بعد الأزمة التى أثيرت فى سويسرا والتى انتهت باللجوء إلى استفتاء يتم بموجبه الموافقة أو رفض إقامة مآذن لمساجد المسلمين فى سويسرا، دخلت إسبانيا إلى قائمة الدول الأوربية الرافضة لبناء المساجد، فقد نشرت صحيفة البايس الإسبانية مقالاً تحدثت فيه عن رفض بعض الإسبان لوجود مساجد فى أحيائهم، ووصل الأمر ذروته عندما قررت جماعة من المسلمين فتح مسجد، فتمرد الجيران، ونزلوا إلى الشارع لإيقاف هذا المشروع.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النزاع تكرر بأشكال مختلفة، وأيضا فى أوقات مختلفة لأكثر من 60 مرة فى إسبانيا وذلك منذ منتصف التسعينات، ووضعت اتفاقيات لإيقاف هذه المشروعات وذلك لتفعيل التفاعل الاجتماعى والحد من الحرية الدينية ل 1.3 مليون مسلم فى شبه الجزيرة.
وأضافت الصحيفة أيضا أن هناك من يطالب بإغلاق مراكز العبادة الإسلامية فى أحيائهم، وذلك لزعمهم بوجود إزعاج وضوضاء فى الطريق العام، وصعوبة إيجاد أماكن لركن السيارات إلى جانب الاعتراضات الأخرى.
وفى معرض سردها للأسباب الحقيقية التى توجد خلف هذه الأعذار، قالت الصحيفة الإسبانية إن البداية كانت بتكوين حركة سميت بحركة "نيمبى"، وهو اسم مختصر يعنى بالإنجليزية "ليس فى عقر دارى" وهذا يعنى أنه ليس فى دارى أنا الإسبانى أن تقوموا أيها المسلمون ببناء ما يخصكم.
ونقلت الصحيفة عن راى تاتارى رئيس اتحاد المجتمعات الإسلامية فى إسبانيا قوله إنه "لابد من وضع علامات فى المساجد، وذلك ليقوم الناس برؤية وقراءة الإعلانات الخاصة بوجود الوظائف ولتقديم عروض للدروس"، مضيفاً: "أحاول ألا يكون هناك لقاءات ومحادثات بين المصلين بعد الخروج من المسجد، حتى لا يقول أحد إننا نحتل حيزا أو نسبب ضوضاء".
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك تناقضاً فى المجتمع الإسبانى، ففى الوقت الذى يتم فيه افتتاح كنائس دون مشاكل، فلا أحد يريد أن يكون هناك مسجد تحت منزله تماما، وكأنه كازينو موسيقى، ولكن أشارت الصحيفة إلى أنه ما زالت هناك تساؤلات حول مصادر التمويل لبناء المساجد، حيث يقول الخبراء إن 90% من الحالات يتبرع المؤمنون بأموالهم أما الـ10 % المتبقية فيكون التمويل من جهات مختلفة.
ولفتت الصحيفة الإسبانية النظر إلى قضية أخرى، ألا وهى نقص المساجد بإسبانيا، ومرجع ذلك لنقص الموارد لدى الجماعات المهاجرة، وأيضا إلى الخوف من الثقافة الأجنبية ومن أن يفرض المسلمون فكرهم الأصولى المتشدد على المجتمع الإسبانى، وزادت وتيرة هذا الخوف وعدم الثقة التفجيرات التى وقعت فى سكك حديد مدريد عام 2004، مما أودى بحياة 191 شخصا وقتها.
ومن جانب آخر قامت كتالونيا وهى منطقة حكم شبه ذاتى بأسبانيا تضم سبعة ملايين شخص، بوضع قانون، وهو الرائد فى إسبانيا حاليا يهدف إلى تخصيص أراض لبناء المساجد ودور العبادة الأخرى وإعادة النظام، ويقول محمد الشايب، عضو برلمان كتالونيا فى مقابلة له إن الناس يدركون أن العالم قد تغير ولا يمكنهم غض النظر عن شىء مهم كالمساجد، ويأمل ممثلو المنظمات الإسلامية أن يؤدى ذلك إلى إصدار قانون مشابه فى أسبانيا.
الجدير بالذكر أن أسبانيا هى رابع الدول الأوروبية من حيث عدد المسلمين، حيث يعيش بها ما يقرب من مليون ونصف مليون مسلم، أغلبهم مهاجرون ومنهم من يحمل الجنسية الإسبانية، وبها بما يقرب من 200 مسجد، بالإضافة إلى 650 مركز عبادة للمسلمين.
بناء المساجد يواجه رفضا فى إسبانيا