قريبًا الإعلان عن الجبلاية منطقة حكم ذاتى منفصلة عن الرياضة المصرية.. هناك خطة جهنمية لأن يخلع اتحاد الكرة من بند الـ8 سنوات، ويخرج لسانه للمجلس القومى للرياضة وللائحة صقر الذى إن أراد أن ينقض للدفاع عن سيادة دولة الرياضة فإنه ربما يخسر الدولة كلها.
فى جبلاية اتحاد الكرة يمكن أن تشاهد نموذجًا مصغرًا ومعبرًا عن واقعنا وعن نظام إدارة حياتنا وإدارة شئون الفساد ليكون مقبولاً ومبلوعًا، ونمطًا جديدًا من الحياة مثل وضع اليد على قطعة أرض وفرض أمر واقع.. وهناك علاقة وثيقة بين رجال الجبلاية وسلوك رجال الحكومة.. وما تراه فى الشارع وحركة المرور والمقاهى هو نسخة طبق الأصل مما تراه فى الملعب والمدرجات وانتخابات الأندية والاتحادات التى يقولون عنها إنها ديمقراطية، وهى بعيدة عن الديمقراطية مثل بعد مصر عن حقوق الإنسان.
وما حدث فى انتخابات الأهلى والزمالك والاتحاد هو نفس ما يحدث فى انتخابات المحليات ومجلس الشعب والشورى.. هناك دعوة وترويج للديمقراطية لكن لا يمارسها أحد فى مصر.. هى لعبة لم تدخل بلدنا حتى الآن.. والذين يذهبون لاختيار قادتهم فى الأندية والاتحادات مسيرون لا مخيرون يمارسون نوعًا من التجارة، باعوا الصوت لفرد أو قائمة أو خدمة أو رحلة وتوجهوا ليوم البيع الرسمى الذى هو يوم التصويت.
وعندما قال سمير زاهر، إنه يقضى دورته الأخيرة ولا يريد وقتًا إضافيًا أو بدل ضائع، هو نفس ما قاله مثلاً رئيس الوزراء د.نظيف عن زيادة معدل النمو والقضاء على البطالة وعدم زيادة الأسعار.. النقيض هو الذى يحدث.. عندما تقرأ شيئًا لهؤلاء انتظر فورًا الشىء الآخر.
والله هذه حقيقة.. عندما تفسد الإدارة الرياضية فإنها تكون قد تعلمت و«راجعت» كل مناهج الفساد من الأكبر منها.. وأصبح الضحك على الناس مهمة سهلة وبدون عواقب ولا ردود فعل.. وأصبحت الأشياء الغريبة عادية وربما نصل إلى مرحلة وزمن لا نستغرب أن يمشى فيه الناس عرايا و«بلابيص» حسب الموضة.. ونعود إلى روايات نجيب محفوظ نستلهم فيها نظام حياة جديدا كان قديمًا يسيطر عليه فتوات رواياته فى كل حى.. وبدلاً من أن يلجأ المواطن للدولة لكى تحميه يلجأ لفتوة.. وتصيبنا بالرعب فكرة أن نصبح شعبًا مسلحًا يريد أن يحمى نفسه بنفسه.
هذه الأشياء الخطيرة قابلة للحدوث، لأننا نرى ما لا يصدقه عقل ولا يمكن احتماله وما هو مرشح أن يكون خطيرًا ومرعبًا إذا تبناه من يقودون الرأى العام بالباطل أو بالمداهنة أو بمسك العصا من الوسط، فى وقت غاب فيه المثقفون عن السياسة واستأنستهم الدولة، فحرموا الشعب من الدرع الوحيدة للمقاومة.
وسط هذا الجو المرعب من التضليل، هل يمكن أن تقبل بسهولة مبادرة اتحاد الكرة فى أن يتحدث عن قانونية التعيين فى مجلس الإدارة، ويرفع صوته ليسمعه الفيفا الذى لا يُجيز التعيين، لأنه يريد أن يضحى بالمعينين ليكون أول خيط فى المخطط الجبلاوى الشيطانى للانفصال وإعلان الحكم الذاتى، وبدعوة خبيثة مدبرة لأن يضع الفيفا يده على بند الـ8 سنوات فيلغيه أو يلغى الكرة المصرية، ووقتها لن يحُلق صقر فى أجواء الجبلاية، ويكتفى بالتحليق على ارتفاع منخفض فى الأندية التى يسهل له قصف جمعياتها العمومية ومرشحيها، والتحليق على ارتفاع أعلى فوق الاتحادات التى قاومت قصفه فى الأزمة الأوليمبية الدولية الأخيرة.
والشخصيات التى تصنع الأحداث الكبيرة مثل ما يريد أن يفعله سمير زاهر فى مستقبله «الجبلاوى» يفعله من هم فى حجم تأثيره أو أكبر فى مجالات أخرى، وتحتار كثيرًا عندما تتخذ بشأنهم قرارًا.. حتى يبدو لنا أن من مصوغات النجاح فى مصر أن تكون غامضًا لا يستطيع أحد أن يتخذ فيك قرارًا.. مثلاً لم أستطع حتى الآن أن أتخذ قراراً فى أحمد شوبير.. احترت فيه كل هذه السنوات الطويلة. أراه مرة بوضوح وأراه مرة رؤية مشوشة وأحيانًا لا أراه على الإطلاق.
وعندما قرأت كلامه الأخير فى الزميلة «المصرى اليوم» تأكدت أننى لن أنجح فى يوم من الأيام فى اتخاذ قرار بشأنه.. لأنه يقول أشياءً معجونة ببعضها البعض ويقول فى العلن ما لا يقوله فى الخفاء.. وهذا الفكر «الملخبط» يسير بالموازاة مع انتشاره الإعلامى حتى قد يفاجئك مرة بأنه يقدم برنامج «صباح الخير يا أثيوبيا» أو أن تفتح شنطة العربية لتأخذ كيس الجوافة فتجده يطل عليك بوجهه وينصحك بالتخزين السليم لفردة الكاوتش «الاستبن».
تحدث شوبير فى المقال عن العيب وهذا جميل لأننا لا نحب العيب.. ثم أننا لا نعرف النوايا.. كل واحد يمارس العيب حسب نيته.. وطبعاً لا أعرف نية شوبير فى رقته ونعومته المتناهية فى التعامل والحديث مع وعن رجال الأعمال.. وتخيلت لو أن رئيس اتحاد الكرة هو هادى فهمى أو ممدوح عباس أو حسن فريد.. هل كان سيأسف هذا الأسف الشديد على الصحفيين الذين يحصلون على رواتب خيالية من الاتحاد.. وتعجبت لأن هذه اللعبة قديمة ومحروقة وسبق أن لعبها مع المجلس القومى وعلاقته برواتب الصحفيين، ولم يذكر لنا من هم الصحفيون.
والأهم.. أنه لم يذكر لنا لماذا كان الاتحاد يعطى نفس هؤلاء الصحفيين هذه الرواتب عندما كان نائبًا للرئيس، ثم الأخطر لماذا يقف شوبير عند خط أحمر لا يتجاوزه فى العودة للماضى والحديث عن الأيام الخوالى فى الجبلاية التى كان الاستثمار فيها قد وصل إلى تذاكر المباريات فى شنط العربيات؟ وأعلم أن هناك اثنين فى مصر يموتان إذا لم يغرقا فى الجدل وتأخر عنهما الاشتباك مع الناس.. وحياتهما تنتهى إذا لم يكونا مثل الإصدار الصحفى الأصفر الذى يخرج كل فترة ليردح ويتعرى حتى يراه الناس.
ثم ما هو الفارق بين أن يحصل صحفى على راتب لكى يعمل مستشارًا وهميًا، وبين أن يحصل إعلامى تليفزيونى على راتب لكى يعمل مروجًا لرجل أعمال.. لماذا نتحدث عن العيب وكل العيب فينا؟
ولا تنفصل هذه النوعية عن طراز آخر من العاملين فى مجال الإعلام والبيزنس الرياضى الذى ينتج أعمالاً مشتركة مع اتحاد الكرة وقنوات النيل.. وأرى هذا الرجل «ع.ع» نموذجًا فريدًا معبرًا عن المجتمع المصرى الرسمى والشعبى.. هو ينصب عليك ويعمل بأموال سرية وعنده الاستعداد لأن يقدم لك خدمة خاصة بألا يخدعك من وراء ظهرك بل يقول لك سأخدعك غدًا فلا تتردد فى أن تنخدع.
هذا الرجل نصب على نصف مصر.. ويستعد الآن للنصب على النصف الآخر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة