نتيجة غير متوقعة شهدتها انتخابات اليونسكو التى عقدت مساء أمس، بين المرشح المصرى فاروق حسنى والبلغارية إيرينا بوكوفا بعد انسحاب مرشحة الإكوادور إيفون عبد الباقى قبل الجولة الرابعة بأقل من ساعة واحدة، وهو الأمر الذى يثير علامة استفهام كبيرة، خاصة أن عبد الباقى كانت من أبرز المرشحين المتنافسين على المنصب.
58 دولة هم عدد أعضاء المجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو انقسمت أصواتهم بالتساوى بين المرشح المصرى والمرشحة البلغارية ليحصل كل منهم على 29 صوتا بتعادل غريب وغير متوقع.
عدم توقع التعادل بين حسنى وبوكوفا، يعود إلى نتائج انتخابات الجولة الثالثة، حيث نجح حسنى فى الحصول على 25 صوتا، بينما اكتفت بوكوفا بـ 13 صوتا فقط، وهو فارق كبير بين المرشحين لصالح حسنى، ليفاجأ الجميع بنتائج انتخابات الجولة الرابعة مغايرة تماما للواقع، حيث استطاعت بوكوفا حشد 16صوتا آخر لتأييدها ودعمها، لتحصل على نتيجة 29 صوتا بعد أن كانت 13 صوتا فقط.
مصادر داخل الوفد المصرى أكدت لليوم السابع، أن السبب فى القفزة التى حققتها البلغارية بوكوفا يعود إلى مؤامرة أمريكية – صهيونية- أوروبية ضد فاروق حسنى، حيث نشط السفير الأمريكى فى باريس خلال الـ 48 ساعة الماضية، واستطاع اقناع العديد من الدول بتغيير رأيها ودعم البلغارية ضد حسنى.
وأضافت المصادر أن الأمر كان متوقعا، بسبب إجازة يوم الأحد، حيث عقدت الجولة الثالثة من انتخابات اليونسكو منتصف السبت الماضى، والأحد هو يوم الإجازة الرسمى فى فرنسا، وهو اليوم الذى حيكت فيه كل المؤامرات و"التربيطات" ضد المرشح المصرى، وهو أمر توقعه الوفد المصرى من البداية، لذلك جاءت نتيجة الجولة الرابعة بهذا الشكل غير المنطقى.
وأشارت المصادر إلى أن العداء بين فاروق حسنى والتجمعات الصهيونية والأمريكية يعود لأمر أكبر من اتهامهم له بمعاداة السامية، لأن كل تصرفات حسنى الفترة الماضية أكدت لهم أن حسنى يحترم الديانة اليهودية ولا يعاديها، وقدم أكثر من دليل يثبت ذلك، لكن الأمر يعود إلى صراع بسبب اختلافات وجهات النظر بين إسرائيل وأمريكا من ناحية ومصر من ناحية أخرى فى العديد من القضايا السياسية، وهو ما يفسر تصريح حسام نصار مستشار وزير الثقافة بأن "الحقيقة ستنكشف يوما ما"، وأن "هناك تحالفا ضد المرشح المصرى لمنعه من الوصول إلى المنصب من جانب قوى عظمى"، ورفض نصار أن يصرح بأسماء الدول التى تعادى حسنى وتقف فى طريقه.
من ناحية أخرى يشهد تاريخ منظمة اليونسكو نفسه أن التلاعبات والتكتلات والتدخل غير الشريف للحصول على المنصب أو لاسقاط أحد المرشحين لضمان عدم وصوله لرئاسة اليونسكو، لم يحدث للمرشح المصرى فقط كسابقة غير معهودة، إنما تاريخ انتخابات اليونسكو نفسه معروف عنه عدم النزاهة، والاعتماد على وسائل أخرى غير رأى أعضاء المجلس التنفيذى، وأحدث دليل على ذلك هو الدورة الانتخابية قبل السابقة والتى نجح فيها اليابانى كويشيرو ماتسورا رئيس المنظمة الحالى، فى الحصول على المنصب رغم أنه حصل فى الجولة الأولى على ثلاثة أصوات فقط، من أصل 58 صوتا هم عدد أعضاء المجلس التنفيذى ياليونسكو، لكن من خلال التدخلات والتكتلات استطاع ماتسورا فى الحصول على 30 صوتا فى قفزة نوعية لينجح فى الحصول على المنصب، ليس ذلك فقط بل يتم انتخابه مرة أخرى عام 2005 ليظل رئيس لدورتين متتاليتين.
المعارضة الأمريكية والوقوف فى وجه أى مرشح مصرى يريد أن يصل لمنصب عالمى مستمرة منذ القدم، وذلك عند أراد بطرس غالى أن يصبح أمينا عاما للأمم المتحدة، وقتها تكاتفت أمريكا وإنجلترا لمنع وصوله للمنصب-بحسب تصريحاته لبرنامج شاهد على العصر بقناة الجزيرة- حيث أكد أن أمريكا لم تكن "مرتاحة" لترشيحه، وهو نفس السناريو الذى يتكرر حاليا، لكن غالى نجح فى الحصول على أغلبية الأصوات، 11 صوتا من أصل 15 ، حيث امتنعت 4 دول عن التصويت وهم أمريكا وحلفاؤها فى محاولة لاسقاطه.
"إحنا عملنا اللى علينا" هى الجملة التى ظل يرددها أعضاء الوفد المصرى فى باريس بعد الجولة الرابعة، ويبقى أن المرشح المصرى فاروق حسنى استطاع أن ينافس بقوة تحسب له، حتى وإن لم ينجح فى النهاية فى الحصول على المنصب.
ومن المتوقع اليوم أن يفرض النفوذ الأمريكى سيطرته لإنجاح البلغارية، والأمر لا يحتاج سوى إقناع دولة واحدة فقط من مؤيدى المرشح المصرى بتغيير رأيها ودعم البلغارية، أو بالقرعة إذا انتهى الأمر بالتعادل كما حدث أمس.
ساعات قليلة وتظهر النتيجة، لتنهى التكهنات والتوقعات، ويظهر كل شىء بشكل مكشوف وواضح، لتنهى أيضا بذلك صفحة مهمة من تاريخ فاروق حسنى الوزير الأكثر إثارة للجدل، سواء انتهت النتيجة بالفوز أو حتى بالخسارة، لتبدأ صفحة جديدة أكثر إثارة تتمثل فى اختيار وزير قادم للثقافة.
موضوعات متعلقة..
حسنى يواجه ألاعيب الكبار فى الجولة الخامسة
انتخابات اليونسكو تدخل مرحلة الحسم .. والتكتل الأوروبى – الأمريكى ضد فاروق حسنى يكشف التاريخ "غير النزيه" للمنظمة الدولية
الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009 01:12 م