عمرو عبد الرحمن يكتب:حاورنى .... شكرًا

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009 12:35 م
عمرو عبد الرحمن يكتب:حاورنى .... شكرًا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حوارنا ليس مباراة مصارعة يتعارك فيها خصمان، ليقصى أحدهما الآخر خارج حلبة الصراع، ولا لَكمة هنا وكلمة هناك، ولا صفعة هنا وصفعة هناك حتى يخرج أحد المتصارعين مغلوط الرأى، مثخن الجراح، منهك القوى، مطأطئ الرأس.

"كفاك تزييفا للواقع، "خليك خادم الكنيسة أيها الصليبى، ألا لعنة الله عليك"، فهذه بعض الردود للمخالفين للرأى وصورة واضحة لمستوى الحوار الذى يدور بين بنى البشر فى هذا الزمن، فقد تألمت نفسى التى بين جنبى حينما قرعت أذنى هذه الكلمات، ودمع قلبى قبل عينى لما وصلنا إليه من مستوى متدنىٍ فى الحوار.


فلكى نرقى بالحوار ونجعله بنّاء يجب أن يدرك المتحاوران عدة أمور منها:

1- أن يحترم الطرفان بعضهما البعض حتى ولو اختلفا فى الرأى.

2- أن يدركا أن الهدف من الحوار هو الوصول للحق لا المصالح الشخصية ولا الجدل.

3- أن الوصول للحق أو الرأى الصواب له عدة طرق، وكل الطرق تؤدى إلى روما.

4- ليس من العيب أن تعترف أثنا المحاورة أنه على حق.

5- أن ينصت المتحاوران لبعضهما البعض جيدا، وهذا من خلال أن يدرك المتحاوران أن الله خلق الإنسان بلسان واحد وأذنين، أى لينصت أضعاف ما يتكلم.

6- الاختلاف طبيعة الحياة، لذا لابد أن يقبل الطرفان الآخر.


8- تجنب الحالة النفسية السلبية المرسخة فى الذهن عن محاورك.

9- تقدير المتحاور واحترامه، فكلاهما إنسان فى نهاية الأمر.


10- إذا شاتمك محاورك، وأظهر لك العداوة، فاعلم قارئى العزيز أن
محاورك ظهر له الحق ووضح له وضوح الشمس، ساعتها عليك أن تصمت، ولا تبادله الإساءة.

فها هو الحوار القرآنى الذى دار بين سليمان، عليه السلام، وأحد من جنوده وهو الهدهد، فالهدهد خرج عن مملكة سليمان دون علمه وفى مرة أخذ سليمان، عليه السلام، يتفقد رعيته، ولم يجد الهدهد فيستشيط غضبا من عدم وجوده.

وما لبث أن جاء الهدهد وأخبر سليمان، عليه السلام، بأن هناك أمة تسجد للشمس من دون الله، والآن أتوقف لأسألك عدة أسئلة، ماذا لو كنت مكان الملك سليمان، عليه السلام، هل ستترك الهدهد ولا تعبأ بخطئه، وتقول إنه مجرد حيوان أخطأ، أم "هتنتفله ريشه" وتعذبه، أم ستستل سيفك من نصله وتطيّر رأسه على الفور حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه الخروج عن مملكتك، وتستعيد هيبتك التى اهتزت أمام جنودك، وتترك ساعتها عبدة الشمس، وتنصاع لرأيك وتجادل عنه.

لم يفعل هذا ولا ذاك سليمان، عليه السلام، بل ترك الهدهد يتكلم، بل وأنصت إليه بكل جوارحه ولم يقاطعه، والأدهى من ذلك أن غضبه تحول، فى طرفة عين، من الهدهد إلى عبدة الشمس، واتبع رأى الهدهد وحدث التغيير لهذه الأمة.

فها هو الحوار البناء الذى دار سليمان الملك، عليه السلام، مع الهدهد، أى أنه حوار فى نهاية الأمر دار بين إنسان وحيوان، فما بالنا بحوار يدور بين إنسان وإنسان. إذن حاورنى.... شكرا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة