
سألت المستشار محمود الخضيرى من أين اشترى شقته الحالية فى منطقة سموحة الراقية بالإسكندرية ولماذا قام بتغيير سيارته.. وأعربت له عن دهشتى من استقالة قاض قبل خروجه من الخدمة بتسعة أشهر ورفضت تسميتها بالاستقالة.. وقلت له إنه سوف يستفيد من شهرته التى جناها فى السنوات السابقة فى عمله الجديد كمحام.
أسئلة كثيرة واجهت بها الرجل والأمانة تقتضى أن أذكر أنه لم يتبرم من إلحاحى فى الأسئلة والتى كان بعضها مستفزا.. حيث توقع الرجل أن يكون حوارى (كله) عن استقالته، لكنه فوجئ بأسئلة أخرى.. عموما الحوار لا يحتاج إلى مقدمة.. فالرجل فرض نفسه على ساحة الأخبار خلال الأيام القليلة الماضية بسبب استقالته.. فإلى تفاصيل الحوار:
يعنى إيه استقالة قاضى سيخرج بعد 9 أشهر من الخدمة.. عايز أفهمها؟
أنا فعلا استقلت وقدمت خطاب الاستقالة إلى رئيس محكمة النقض وكون أن الباقى على خدمتى شهور لا يعنى عدم أحقيتى فى الاستقالة.
ما أفهمه أنكم وقد نويتم الاستقالة فعلا.. فكان ينبغى تقديمها منذ سنوات وليس قبل خروجكم من الخدمة بشهور؟
أولا أنا كنت ناوى على الاستقالة منذ العام الماضى، لكن رفض كثيرون من الزملاء كما أننى فكرت فى الاستقالة أثناء رئاستى لنادى قضاة الإسكندرية، لكن تنفيذها وقتها كان مسألة صعبة أن أستقيل وأنا رئيس لنادى القضاة.. لكن بعد أن تركت رئاسة النادى عزمت على الاستقالة وتحديدا منذ نوفمبر الماضى.
ما هو رد فعل زملائك من القضاة فور معرفتهم خبر الاستقالة؟
أعرب عدد كبير عن ضيقهم وقد اتصل بى المستشار زكريا عبد العزيز يسألنى عن صحة الخبر، وعندما أكدته له طلبت منه عدم إعلانه، ففاجئنى أن جميع القضاة فى النادى ليس لهم من حديث إلا خبر استقالتى.. وقد اتصل بى المستشار هشام البسطويسى وأعرب عن موافقته وتأييده لقرارى بالاستقالة، بينما اعترض المستشار أحمد مكى.
ولماذا الاستقالة فى أول أكتوبر تحديدا؟
كان يجب إبلاغ رئيس محكمة النقض فى هذا التوقيت تحديدا حتى لا يدرج اسمى فى العمل، لأن توزيع القضاة على الدوائر يبدأ فى هذا الشهر، علما بأننى قدمت خطاب الاستقالة فى 14 من الشهر الجارى، ولم أكن أنو الإعلان عنها إلا بعد اعتمادها من وزير العدل.. وقلت لرئيس محكمة النقض هذه استقالتى وأرفقت معها خطابا هادئا له.
هل كنت تتوقع كل هذه ردود الأفعال؟
أبدا، بل تخيلت أننى لو اتصلت بك وقلت لك يا أستاذ محمد أنا استقلت.. لم أكن لأندهش إذا قلت لى وإيه يعنى هذا خبر عادي.. لكننى فوجئت بردود أفعال غير عادية واتصالات تليفونية ورسائل ولقاءات.
إذا كنت قدمت خطاب الاستقالة إلى رئيس محكمة النقض فما تفسيركم بمعرفة وسائل الإعلام به؟
القصة باختصار أن رئيس المحكمة بعد أن تسلم خطاب الاستقالة قام بإرساله إلى الزملاء بالمكتب الفنى الذين يتولون توزيع العمل على القضاة.. وفى تقديرى أنهم بدءوا يتحدثون عن استقالة الخضيرى، وفى غضون أربعة أيام وجدت التليفونات تنهال على بيتى.
هل الاستقالة الآن على مكتب وزير العدل؟
لا أعتقد أنها وصلت مكتبه ولن تذهب إليه قبل يوم 29 أو 30 من الشهر الجارى
حسب معرفتى فإن الاستقالة المسببة لا يتم قبولها قبل التحقيق فى أسبابها؟
بداية أنا لم أقدم استقالة مسببة، بل تقدمت باستقالة عادية حتى يتم قبولها فورا ورأيت أن أسهل طريقة لى هو تقديمها إلى رئيس محكمة النقض مباشرة دون الذهاب بها إلى وزارة العدل.
دعك من أن الاستقالة عادية وليست مسببة.. وأرجو أن تذكر لى الأسباب الفعلية وراء الاستقالة؟
السبب الحقيقى لاستقالتى هو أننى مش قادر أؤدى عملى بالطريقة التى اعتدت عليها.
يعنى إيه؟
أقصد بالاتقان والجودة.
وما الذى يحول بينكم وبين إتقان عملكم؟
أولا الضغط العصبى بسبب كبر السن فأنا رجل سبعينى العمر إضافة إلى كافة الأحداث التى جرت فى السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالشأن العام.
إذا كان السبب هو كبر السن.. إذن يجب وقف العمل بتمديد السن للقضاة فيما فوق السبعين مثلما يدرى حاليا؟
أنا أريد أن أتحدث عن نفسى فقد يرى بعض من هم فوق السبعين عاما أن لديهم الصحة والطاقة على إنجاز العمل مقارنة بى وهذا حقهم وهم أحرار فيما يرون.
ماذا ستفعل بعد الاستقالة؟
سأعمل بالمحاماة.. وأنوى بعد انتهاء إجازة العيد البدء فورا فى البحث عن مكتب ليكون مقرا لعملى كمحام، وسوف أتخصص كمحام مدنى.
يا سبحان الله.. كيف تبررون استقالتكم بكبر السن ثم تنوون بعد العيد العمل بالمحاماة وهى مهنة شاقة؟
هناك فارق كبير بين طبيعة عمل القاضى والمحامى فالأول ملتزم بإنجاز أعمال محددة فى أوقات محددة، بينما المحامى يستطيع اختيار ما يشاء من القضايا والاعتذار عن الأخرى.
بالتأكيد سوف تستفيد فى عملك كمحام.. من الشهرة والنجومية التى حققتها خلال السنوات الأخيرة؟
وما العيب أو الخطأ والذنب الذى ارتكبته فى تحقيقى للشهرة.. وهل جاءت لى هذه الشهرة بطريقة مشروعة أم غير مشروعة.
ما تفسيركم للرابط الذهنى لدى الناس بينكم وبين الإخوان.. هل بسبب لحيتكم؟
أنا غير مسئول عن اعتقادات البعض ولست إخوانيا، وإن كنت أحترمهم وأعتبر الإخوان يمثلون المعارضة الحقيقية فى الشارع السياسى.. وما يروجه البعض على أنى إخوانيا فهى شائعة هدفها تحطيم صورتى الشخصية.
وماذا بعد العمل بالمحاماة.. كيف سيكون اهتمامكم بالشأن العام؟
أنا عضو فى تجمع مصريين ضد تزوير الانتخابات، وكذلك أشغل العضوية فى لجنة الدفاع عن حصار غزة.
آخر مرتب لكم بالحوافز والبدلات كان كام؟
عشرة آلاف جنيه، علما بأننى من بين الـ 25 الأوائل من قضاة محكمة النقض والبالغ عددهم حوالى ثلاثمائة قاض من أصل 12 ألف قاض على مستوى الجمهورية.. وغالبية القضاة لا يكفيهم دخلهم، وإذا لم يكن للقاضى دخلا آخر كميراث عائلى مثلا فإنه يعانى من المعيشة، حيث يبلغ متوسط رواتب القضاة من 3 إلى 5 آلاف جنيه شاملة الحوافز والمكافآت.
عايز أسالك عن شقتك التى تسكن فيها حاليا فى منطقة سموحة الراقية بالإسكندرية؟
لقد اشتريتها منذ ما يقرب من 17عاما وكنت وقتها معارا للعمل بدولة الإمارات.
يعنى لديكم ثروة من عملكم بالخليج فى عز مجده البترولى؟
لا طبعا.. فقد عملت بالإمارات لمدة خمس سنوات ونصف براتب ثمانية آلاف درهم، وذلك فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى وكان راتبى يعادل ثمانية آلاف جنيه، كنت أدفع نصفهم سدادا لأقساط الشقة وبقية الراتب كنت أعيش بنصفه والباقى أرسله لأسرتى وأولاى، وبالتالى لم أدخر مليما واحدا من إعارتى.
ما نوع سيارتك التى تمتلكها الآن؟
عشت طول عمرى أمتلك سيارة بولونيز واشتريتها بالتقسيط من نادى القضاة مثل بقية زملائى، وبعد أن أصبحت خردة اشتريت منذ عامين سيارة صينى ماركة اسبرانزا.
عودة لموضوع الاستقالة.. هل اتصل بكم أحد من المسئولين بوزارة العدل؟
لم يحدث..فقط زملائى القضاة والإعلاميين والصحفيين.
لدى بعض القضاة تحفظ على الطريقة التى تتعاطون بها مع الشأن العام ويرون مثلا أن خروجكم فى المظاهرات يقلل من هيبة القاضى لدى الناس.. ما تعليقكم؟
=قناعتى أن تصرفاتى زادت من صورة القاضى احتراما لدى الناس.. ولعلى هنا أقتدى بالقاضى الأشهر العز بن عبد السلام وكان كبير قضاة مصر.. وأود أن أقول لك إن بعض الزملاء كان يود أن يفعل مثلى، لكنه غير قادر أن يسير فى مظاهرة مثلا.
هل قابلت درجة من العنت والصعاب أثناء ممارستك عملك كقاضى؟
الأمانة تقتضى القول عدم وجود أى درجة من العنت معى أثناء ممارستى للمهنة.
ما أغرب تعليق سمعته بعد انتشار خبر الاستقالة؟
قال لى البعض إن الناس لن أحترمك بشدة بعد الاستقالة مثلما كانوا يفعلون وأنا قاض، لكن حجم الالتفاف حولى بعد الاستقالة جعلنى أقول ياريتنى استقلت من زمان.
القضاء رايح على فين من وجهة نظرك؟
رايح على منعطف خطير.. ومحاولات الحكومة للسيطرة عليه مستمرة وربنا يسامح وزير العدل، لأنه بيحلم بسيطرة السلطة التنفيذية على القضاء بأفكاره الجديدة التى يطرحها باستمرار.
هل تعتقد أنه سيرحل فى أقرب تغيير وزارى؟
لن يرحل ولو كانت هناك نية فى تغييره كانت تمت بعد أزمة خبراء وزارة العدل.. وأشعر أن الرئيس راض عنه.
البعض يرى أنك لا تسيطر على انفعالاتك.. مثلما حدث فى أزمة تصريحكم الشهير ضد بعض أعضاء البرلمان ووصفهم بالانبطاح ثم اعتذاركم عنه بعد ذلك فى منزل دكتور فتحى سرور بمارينا.. تعليق؟
انفعالى سببه إيمانى بالمبدأ وإن كنت اتفق معكم على أن انفعالى زيادة شوية.. لكن عايز أقول إننى لم أندم على تصرف أكثر من ندمى على اعتذارى على تصريح الانبطاح.. لأننى ظهرت فى صورة من يقول كلمته ولا يستمر عليها.. رغم أننى لم أقصد الإهانة.. لكنها كانت أزمة شديدة وقتها.
عندك تفاصيل جديدة عنها؟
بعد تصريحى ووصفى للبرلمان بالانبطاح وجدت نفسى بين المطرقة والسندان.. حيث قال لى زملائى إننى أخطأت وأننى بتصريحى قد أدخلت القضاة فى أزمة مع مجلس الشعب.. وطلب منى زملائى حل المشكلة.. ونتيجة لضغط زملائى ذهبت للدكتور سرور فى منزله بمارينا وكان معى المستشار أحمد مكى، وقد استقبلنا سرور استقبالا حافلا واستمر اللقاء ساعتين.. وعرفت أن بعض رؤساء تحرير الصحف القومية قد اتصلوا بالدكتور سرور وطالبوه باتخاذ موقف متشدد معى.. لكننى لمست ترحيبه الشديد بى فور استقباله لنا.
أين تيار الاستقلال.. فقد خرجتم من نوادى القضاة وبعضكم سافر للخارج وأنتم استقلتم.. هل نقول وداعا لتيار الاستقلال؟
تيار الاستقلال يجتمع باستمرار.. ونعقد لقاء شهريا.. وبدأنا فى تكوين جيل ثان وثالث كمان.. والتيار لن يموت.