية تقريبا عن توصيات لمنظمة الصحة العالمية تدعو لتأجيل الدراسة فى المدارس، ثم تسربت أنباء عن اجتماع وزراء الصحة فى إقليم شرق المتوسط صدرت عنه توصية بضرورة بدء العام الدراسى فى موعده الآن وعدم التسرع بقرارات تأجيل الدراسة، لأن هذا القرار قد يتخذ فى يناير أو فبراير حين يتحول الفيروس إلى وباء شديد الخطورة.

وهذا يعنى أننا أخطأنا حين اتخذنا قرارا بتأجيل الدراسة عن موعدها، فى فترة لا ينتشر فيها الفيروس بشكل كبير، ولا يمثل خطورة صحية شديدة، فماذا سنفعل حين تتحول الإنفلونزا إلى كارثة بشرية.. هل سنمنع الناس من الخروج من البيوت؟

الغريب أيضا أننا نشطنا فى التحذير من مخاطر الحج والعمرة، بينما لدينا أماكن فى مصر يتجمع فيها عدة ملايين من البشر فى اليوم الواحد مثل محطة قطارات رمسيس، وميدان العتبة والأسواق المحيطة به ووكالة البلح ومترو الأنفاق.. ولم نسمع مسئولا واحدا يتحدث عن كيفية مواجهة الأنفلونزا فى مثل هذه التجمعات البشرية المزدحمة جدا؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة