اهتمت صحيفة واشنطن بوست، فى تقرير نشرته وكالة أسوشيتدبرس، بتسليط الضوء على الجدال الذى شهدته مصر فى شهر رمضان بسبب الحملة على المفطرين، وبسبب بعض البرامج التلفزيونية التى تم بثها وتتعارض مع روح الشهر الكريم، نظرا لحديثها عن الجنس بشكل صريح.
تقول الوكالة الأمريكية إن شهر رمضان المعظم كشف عن حالة الشيزوفرانيا أو الفصام الثقافى التى تعانى منها مصر والتى أدخلت المصريين فى تعقيدات حول ما إذا كان مجتمعهم علمانيا أم إسلاميا أم مزيجا مشوشا بين الاثنين. فقد شهدت الفترة الماضية اندلاع نقاشين غاضبين فى أكثر الدول العربية ازدحاماً بالسكان. فمن ناحية، أثارت الشائعات حول اعتقال الشرطة للمفطرين فى رمضان تحذيرات العلمانيين من أن حكم الشريعة الإسلامية على غرار طالبان يأخذ مجراه فى الإستيلاء على البلاد. ومن جانب آخر، بثت إحدى القنوات التلفزيونية الحكومية برنامج ناقش تفاصيل وأسرار جنسية مع المشاهير (برنامج الجريئة تقديم إيناس الدغيدى) وهو الذى أثار غضب المحافظين الذين استنكروا ما أسموه الإنحطاط الذى يجتاح البلاد.
ويتساءل التقرير عمن يستحوذ على مصر؟ الفاسقون أم القديسيون؟ فلطالما كان المصريون مزيجاً عاصفاً بين الفخر بأنفسهم كشعب تقى وفى نفس الوقت يمضون أوقاتاً طيبة. ويظهر شهر رمضان فى كل بلدان العالم الإسلامة التناقضات. فبينما يقضى المسلمون النهار صائمين ممتنعين عن الأكل والتدخين والطعام، فإن جزء منهم يقضى بعد الإفطار فى الصلاة، ويجتمع الكثيرون لتناول المأكولات ومشاهدة برامج التلفزيون التى أنتجت خصيصاً لأجل هذا الشهر.
لكن التشوش يأتى من الحكومة نفسها أيضا. فغالباً ما كانت تروج "للمبادئ الإسلامية المتشددة"، على حد تعبير الأسوشيتدرس، فى محاولة لاحتواء المحافظين وقطع الطريق على المتشددين الذين خاضت الدولة ضدهم معارك لعقود طويلة. لكنها يسيطر عليها أيضا
ـ وبشكل متزايد ـ رجال الأعمال الذين روجوا هذا العام أكثر من أى وقت مضى للثقافة العلمانية الغربية.
وعودة إلى الحملة على المفطرين، يلفت التقرير إلى أنه لا يوجد قانون محدد فى مصر يعاقب المفطرين ولا يوجد شرطة دينية لفرض القواعد الإسلامية مثلما هو الحال فى المملكة العربية السعودية. فالكثير من المطاعم تعمل أثناء نهار رمضان، والمقاهى تكون أبوابها شبه مفتوحة بداخلها من يشربون الشاى ويدخنون الشيشة.
وتؤكد الوكالة صحة المعلومات الخاصة باعتقال المفطرين. وتنقل عن أحدهم ويدعى أحمد يبلغ من العمر 27 عاماً أنه تم اعتقاله ومعه 15 آخرون لتدخينهم فى نهار رمضان، وقال إنه تعرض للإهانة واستخدام الألفاظ النابية.
ورصدت الأسوشيتدبرس أيضا السجال الذى أحدثته هذه الواقعة وانتقاد المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لها، فى الوقت الذى لم تؤكد فيه وزارة الداخلية فى مصر هذه التقارير أو تنفيها.
كما تحدثت عن موضوع البرامج الجنسية، وقالت إن رمضان شهر يفترض أن الوقت فيه للتفكير الدينى والتقوى، ورغم أن الحديث الصريح عن الجنس على شاشة التلفزيون مستهجن على مدار العام، إلى أن الأمر يصبح مروعاً فى الشهر الذى نزل فيه القرآن على النبى محمد (ص).
وتختتم الوكالة تقريرها برأى المحلل جهاد عودة الذى قال فيه إن الحكومة تحاول عمداً تحدى المتطرفيين دينياً من خلال فتح أبواب لمواضيع أكثر جرأة على شاشة التلفزيون.
جانب من تقرير الأسوشيتدبرس، نقلاً عن واشنطن بوست
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة