ميكروباصات دهست المبدعين

السبت، 19 سبتمبر 2009 07:02 م
ميكروباصات دهست المبدعين ميكروباص يدهس الروائى توفيق عبد الرحمن
بقلم وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الميكروباص - وهو لمن لا يعرفه كائن صاجى صلد- ليس وحده من صدم الأديب توفيق عبد الرحمن وقتله فى العاشر من هذا الشهر.

الميكروباص هو نتاج طبيعى وحتمى لركام فساد ثقافى عفن الرائحة جعل هذا الأديب الستينى يختصر إلى مجرد خبر فى صفحة الحوادث.

الميكروباص بمقاعده الأربعة عشر وبابه الجرار الذى ينفتح ليبتلع فى جوفه من الركاب أكثر من هذه المقاعد، أو ليقيئهم من جوفه، لا يعرف معنى كلمة ثقافة الاختلاف، وإنما يفهم فقط لغة النبابيت والبلطجة والفردة والإتاوات.

لا أحد يعرف أن الميكروباص الذى دهس هذا الروائى ليس هو الأخير الذى سيدهس المزيد والمزيد من البنى آدمين الذين يرميهم حظهم البائس تحت رحمة قائدى هذه العربة التى صنعها السيد تويوتا وهو لا يعرف أن استخدامها فى مصر كالعادة سيكون غير آدمى وغير حضارى.

غير آدمى وغير حضارى كلمات لا تصلح لوصف أباطرة الميكروباص، ويكفى زيارة واحدة لأى موقف - وهو تجمع سيارات السيرفيس فى الكثير من الميادين- للوقوف على حقيقة مصر المفزعة، والتى تجسدها هذه العربة التويوتا اليابانية.

تستطيع أن تجد مصر كلها ممثلة فى هذه الحافلة، فهى تسير بدون " نمر" وتدهس كتابها ومثقفيها، وبابها الجرار دائما مفتوح ونوافذه متهالكة، والسيارة كلها تسير ببركة الله وليس بقواعد الأمن والمتانة المرورية.

وزيادة الأجرة المتتالية من تجمع مافيا السائقين، يشبه كثيرا ارتفاع الأسعار الذى نفاجأ به كلما ذهبنا لشراء سلعة من السلع، فكما لا تعلن الحكومة عن زيادة الأسعار، يكتفى سائق الميكروباص بأن ينذر الركاب بزيادة هذه الأجرة وصوته دائما يحمل ألوانا من التهديد والوعيد للركاب المساكين الذين لا عسكرى لهم ولا أمين شرطة يحميهم من " نبوت " سائق الميكروباص.

ميكروباص بدون لوحات معدنية دهس الروائى توفيق عبد الرحمن صاحب رواية "قبل وبعد" التى صادرها وزير الثقافة فاروق حسنى عام 2001 فى أزمة الروايات الثلاث التى أصدرتها هيئة قصور الثقافة، واكتشف الوزير أنه يجب مصادرتها لحماية الأمن الاجتماعى، وميكروباص آخر سيدهس المزيد والمزيد من الكتاب والمثقفين أثناء انتظار الوزير للأصوات التى تذهب به إلى منظمة اليونيسكو، الذى لم يذهب بالتأكيد إلى المنظمة بهذا الميكروباص، ولكن عجلاته التى دهست توفيق عبد الرحمن، ستظل "معلمة" على جباه المثقفين الذين تركوا توفيق عبد الرحمن وحيدا فى مواجهة الميكروباص.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة