أثار إعلان الرئيس الأمريكى باراك أوباما أمس تخلى الولايات المتحدة عن إقامة مشروع الدرع الصاروخى الذى كان مقررا إقامته فى جمهورية التشيك وبولندا ترحيبا روسيا واسعا، أعقبه مقابلة لفيليب جوردون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون أوروبا ومنطقة أوراسيا مع وكالة إنترفاكس الروسية أعرب فيها عن أمله فى انضمام روسيا لجهود الضغط على إيران.
وتصريحات للافروف وزير خارجية روسيا لقناة روسيا اليوم يؤكد فيها وجود فرصة كبيرة للتوصل إلى حل لملف إيران النووى بالإضافة إلى دعوة صريحة من راسموسين الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى بأن تضغط روسيا على إيران لإرغامها على التخلى عن ملفها النووى.
ومن هنا جاء سؤال شغل الأوساط المهتمة بالشئون الخارجية فى مصر والشرق الأوسط، وهو: هل تخلت الولايات المتحدة عن مشروع الدرع الصاروخى فى إطار صفقة أمريكية روسية تدفع روسيا للتخلى عن دعم إيران وتساهم فى الضغوط الدولية المفروضة عليها؟ وهل كان التورط فى المستنقع الأفغانى سببا فى تعجيل الولايات المتحدة بإتمام صفقة مع روسيا؟
د. نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشئون الروسية أكدت أن شبهة الصفقة بين أمريكا وروسيا بخصوص الدرع الصاروخى وإيران أثيرت سابقاً أثناء قمة أوباما– مدفيديف يوليو الماضى، ونفت روسيا وقتها تلك الشكوك.
وأوضحت د. نورهان أنه يجب الفصل بين شيئين: الأول، هو تخلى الولايات المتحدة عن برنامجها الصاروخى لأسباب داخلية تتعلق بالميزانية وأسباب لوجستية أخرى. والثانى الذى هو توجه أوباما نحو التهدئة فى سياسته الخارجية.
سياسة التهدئة الخارجية تعد نقطة مهمة، لأن أوباما وعد مدفيديف بإعادة النظر فى المشروع الصاروخى، خصوصاً أنه معروف أن إقامة الدرع الصاروخى لم تكن من أجل الهدف المعلن وهو الخطر الإيرانى، ولكن لأسباب أخرى إستراتيجية تتعلق بروسيا، ولهذا ففكرة وجود صفقة من أجل إيران يعد أمراً مستبعداً.
وأضافت أنه يوجد اتفاق أمريكى روسى قديم على ألا يتحول البرنامج النووى الإيرانى إلى برنامج عسكرى، ولكن ما يؤكد عدم وجود صفقة، هو محاولة الولايات المتحدة تشديد العقوبات على إيران منذ أسابيع قليلة واعتراض روسيا والصين على مشروع القرار.
"التراجع عن إقامة مشروع الدرع الصاروخى الأمريكى يشبه بشكل كبير التراجع عن إقامة مشروع (حرب النجوم) الذى كان أعلنه الرئيس الأمريكى الراحل ريجان"، هكذا ختمت الشيخ حديثها موضحة أن كليهما ألغى لأسباب داخلية وعدم وجود تهديد حقيقى يستحق كل تلك الميزانية.
اختلف مع ذلك الرأى الدكتورة أميرة الشنوانى خبيرة العلاقات السياسية الدولية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية مؤكدة ً أن إعلان الإدارة الأمريكية بالتخلى عن مشروعها الصاروخى جاء بالدرجة الأولى كمحاولة لكسب روسيا إلى جانبها فى جهود الضغط على إيران لتتخلى عن برنامجها النووى، وليس الهدف منه هو مراعاة روسيا واعتراضاتها على هذا المشروع الأمريكى الذى كان يهدد الأمن الروسى.
وأشارت الشنوانى إلى أن القرار يتفق مع توجهات أوباما فى السياسة الخارجية، مثل إعلانه سعى الولايات المتحدة إلى إخلاء العالم من السلاح النووى لتأثيره المدمر على الإنسانية، وهو ما يعد متوافقاً مع رغبته الظاهرة فى السلام العالمى.
لكن الشنوانى تؤكد أنه بنظرة أكثر عمقاً، سنرى أن المقصود من قرار التراجع عن الدرع الصاروخى هو البرنامج الإيرانى الذى له أهمية كبرى للولايات المتحدة وأوروبا الغربية وإسرائيل التى تخشى وجود قوة نووية فى الشرق الأوسط، خاصة أن إيران دولة لديها نظام إسلامى معاد لإسرائيل.
اتفق مع ذلك الرأى الدكتورة هدى ميتكس أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية التى رأت فى القرار الأمريكى صفقة أمريكية روسية ناجحة، وتم فيها تبادل واضح لمصالحهم المشتركة، من خلال إنهاء القلق الروسى من مشروع الدرع الصاروخى مقابل المساهمة فى إنهاء القلق الأمريكى من البرنامج النووى الإيرانى.
السفير محمود فرج القائم بأعمال مصر فى إيران سابقاً أكد أن التراجع الأمريكى عن المشروع الصاروخى جاء فى إطار الحوار الإستراتيجى بين الولايات المتحدة وروسيا، فلو أن الولايات المتحدة وضعت القواعد لتلك الصواريخ ومحطات الرادار على الحدود الروسية كان ذلك سيثير أزمة كبيرة بين البلدين.
لكن هذا لا يعنى عدم وجود ارتباط لهذا التراجع بالضغط على إيران، فهناك توافق أمريكى روسى بعد هذا التراجع الأمريكى عن مشروعها حول الضغط على إيران، خصوصاً أن روسيا لها تأثير كبير فى المشروع النووى الإيرانى والشركات الروسية هى التى تساهم فى بناء مشروع إيران النووى المثير للجدل فى "بوشهر".
وأوضح فرج أن لإيران 34 مفاعلا نوويا للأغراض السلمية ساهم فى بنائها الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا خاضعين للتفتيش، وأن الأزمة كلها تدور حول مفاعل "بوشهر" الذى تسانده روسيا.
بعد تخليها عن الدرع الصاروخى
صفقة أمريكا - روسيا تهدد نووى إيران
السبت، 19 سبتمبر 2009 05:25 م
الرئيس الأمريكى باراك أوباما
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة