كشفت مستندات رسمية عن أن سوء الإدارة والتخطيط وراء بناء محطة للكهرباء بنويبع، فى منطقة لا تصلح من الأساس بسبب النشاط الجيولوجى الذى يهددها ولعدم دراسة مواقع المشروع بشكل جدى من جانب وزارة الكهرباء، فضلا عن إهدار الأموال والجهود التى بذلت حتى الآن.
البداية كانت باختيار موقع لإقامة محطة لتوليد الكهرباء بقدرة 750 ميجا وات، وبتكلفة 5 مليارات جنيه، بمدينة نويبع المطلة على خليج السويس بالبحر الأحمر، وهى المنطقة المعروفة بنشاطها الجيولوجى البركانى، الذى يمكن أن يمنع إقامة المحطة، وهو ما كشفه الخطاب الذى أرسله المهندس ماجد جورج، وزير البيئة، إلى الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء، بتاريخ 21/8/2008، يؤكد فيه موافقة وزارته من الناحية البيئية على إقامة المحطة بـ«نويبع»، مع تأكيده على ضرورة إجراء الدراسات العلمية الدقيقة على الموقع، نظرا لوقوعه فى نطاق المروحة الفيضية لوادى «وتير» أكثر الأودية الفيضية نشاطا فى جنوب سيناء، ولوقوع مدينة نويبع كذلك على مسافة 25 كيلومترا شمال منطقة «رأس مملح» أحد المراكز النشطة زلزاليا بخليج العقبة، وطالب وزير البيئة الدكتور حسن يونس فى خطابه باتخاذ اللازم لحماية المحطة من تأثيرات السيول العارمة والزلازل المدمرة.
وبالفعل حمل الخطاب الذى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منه تأشيرة الوزير بعرض الأمر على كل من الدكتور محمد عوض، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، والمهندس عبدالرحمن صلاح الدين، وكيل أول الوزارة للهيئات وقتها، والمهندس محمود سليمان، الرئيس السابق لشركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، وكان من المنطقى قيام هذه الجهات بالاهتمام بما ورد بالخطاب، والاهتمام بدراسات الموقع المرشح لإقامة محطة الكهرباء بشكل كاف، وبما لا يدع مجالا للشك على صلاحية الموقع وقدرة الوزارة على إنشاء المحطة فيه دون مخاطر أو تعقيدات، لكن ما حدث أن الوزارة والشركة القابضة لكهرباء مصر، وشرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، لم يهتموا بدراسات الموقع، واندفعوا للتعاقد مع محافظة جنوب سيناء على تملك أرض المشروع فى مارس 2008، بنظام حق الانتفاع لمدة 99 عاما، على أن تنتهى جميع أعمال الإنشاء خلال عامين من تاريخ توقيع العقد، مع تشديد محافظة جنوب سيناء على فسخ العقد واسترداد الأرض فى حالة عدم جدية شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، مالكة مشروع المحطة.
المفاجأة أن محضر معاينة الموقع الذى أعدته لجنة مكونة من المجلس المحلى لمدينة نويبع، ومندوب التخطيط العمرانى بمحافظ جنوب سيناء، وشركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، وشركة بجسكو للأعمال الاستشارية استشارى المشروع كشف عدم صلاحية الموقع لإقامة المحطة، كما كشف عن صعوبة تخصيص مواقع إضافية بنفس المنطقة لإقامة بعض المبانى التابعة للمحطة. ورغم العقبات العديدة التى تهدد قدرة شركة شرق الدلتا على إنشاء المحطة فى موعدها المحدد، إلا أن الشركة تسلمت الأرض دون أن تبدأ إنشاءاتها، ليدخل بعدها مشروع المحطة فى منحنى جديد، بعد رفض بدو ومستثمرى نويبع إنشاء المحطة لوقوعها فى منطقة مجرى السيل الذى يشكل خطرا على المحطة وعلى المنطقة ككل، ولم يكتفوا بذلك بل منعوا مهندسى ومقاولى المشروع من البدء فى أعمال البناء والإنشاءات الخاصة بالمحطة، فضلا عن فشل مهندسى مكتب الاستشارى الشهير الدكتور ممدوح حمزة، فى إجراء اختبارات وتحاليل التربة لموقع المشروع، بسبب إرهاب واضعى اليد لاستشارى المكتب وطردهم من أرض المشروع، رغم حصول المكتب على مليون و84 ألف جنيه نظير تلك الأعمال، بموجب أمر الإسناد الذى صدر بتاريخ 18 مارس 2009.
ومازال مشروع المحطة متوقفا دون أن تضع شركة شرق الدلتا فيه حجرا واحدا، ودون أن تتحرك الوزارة أو تحاسب المسئولين عن إهدار المال العام، وإفشال المشروع المتوقع سحب أرضه بحسب العقد فى مارس القادم، للإخلال ببنود التعاقد، وعدم الجدية فى إنشاء المحطة، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة، حول مستقبل مشروع المحطات النووية الذى تشرف عليه وزارة الكهرباء، التى فشلت فى إنشاء محطة كهرباء تقليدية فضلا عن إصرارها على تغيير موقع الضبعة الذى تؤكد الدراسات أفضليته للمشروع، وطرحها لمواقع بديلة، بينها 4 مواقع تطل على البحر الأحمر، الذى أكد خطاب وزير البيئة المرفق نشاط هذه المنطقة المرتفع بركانيا، واحتمالات تعرضها للزلازل، وإهدار »الكهرباء« خلال ذلك عام كامل على مناقصة فاشلة لاختيار استشارى للمشروع، وأعوام أخرى لإجراء الدراسات على المواقع البديلة للضبعة، رغم أن تجربة محطة نويبع تؤكد أن منطقة البحر الأحمر لا تصلح لإنشاء مثل تلك المحطات، وهو ما يتطلب تدخلا مباشرا وفوقيا لإنقاذ المشروع النووى، قبل أن يلقى نفس مصير «محطة نويبع».
لمعلوماتك...
◄5 مليارات جنيه هى تكلفة محطة نويبع للكهرباء التى أكدت الدراسات على أنها منطقة لا تصلح من الأساس