ما الأزمة إذا اكتشفت أن جدك كان يهوديا؟

نهاية "ماتخافوش".. مزايدة وتطرف ومصادرة على الوطنية

الإثنين، 21 سبتمبر 2009 09:00 م
نهاية "ماتخافوش".. مزايدة وتطرف ومصادرة على الوطنية الفنان نور الشريف
كتب - ريمون فرنسيس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النهاية التى اهتدى إليها الإعلامى مكرم الكرداوى وجاءت ختاما لمسلسل "ماتخافوش" لم تكن مفاجأة للمشاهد الذى طال صبره لمتابعة المسلسل طوال حلقاته الثلاثين، ليحقق فى النهاية انتصارا غير مسبوق فى أن يثبت أنه مسلم حتى النخاع، وأن جده مهدى الكرداوى لم يكن هو كوهين شيحا اليهودى "الشرير" طبعا.

وإذا كانت الأحداث مليئة بالسفسطة والمزايدات والأحداث اللامنطقية، مثل إذاعة نشوى مصطفى تقريرا على الهواء مباشرة، وهذا يستحيل طبعا إلا إذا كانت شبكة أخبار دولية، فليس غريبا أن تأتى النهاية بهذه السذاجة والفقر الدرامى.

فى ختام الحلقة الأخيرة من مسلسل ماتخافوش ختم الإعلامى مكرم بدوى "نور الشريف" بعبارة لخص فيها الصراع الذى دارت حوله أحداث المسلسل والنتيجة التى وصل إليها هذا الصراع بقوله " النهارده أقدر أقول قدامكم مكرم بدوى الإعلامى المصرى المسلم" بعدها غنى نشيد "يا أغلى اسم فى الوجود" مع باقى أسرة العمل فى مشهد غاية فى السذاجة لا يصلح أن تخاطب به أطفالا فى الروضة، بل كان أقرب للكوميديا، و يذكرنا بالأعمال القديمة التى تناولت الوطنية على طريقة "يا حبيبتى يا مصر يا مصر"، وهو بالطبع تكريس لحصر الوطنية فى الأناشيد والشعارات البراقة بعيدا عن مفهوم المواطنة الحقيقى.
بل إن نور الشريف مازال محبوسا فى فكرة قديمة وفقيرة جدا وهى الالتباس فى الربط بين اليهودى والإسرائيلى المسالم والصهيونى، ذلك فى الوقت الذى وصل فيه المشاهد إلى درجة جيدة من الاستنارة.

وتلخيص المواطنة فى وجهة نظر أحادية الجانب هو انتصارا للتطرف والحجر على حقوق المصريين فى المواطنة، وما هو الانتصار الوطنى الذى ينشد لأجله يا أغلى اسم فى الوجود فى أن يكتشف أن جده ليس يهوديًّا، بل للأسف إن هذا الاتجاه ناحية الآخر هو ما يعطى الفرصة للمتربصين بمصر أن يلقوا عليها بالباطل تهم التطرف ضد الأقليات أو ضد اليهود فى العالم، وهذه العقليات هى التى تعود بحرية الإنسان مائة خطوة للخلف إذا ما تقدمنا خطوة واحدة.

ما هذه المصادرة الواضحة على الوطنيه إذ يحجمها فى مفهوم واحد ذلك الذى طرحه وهو أنك لن تكون وطنيا إلا إذا كنت مسلما حتى النخاع وأن وجود عنصر يهودى فى سلالة العائلة قد ينقص هذا من قدر انتمائك إلى هذا الوطن، وقد نسى كل من المؤلف أحمد عبد الرحمن، والمخرج يوسف شرف الدين، والنجم نور الشريف أن مصر منذ 50 عاما كان شعبها نسيجا من عدد كبير من الأديان والطوائف والعديد من الجنسيات أيضا، فكانت الجالية اليونانية تتعامل مع مصر على أنها وطن ثان لهم، وكان القانون وقتها لا يمنع الزواج بين أبناء الديانات أو الجنسيات المختلفة وبذلك من الوارد جدا أن تجد بين أبناء الوطن المصرى مواطنين لهم أصول عربية أو تركية أو إيطالية أو يونانية أو نجد مسلمين كان أجدادهم مسيحيين أو يهودا وأشهروا إسلامهم، فما الأزمة إذا اكتشفت أن جدك كان يهوديا فهل هذا ينقص من انتمائك للوطن أو حقك كمواطن، خاصة أنه لا يخفى علينا أن الكثير من اليهود هاجروا إلى إسرائيل وتركوا أبناءهم فى مصر واعتنق بعضهم الإسلام، أى أنه من الوارد جدا أن يكون جدك يهوديا فما الأزمة؟

وما هذه المزايدة أن يظهر وهو ينشد أغنية يا أغلى اسم فى الوجود وكأنه الوطنى الوحيد فى مصر على طريقة "أنا شجيع السيما" ،كما أن تعريف الوطنية فى عبارة مكرم بدوى "أنا إعلامى مصرى مسلم" يعد اغتصابا لحق المواطنين المصريين فى المواطنة والتمتع بصفة الانتماء للوطن وما لذلك من حقوق وواجبات وهو يحمل إهانة لشريحة المصريين اليهود الذين مازالوا موجودين فى مصر، ولهم حق المواطنة مثلنا جميعا، وكذلك باقى فئات وشرائح وطوائف المجتمع الأخرى، والحقيقة أن العقول التى تفكر بهذه الطريقة المتطرفة هى التى تدعو للخوف أكثر من اليهود وتحتاج أن نقول لها ما تخافوش.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة