حصلت «اليوم السابع» على مستندات موثقة، تؤكد تورط الشركات المتنافسة على شراء عقارات وسط البلد فى استغلال اسم محام مزيف، غير موجود فى سجل نقابة المحامين، لتحرير محاضر ودعاوى قضائية، ضد مستأجرى العقارات، لإخراجهم منها، بتوكيلات مزعومة من الورثة، فيما يبدو أنها خطة أعدها مجموعة من الخبراء القانونيين المتحالفين مع شركات شراء عمارات وسط البلد التاريخية.
أبطال الواقعة شركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى، باعتبارها المشترى الجديد للعقارات، ونجل محام يدعى محمد فتحى المسلمى، استغل تشابه اسمه مع اسم والده، الذى ترك بعد رحيله مجموعة توكيلات، من ملاك العقارات، تخص السيدة «وديعة قيصر أبوشعر» وزوجها إلياس مرشاق، وتوكيلات أخرى من ورثتهم، للعقارات أرقام 5 و7شارع شامبليون، والعقار رقم 11 و11مكرر شارع محمود بسيونى. وقبل سنوات، استخدم نجل المحامى الراحل التوكيلات وحصل على أحكام قضائية، نقلت العقارات من حوزة شركة الشرق للتأمين.
ثم استخرج قرارات هدم للعقار رقم «5»، وباع أرضه لبنك استثمارى مقابل عدة ملايين من الجنيهات. نجاح الصفقة أغرى محمد محمد فتحى المسلمى، بمطاردة المستأجرين فى باقى العقارات بالدعاوى القضائية بناء على التوكيلات التى بحوزته، تمهيدا لطردهم والاستحواذ عليها.
لكن المستأجرين فى هذه العقارات، رفعوا دعاوى قضائية ضدالمحامى، خاصة أنهم طوال 40 عاما، لم يشاهدوا ملاكا للعقارات، أو لورثتهم المزعومين، أو هذا المحامى نفسه. وأثناء الدعوى ظهرت عدة مفاجآت فى هذه القصة الغريبة.
أولى المفاجآت أن نقابة المحامين، فشلت فى تحديد شخصية المحامى، وكشف مستند صادر من إدارة الجداول والسجلات بنقابة المحامين، بتاريخ 4 ديسمبر 2008، ردا على طلب من رئيس محكمة استئناف القاهرة، أنه لا يمكن الاستدلال على اسم، محمد فتحى المسلمى، نظرا لوجود أكثر من اسم متشابه.
المفاجأة الثانية فى رحلة البحث عن المحامى، كانت عبارة عن مذكرة تحريات صادرة عن جهاز مباحث أمن الدولة، تثبت أن محمد محمد فتحى سليم المسلمى «محامى» متوفى منذ 36 عاما، وله ابن يدعى «محمد».
وفى سلسلة المفاجآت أيضًا، جاءت شهادة من قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية، عن طريق إدارة البحث الجنائى، تفيد بأن محمد فتحى المسلمى، متوفى بتاريخ 20 نوفمبر 1973، ولم يستدل فى الأوراق الرسمية له على واقعة زواج.
لغز المحامى محمد فتحى المسلمى، المشكوك فى وجوده أصلا وفقا لشهادة الوفاة الصادرة باسمه، وتحريات مباحث أمن الدولة، وشهادات نقابة المحامين، ربما يفسر سبب اكتفاء شركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى، بتحرير محضر إدارى بقسم شرطة قصر النيل، لتسلم هذه العقارات بعد شرائها بناء على التوكيلات التى بحوزة المحامى المزعوم، ولم ترفع دعوى التسليم حسب القانون، بوصفها المالك الجديد، ويتم إخطار مستأجرى الوحدات بالعقار، بموجب تنبيه يثبت انتقال الملكية من ورثة «إلياس مرشاق» إلى شركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى.
المثير أيضا فى هذه القضية، أن عملية تسليم ملكية العقار لورثة إلياس عبدالله مرشاق من شركة الشرق للتأمين، تمت هى الأخرى بمخالفة صريحة للقانون، حيث قام وكيل الورثة المحامى المدعو محمد فتحى المسلمى بتسلم العقار بنفسه فى غياب الورثة، على الرغم من أن القانون يستوجب تسلم العقار من قبل الملاك شخصيا، ولا يعترف بوقوع إجراءات التسلم إن قام بها وكيل عنهم، وهو ما يعنى فساد إجراءات نقل الملكية أساسا.
هذه الوقائع والتفاصيل الممتلئة بعلامات الاستفهام والشكوك تفسر عدم لجوء شركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى لاتخاذ إجراءات حقيقية، وأهمها إخطار السكان رسمياً ومن خلال دعوى التسليم كونها المالك الجديد، ذلك أن تلك الإجراءات سيترتب عليها سند قانونى فى ملكيتها للعقار، وهو الأمر الذى سيؤدى حتما لصدام قضائى بينها وبين المستأجرين، قد يكشف بدوره حقيقة ما جرى ويجرى. ويثبت فى نهاية الأمر فساد عملية نقل الملكية من شركة الشرق للتأمين، وهو ما يعنى بالضرورة فساد عقد شراء شركة الإسماعيلية للعقار ومن ثم ضياع نحو 72 مليون جنيه قامت بدفعها لمن تقول إنهم ورثة «مرشاق».
علامات الاستفهام والشكوك حول حقيقة ما يجرى فى صفقات عقارات وسط البلد، التى تقوم بها الإسماعيلية للاستثمار العقارى، لها العديد من التفسيرات ربما وجدت حلها فى استخدام اسم محمد فتحى المسلمى، فى عملية الاستحواذ على عقارات وسط البلد، مستندة فى ذلك إلى ما قام به من إجراءات قانونية وقضائية سابقة فى نقل ملكية العقار من الشرق للتأمين لورثة «مرشاق»، أو تحاول استكمال ما بدأته، خاصة أن مساحته تتجاوز 3000 متر مربع، بالإضافة لقيمته التراثية والتاريخية.
ولا شك أن ملف صفقة شراء عقارات وسط البلد، سيظل مفتوحا لفترة طويلة بسبب علامات الاستفهام التى تطرح بدورها سؤالاً أهم حول صفقات بطبيعتها ملغمة قد تكشف عن مفاجآت أخرى فى الأيام القادمة.