مصطفى نصر يكتب..تجارة الكتابة

السبت، 19 سبتمبر 2009 02:16 م
مصطفى نصر يكتب..تجارة الكتابة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أتابع بشغف مقالات الأستاذ سليمان فياض، التى تنشرها مجلة الدوحة، كان يتحدث فيها عن شخصيات أدبية، فيفضح أسرارها المختبئة، وذلك بلغة سهلة ومشوقة، ثم أصدر هذه المجموعة فى كتاب، جاءنا به "على كرار" فى ندوة عبد الله هاشم التى تقام فى بيته كل يوم جمعة. قرأت الكتاب فى طبعته الأولى، ثم أعيد طبعه ثانية فى سلسلة دار سعاد الصباح بعد أن حذف من المجموعة شخصية واحد من الهيئة الاستشارية للدار؛ ليوافقوا على نشره.

عرفنا معظم الشخصيات التى يتحدث الكاتب عنها، لكن البعض لم نعرفه ومن هؤلاء شخصية: "هواية كاتب" المنشورة فى الكتاب صفحة 69.

يتحدث فيها عن كاتب حاذق فى كتابة القصة القصيرة والحوارات الصحفية والتمثيليات الإذاعية والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية. عيبه هو أنه يهوى الكتابة لغيره.. يكتب مقالات عن حى القلعة وعن قرية سنباط المليئة بالعاملين فى مجال الغناء والرقص فى الأفراح والموالد؛ لكن باسم كاتب آخر.. ويكتب القصص القصيرة والتمثيليات الإذاعية لغيره مقابل مبالغ يسيرة، بل كتب العديد من سيناريوهات الأفلام لكاتب سىء، وعُرضت باسمه مقابل ألف جنيه، فيقول له سليمان فياض:
أنت ترتكب جريمة، تصنع منه كاتباً وستقدم له يوماً بسبب ذلك؛ منصباً يتحكم فيه فى رقاب العباد.

فيجيب ببساطة: إن لم أكن أنا، فسيجد غيرى ويحقق ما سوف يصل إليه، نلت منه ألف جنيه عن كل سيناريو، بعيداً عن الضرائب ولو استطعت تسليك هذه السيناريوهات لنفسى وهذا عسير جداً لفعلت ودفعت الضرائب.

هذا النموذج موجود بكثرة فى عالمنا الثقافى والفنى.. فقد جاء إلى بيتى صديق ومعه آخر يكتب الأغانى، أعجبتنى أغانيه، لكنه لا يجد من يشتريها منه، جاءنى فى الزيارة الثانية قائلاً:
لقد تعبت وأنا فى حاجة شديدة إلى المال، وأعرف "فلان الفلانى": الملحن والمؤلف والمغنى، يشترى الأغنية بكذا، أرجوك عرفنى به وسأبيع له كل الأغانى.

قلت له: أنا لا أعرف ناساً من هذا النوع، كما أننى لا أطيق التدخل فى مساومات حقيرة مثل هذه. وتقابلت فى القاهرة مع كاتب جاء يوما إلى الإسكندرية مع زوجته الرقيقة، وحضرا ندوات قصر ثقافة الحرية، وبروفات المسرح، ثم اختفيا لسنوات طويلة جداً إلى أن قابلته فى قصر السينما بالقاهرة مع بعض الأصدقاء..سألته عن حاله، قال لى:
إننى أكتب مسلسلات تليفزيونية تعرض باسم الكاتب التليفزيونى المشهور " ....."، وأحصل منه على أجر محدد على كل حلقة. شعرت بالتقزز من هذا الأسلوب، فأنا لا أطيق هؤلاء الذين يعيشون عالة على غيرهم.

وحكى لى كاتب مشهور عن رئيس تحرير جريدة مشهورة، بأنه لا يكتب جملة واحدة، وإنما لديه من يكتب له، ومن الأمور العادية فى الجريدة، أن تتصل سكرتيرته بكاتبه الذى يعمل فى الدار؛ لتستعجل المقالة التى تلح المطبعة فى طلبها.

وقد حكى لى كاتب زميل، إنه قرأ قصة على كاتب قصة سكندرى آخر على درجة كبيرة من الثراء، فاعجبته القصة، فقال له:
سأعطيك مبلغ كذا، وتصبح القصة ملكا لى.

ولأن المبلغ المعروض كان كبيرا، وصاحب القصة فى حاجة ماسة إلى المال فقد وافق، ونشر زميلنا قصة غيره فى مجلة أدبية ثم فى مجموعته القصصية.

ومن الحكايات التى حدثت أمامى، أن رجلا ذا أهمية وظيفية؛ كتب مسرحية ونشرها على حسابه ولم يهتم بها أحد.. فكتب مقالة عنها، وقال ما كان يتمنى أن يقال عنه.. واتفق مع زميل لنا، بأنه سيرسلها باسمه إلى مجلة عربية – وكان على صلة وثيقة برئيس تحريرها فى ذلك الوقت.. ووافق زميلنا.. وتم نشر المقالة، وحصل زميلنا على مكافأته منها، وشكا لى مؤلف المسرحية والمقال؛ لأن زميلنا قبض الشيك ولم يسأل عنه رغم أنه لم يفعل شيئاً فى الموضوع.. ولكى يرضيه اشترى له كيلو هريسة.

وحكى لى شاعر كبير فى الإسكندرية؛ إنه كان محكما منذ سنوات طوال جدا؛ فى مسابقة شعرية، فاتصل به شاعر كبير يشاركه التحكيم، قال: أنا طلعت الأول والثانى، وسأرسل لك باقى القصائد لتختار الثالث.

ما دمت اخترت الأول والثانى، فلماذا لا تختار الثالث بالمرة؟!
قال لا ده حقك.
من الأول والثانى؟
ذكر اسم امرأة غنية فى الإسكندرية، وشاعر يعمل فى السعودية فقال له:
إنهما أغنياء وليسا فى حاجة لهذه النقود.
قال فى صوت خافت وفى حياء:
أنا اشترك بقصائد من عندى واحصل على المكافأة، وهما موافقان على هذا..

ويحكون فى الإسكندرية الآن عن امرأة لا تستطيع كتابة جملة مفيدة، يكتب لها البعض، واحد يبيع لها القصة بعشرين جنيهاً وآخر مقابل اثنين كيلو لحم قبل العيد الكبير، وخمسة كيلو كعك قبل العيد الصغير.. تقدمت الفتاة بهذه القصص فى المسابقات والمجلات، ثم جمعتها فى كتاب.. وتحاول الآن أن تكون عضواً فى اتحاد الكتاب.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة