نشرت صحيفة "الجارديان" مقالا للصحفى الأمريكى جوزيف مايتون، الذى يعد حاليا لكتاب عن جماعة الإخوان المسلمين. يعرض مايتون فى مقاله لآراء بعض المحللين حول هذه الجماعة، ذاهبا إلى أن وسائل الإعلام لا تعرض صورة الجماعة الحقيقية بل إنها لا تتعرض سوى إلى الجانب الأكثر راديكالية بها، مناديا بضرورة الإنصات لتلك الحركة، خاصة وقد بدا يلوح داخلها الآن اتجاه متنام يرى أن المثل الغربية قد تتماشى مع حزب إسلامى.
يقول مايتون إن كبار المعلقين والمفكرين والمحررين يرون أن حركة الإخوان المسلمين فى مصر هى حركة محافظة هدفها هو فرض الدين على الآخرين وتحقيق السيطرة الكاملة القائمة على الشريعة الإسلامية. كما أنها تؤيد الرقابة وتقف ضد فكرة وجود المرأة فى السلطة. إلا أن هذه الجماعة فى الواقع هى أكثر تعقيدا بكثير مما توحى به هذه الافتراضات.
يعرض مايتون فى البداية لرؤية بعض المحللين حول جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم أحد محررى صحيفة من كبرى الصحف الأمريكية كبرى، حيث قال لمايتون: "لقد قرأت كتاب "البروج المشيدة: القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر" وأنا غير مهتم بنشر قطعة منه قد تضفى شرعية على الإخوان المسلمين". حيث يكشف الكتاب، الذى يعرض التطرف الإسلامى من خلال أعمال الشخصيات التى ساعدت فى خلق تنظيم القاعدة، عن مدى السهولة التى يمكن السيطرة بها على الأمريكيين والغرب عند التعامل مع الحركات الإسلامية.
وقد تم افتراض أن سيد قطب، الذى كان عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين قبل أن يتم استبعاده بسبب تطرف آرائه وعنفها، قد شوه صورة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، مما جعل المحررين غير راغبين فى نشر أى مادة "تضفى شرعية" على الحركة الإسلامية.
وقد نفى محمد حبيب، نائب جماعة الإخوان المسلمين، وجود أى أساس لمثل هذا الهجوم، قائلا: "إن أى عمل من أعمال العنف أو أية ميول عنيفة ليست جزءا من أيديولوجية الإخوان المسلمين؛ فعلى سبيل المثال تم استبعاد سيد قطب من الحركة بسبب آرائه".
ويقول مايتون إن ذلك لم يساعد سوى قليلا فى عدول المفكرين الأمريكيين عن فكرة الطبيعة "الراديكالية" لجماعة الإخوان. فينبغى على وسائل الإعلام أن تهدف لإظهار كل جوانب الجدل الداخلى حول قيادة الإخوان المسلمين، وليس فقط تلك الأكثر راديكالية. فشأنها شأن الأحزاب السياسية فى أى مكان، هناك خلاف داخل الجماعة الإسلامية، لكن الكثيرين لا يفصحون عن هذه الحقيقة فى كتاباتهم.
ويستمر مايتون فى عرض بعض آراء المحللين حول جماعة الإخوان، مثل ما ذكره الدكتور زهدى جاسر ل"واشنطن تايمز" فى مقال بمناسبة ذكرى هجمات 11 سبتمبر من أن "جماعة الإخوان المسلمين قد أكدت على رغبتها فى تدمير الحضارة الغربية من الداخل. فتدمير برجى مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر ما هو إلا مجرد أداة واحدة فى ترسانتهم".
كما كتبت أيضا منى الطحاوى فى صحيفة "واشنطن بوست" أن جماعة الإخوان المسلمين كانت وراء حظر كتاب "شفرة دافنشى" من مصر فى 2006، وقالت إنه "فى عام 2001، اشتكى عضو فى جماعة الإخوان المسلمين- وهو التنظيم السياسى الإسلامى الذى يعد اليوم المعارض الرئيسى لنظام مبارك- فى البرلمان من وجود ثلاث روايات نشرها فرع من فروع وزارة الثقافة، كانت "روايات إباحية".
إلا أنها لم تشر، كما يقول مايتون، إلى أن هذه الدعوات لحظر الكتب التى أتت من جانب عضو واحد، وليس الحركة ككل.
ويضيف مايتون أنه عندما أُفرج عن الفيلم المصرى "عمارة يعقوبيان" فى العام نفسه، كانت جماعة الإخوان فى البرلمان هى من وقفت ضد فرض الرقابة على الفيلم، بينما سعى أعضاء من الحزب الوطن الديمقراطى إلى عرقلة ذلك. وقال أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إنه على الرغم من أن هذا الفيلم يصور جوانب من المجتمع ومشاهد شعروا أنها غير أخلاقية، إلا أنه "ليس مكانهم" أن يتدخلوا فى الأمر.
وقد أكد أسامة دياب أيضا أن الحكومة المصرية تحاول التفوق على جماعة الإخوان المسلمين فيما يتعلق بالتقوى الدينية؛ حيث كتب دياب أن "تزايد شعبية الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين قد أجبرت الحكومة على تبنى موقف أكثر ورعا؛ فالنظام حريص على إثبات أنه صالح مثله مثل جماعة الإخوان المسلمين".
يقول مايتون إن المشكلة تكمن فى أن هؤلاء المحللين لا يجلسون ويستمعون إلى ما على قادة الإخوان أن يقولوه، أو أنهم يتجاهلونه تماما فى محاولة لإظهار جانب واحد فقط من الجناح المحافظ فى الجماعة.
ويذكر مايتون قول عبد المنعم أبو الفتوح، زعيم إصلاحى بارز فى الحركة، فى مقابلة معه "إن جماعة الإخوان المسلمين تريد خلق رأى عام جديد يؤمن بالحرية والعدالة والتنمية، وأن الرأى العام يمكنه فى يوم من الأيام إحداث تغيير من خلال نظام ديمقراطى".
وبالنسبة لاتهامات العنف الموجهة ضد الجماعة، علق أبو الفتوح أن "البعض يقول إن جماعة الإخوان المسلمين سوف تحدث ثورة شعبية ضد النظام، من حقهم أن يعتقدوا ذلك، ومن يريد أن يفعل ذلك عليه المضى قدما فيه، ولكن ليس الإخوان".
وينادى مايتون قائلا إن على العالم أن يتعامل مع القادة من خلال كلمتهم، على الأقل بدءا من الآن، لقد نددت جماعة الإخوان بالعنف ودعت إلى الإصلاح الديمقراطى فى مصر. وهى واحدة من اثنين فقط من الجماعات السياسية فى الدولة التى تقيم انتخابات ديمقراطية داخلية لاختيار قادتها.
ويشير مايتون إلى أن جماعة الإخوان بالتأكيد لديها مشكلة فى علاقاتها العامة، فإشارتها للـ"صهاينة" عند الحديث عن إسرائيل لا تؤدى سوى إلى خلق مزيد من التوتر لدى الغربيين.
ويسوق مايتون فى النهاية مثالا عن الاتجاه المتنامى فى صفوف الإخوان، الذين يرى أن المثل الغربية قد تتماشى مع حزب إسلامى، وهو عبد الرحمن منصور، شاب من الإخوان، مدون وصحفى طموح، أظهر مؤخرا كيف أن جماعة الإخوان المسلمين باتت أكثر فأكثر جماعة على استعداد لخلق مجتمع سلام وتسامح- وهى الرؤية التى اعتنقها النبى عليه السلام منذ أكثر من 1000 عام فى المدينة المنورة.
فقد قال منصور، عند مناقشة القضية المثيرة للجدل الخاصة بكتابة الديانة على بطاقات الهوية، إن الحكومة "يجب أن تبتعد عن الدين. فإذا لم تكن الديانة مسجلة على بطاقة الهوية أو غيرها من الأوراق الأخرى، لما تحول الناس بهذه السرعة إلى العنف".
