للمرة الثانية مازال رئيس الوزراء اللبنانى المكلف سعد الحريرى يواجه صعوبات فى تشكيل الحكومة من قبل المعارضة، خاصة حزب الله وحليفه التيار الوطنى الحر بقيادة الجنرال ميشيل عون.
الخبراء أكدوا أن السر فى اشتعال الخلافات يكمن فى وزارة الاتصالات التى تعد سبب الصراع بين الأغلبية والأقلية فى لبنان؛ بسبب مخاوف من قبل حزب الله والمعارضة أن تقوم الأغلبية بالتنصت على شبكة حزب الله وتوصيلها للجهات المعادية؛ لكن الغريب أن زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله فى خطابه الأخير أكد أن المعارضة لا تريد الاستعجال فى حكومة تعقبها عودة الخلافات الطائفية إلى لبنان.
السفير سيد أبو زيد سفير مصر بلبنان سابقاً أكد أن سبب إعادة تكليف الحريرى بتشكيل الحكومة يرجع إلى أنه "الآلة التمويلية" التى كان لها دور كبير فى فوز الأغلبية بالانتخابات الأخيرة، ولو خرج الحريرى سيؤدى ذلك إلى "تشرذم الأغلبية شيعاً".
أبو زيد أكد أن الحريرى توصل لصيغة قبل اعتذاره عن تشكيل الحكومة مكونة من 30 وزيراً، 15 من الأغلبية، 10 من الأقلية، وترك خمسة ليحددهم الرئيس ميشيل سليمان حيث يكون له العامل المرجح فى تحديد هوية الحكومة.
لكن فشل ذلك المقترح بسبب الخلاف على اختيار المقاعد، فالعماد ميشيل عون أصر على أن يستمر وزير تابع له كوزير للاتصالات، ووزارة الاتصالات هامة للغاية حالياً، لأن هناك تخوفات من تولى حزب الله لتلك الوزارة فتتنصت على عمله وتوصله للقوى المعادية.
"هناك سبب آخر ممكن أن يكون أكثر أهمية"، هكذا أكمل أبو زيد موضحاً أن هناك تجاذبا إقليميا حول لبنان بين السعودية بتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا، وسوريا. وأضاف، الجانب السعودى نجح فى إخراج القوات السورية من لبنان، ولكن سوريا تحاول إثبات أن لها القول الفصل فى لبنان رغم خروجها العسكرى.
وهكذا فإن الوزارة ممكن تشكيلها فى حال إنهاء ذلك التجاذب، والوصول إلى حل وتوافق إقليمى وإنهاء مشكلة وزارة الاتصالات، ولو عن طريق التوصل إلى تسوية مؤقتة لتلك المشكلات.
استبعاد ذلك الاحتمال، حسب تأكيد أبو زيد يرجع إلى أن قوى الأغلبية مرتاحة لأن من يتولى الأعمال طوال عدم تشكيل الحكومة الجديدة هى حكومة تصريف الأعمال برئاسة السنيورة الذى يعد أحد أركان جماعة المستقبل التابعة للحريرى، ولهذا فليس هنالك استعجال من جانب الحريرى فى تشكيل الحكومة.
تلك الراحة، فى نظر أبو زيد، يقابلها عدم استعجال أيضاً من جانب المعارضة فى تشكيل الحكومة، خشية الذهاب إلى وضع أكثر سوءاً.
الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية أكد صعوبة تصور نجاح الحريرى فى تشكيل الحكومة بعد إخفاقه فى أداء تلك المهمة المرة السابقة، وأضاف، أسباب الفشل الأول ما زالت قائمة وربما تأكدت أكثر فبعض الأطراف التى كانت أيدته امتنعت عن الموافقة على تسميته تلك المرة، وكان أبرزهم نبيه برى رئيس البرلمان السابق الذى كان يبدى قدراً من المساندة للحريرى.
وأكد السيد أن التيار الوطنى الحر بقيادة الجنرال ميشيل عون لم يتنازل عن موقفه وهو 5 وزارات متضمنة وزارة سيادية، واستمرار زوج ابنة عون (جبران باسيل) وزير الاتصالات بالحكومة الأخيرة متولياً إحدى الحقائب الوزارية وخاصة الاتصالات، ويساند حزب الله تلك المطالب.
ويدور فى ذهن الحريرى أن يشكل حكومة لا تكون وحدة وطنية، ولهذا أصبحت مهمة الحريرى صعبة فقرر فتح المجال للحوار مع كل الأطراف، آملاً أن يجد أرضية مشتركة تسمح بالانتقال إلى اتفاق، لكن جميع الأطراف تعد فى انتظار تحرك خارجى يساهم فى حل الموقف، ولا يبدو أن أياً من تلك الأطراف التى يعول عليها الفرقاء اللبنانيون يسعى لذلك، فإيران وسوريا تشعران بأنهما تتقدمان فى ملفات الشرق الأوسط العديدة، ومن هنا فهم ليسوا فى عجلة لحل الموقف اللبنانى.
الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات المستقبلية والإستراتيجية أكد وجود ثلاث سيناريوهات للفترة القادمة بعد تكليف الحريرى الابن، الأول هو حدوث تدخل عربى، وتوجد أنباء بالفعل أن قطر تسعى لإقناع السعودية ببدء جولة حوار جديدة (دوحة 2) للوصول إلى تفاهم بشأن الخلافات، لأنه إذا أراد الحريرى التحرك تجاه حكومة وحدة وطنية بشكل فردى فإن فرصه ستكون معدومة لأن داخلياً لم يتغير شىء خلال الأيام الماضية عما حدث عند تكليفه أول مرة؛ مما يعنى ضرورة التوصل إلى تفاهم عربى أو بشكل أكثر دقة سعودى– سورى.
والسيناريو الثانى، فى نظر عبد المجيد، هو تشكيل الحريرى لحكومة من قوى الأغلبية فقط ويتخلى عن فكرة حكومة الوحدة الوطنية، وهو يستطيع ذلك، وفى تلك الحالة سيكون الأمر بيد رئيس الجمهورية أن يقبل تلك الحكومة أو يرفضها. وإذا قبلها سيشكل ذلك مخرجاً لتلك الأزمة ولو بشكل مؤقت.
أما السيناريو الثالث فهو رفض تشكيل حكومة الأغلبية وغياب التحرك العربى، وحينها سيفشل الحريرى فى تشكيل الحكومة للمرة الثانية وستدخل لبنان فى أزمة جديدة كبيرة إلى الدرجة أن أزمة تشكيل الحكومة ستعد جزءاً صغيراً من تلك الأزمة؛ حيث سيتم التصعيد السياسى والإعلامى المتبادل من كلا المعسكرين، وقد يصل إلى عودة الصراع إلى الشارع بشكل يؤثر على الأمن اللبنانى.
خبراء: الفوضى تهدد الشارع اللبنانى إذا فشل الحريرى فى تشكيل حكومته للمرة الثانية وحزب الله يخشى سيطرة الأغلبية على وزارة الاتصالات
السبت، 19 سبتمبر 2009 04:13 م