محمد رفعت

سرقة الأطباء!

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009 09:32 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصين تجذب الطلاب من جميع أنحاء العالم ليدرسوا بها، بشرط أن يعملوا ويعيشوا هناك لعدد محدد من السنوات، حتى يفيدوا البلد الذى تعلموا فيه بعلمهم وأبحاثهم، ثم من حقهم بعد ذلك أن يعودوا إلى بلدهم، بعد أن يكونوا قد سددوا ما عليهم من دين علمى ومعنوى.. أما نحن فنفرغ بلدنا عامدين متعمدين من العلماء والكفاءات، ونضيق عليهم الخناق حتى يهربوا بجلودهم وعقولهم وعلمهم الذى أنفقنا عليهم الملايين ليحصلوه.. وهاهو تقرير مراسل جريدة "لوس أنجلوس تايمز" بالقاهرة يكشف جانبا آخر من هذه الحقيقة المفزعة، وهى تفريغ مصر من الأطباء الأكفاء، والسماح بخروجهم للعمل فى مستشفيات الخليج، فى نفس الوقت الذى تتجه فيه الدولة لتقليص عدد الطلاب فى كليات الطب بالجامعات المصرية، وهى الخطة التى بدأت بالفعل العامين الماضيين من خلال رفع المجاميع المؤهلة للالتحاق بكليات الطب فى تنسيق الثانوية العامة.

ويحذرالتقرير من خطورة هروب الأطباء من مصر، ويقول إن الهروب الجماعى للأطباء المصريين للعمل فى دول الخليج، يمثل خطورة كبيرة على مستوى الرعاية الصحية فى مصر، خاصة وأن المتجهين للعمل بالمستشفيات والمستوصفات الخليجية، يكونون عادة من الأطباء المهرة والحاصلين على شهادات الدكتوراه والماجستير المشهود لهم بالكفاءة، وأصحاب الخبرة الكبيرة، وهم يفضلون العمل بالخليج نظرا للإغراءات المادية، فيما لا يبقى فى مصر سوى الأطباء المبتدئين وحديثى التخرج، الذين يعانون عادة من نقص الخبرة!.

ويؤكد أن استمرار هذه الظاهرة خلال الفترة القادمة يهدد بحدوث فراغ طبى فى مصر خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة المقبلة على أقصى تقدير، تعانى فيها الجامعات المصرية من ندرة الأطباء الجيدين، وعدم وجود كوادر طبية ذات خبرة تستطيع تدريب الأطباء حديثى التخرج.

والغريب أنه فى ظل الإقبال الشديد من دول الخليج على استقدام الأطباء المصريين بسبب سمعتهم الجيدة فى الخليج، لدرجة أن معظم من يعملون فى مستشفيات هذه الدول هم من المصريين، يليهم الجنسيات الأخرى، ومع ذلك تسعى الدولة ونقابة الأطباء لتقليص عدد طلاب كليات الطب، بحجة نقص الإمكانات، وعدم وجود أماكن ومعامل كافية لهم، فى حين لو نظرت الحكومة إلى الموضوع نظرة مستقبلية واستثمارية، ستجد أن الكوادر المصرية المدربة هى الدجاجة التى يمكن أن تبيض لها الذهب وتساهم فى توفير السيولة المالية للدولة من خلال زيادة تحويلات العاملين بالخليج، بشرط أن تقنن الدولة عمليات سفرهم، وتشرف على العقود الموقعة معهم، وتحمى حقوقهم، وهو مع الأسف ما لا يحدث، لا نعرف لماذا، وإذا سألنا أو على الأقل أبدينا دهشتنا يقولون أنتم من أنصار نظرية المؤامرة!.

ومع ذلك فنحن نسأل وزير الصحة ونقيب الأطباء.. إذا كان هذا التقرير وعشرات من التقارير والدراسات الأخرى التى قامت بها جهات مصرية وأجنبية تحذر من هروب الكفاءات العلمية للعمل بالخارج، فلماذا لا نضع تشريعا يرتب وينظم هذه المسألة حتى لا تخل بالتوازن الطبى فى مصر من جانب، وحتى نحمى حقوق هؤلاء الأطباء من جانب آخر؟.. أم أن هناك أشياء لا نعلمها هى التى تمنع ذلك..عموما لعل المانع خير!.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة