بالنظر إلى حال التعليم فى مصر سنجد أنه من وجهة نظر الكثير يعانى معاناة شديدة، بل الأصح أن يقال بأن التعليم فى مصرفى مرحلة الاحتضار.
والسبب فى وصول التعليم إلى تلك المرحلة العديد من الأسباب أهمها: *(اللا تخطيط ) ومحاولات التغيير الفاشلة والمستمرة التى تتعرض لها العملية التعليمية والمستمرة حتى الآن، وأرجع السبب فى وصفها بالفشل لأنها نجمت عن قرارات عشوائية غير مدروسة.
والغريب فى الأمر أنه بعد اكتشاف فشل وقصور هذه القرارات يتم إلغاؤها بمنتهى السهولة دون النظر إلى المتضرر الوحيد من جراء هذه القرارات، وهو الطالب الذى يخوض مراحل تعليمه دون أن يعلم أنها ليست سوى (تجربة) من وجهة نظر السادة المسئولين فإما أن تكلل بالنجاح فتحسب لهم ويجنون ثمارها، وإما أن تفشل وتكون الضحية جيلا بأسره !!.
*قرارات التعليم الفاشلة
وتتضح ملامح العشوائية واللا تخطيط والتضارب فى قرارات القائمين على العملية التعليمية فى مصر من خلال الكثير فمنها:
قرار إلغاء الصف السادس الابتدائى فى أواخر العقد الثامن من القرن الماضى، وبالفعل تم تنفيذ ذلك القرار دون التأهيل للطلبة المقبلين على ذلك ودون تطوير المناهج الخاصة بهم مما أسفر عن أجيال انتقلت إلى المرحلة الإعدادية ولديهم قصور حاد فى المعلومات ومستوى الفكر والنمو، وهو ما أثر بالسلب على المراحل المتتالية من التعليم سواء مرحلة التعليم الثانوى أوالجامعى، وعندما اكتشف المسئولون النتائج المخذلة لهذا القرار تم صدور قرار آخر بعودة الصف السادس الابتدائى من جديد.
وقرار نظام التحسين لطلاب الثانوية العامة فى أواخر التسعينات من القرن السابق، وكان هذا النظام يتيح الفرصة للطالب أن يمتحن أى مادة من المواد المقررة مرتين ويحسب له المجموع الأكبر فى تلك المرتين، وقد نجم عن هذا النظام ارتفاع درجات الطلاب فى غضون ذلك النظام، الذى أدى إلى ارتفاع نسبة القبول فى كليات القمة إلى 106- 107-108%، وقد أدهشت تلك الأرقام العالم كله وازدادت التساؤلات عن كيف يمكن لطالب أن يحصل على هذه الأرقام إلا إذا كان من العباقرة؟!.
ولكن قد تم إلغاء هذا النظام الذى مكث عاما أو عامين على الأكثر، بعدما فشل بعض من الطلاب المفروض أنهم عباقرة، فى العام الأول من دراستهم بإحدى كليات القمة التى التحقوا بها بعد حصولهم على مجموع يتعدى100 %.
*مشكلة الدروس الخصوصية
لا يوجد منزل فى مصر إلا ويعانى من الدروس الخصوصية ويتأثر من نزيف الأموال الذى ينفقه على أبنائه للحصول على الدروس الخصوصية، وقد أظهر أحدث استطلاع للرأى أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصرى حول ظاهرة الدروس الخصوصية أن 66 فى المائة من الأسر المصرية تنفق ما يقرب من 500 جنيه شهريا على الدروس الخصوصية، ولكن ما أسباب انتشار هذه الظاهرة وتغلغلها داخل مجتمعنا؟!.
لا أحد يكاد يجزم بأن هناك سببا أوحدا لظاهرة الدروس الخصوصية فى مصر، بل هى مجموعة من العوامل التى تضافرت مع بعضها وتفاعلت حتى أدت إلى تفشى سموم الدروس الخصوصية فى مجتمعنا المصرى.
فربما تكاسل وتقصير المدرسين فى المدارس عن أداء واجبهم التعليمى هو أحد مقوماتها، أو اعتماد الطلاب على الدرس الخصوصى أكثر من المدرسة، أوعقيدة المجتمع المصرى فى أنه لا يمكن أن يحقق الطالب النجاح والتفوق بدون الدروس الخصوصية، أو ربما غياب دور الأجهزة الرقابية على المدارس من قبل وزارة التربية والتعليم.
أسلوب التعليم فى مصر
لا يزال أسلوب التعليم فى مصر تقليدى ونمطى، يعتمد على التلقين والحفظ ، ولا يعتمد على بناء القدرات والمهارات العقلية والفكرية لدى الطلاب، وإتاحة الفرصة للإبداع وأبراز المواهب، وتنمية الفكر والتوسع العقلى لهم، حتى يتولد لدينا القدرة على مواجهة الثورة العلمية التى يشهدها العالم كله بل ونتفوق عليه بعقول وأفكار أولادنا المعدة من قبل على الاجتهاد والاعتماد على الذات و تحديد الأهداف والتحدى العلمى المثمر.
*أسلوب التعليم فى الدول المتقدمة
يعتمد أسلوب التعليم فى الدول المتقدمة على تنمية العقول والمهارات الفكرية للطلاب منذ مراحل التعليم الأساسية واستثارة المواهب لديهم للوصول لأعلى درجات الذكاء والاعتماد على الاختبارات العملية على مدار اليوم لا على الامتحانات النظرية فقط ، واكتشاف ميولهم المكمونة بداخلهم ورؤيتهم للمستقبل نحو التطوير والنهوض بمجتمعهم، بالإضافة إلى استخدام أحدث التقنيات التكنولوجية الحديثة فى مجال التعليم فى شتى المراحل التعليمية، والتخطيط التعليمى المنسق والدقيق من خلال مواعيد الدراسة، والانضباط من قبل الطلاب والمدرسين، واحترام العقلية الإنسانية.
وأخيراً فإن الحل الأمثل لكى ينصلح حال التعليم فى مصر، هو استخدام أساليب تعليمية حديثة، والاستعانة بالثورة التكنولوجية الهائلة التى يشهدها العالم فى مجال الاتصالات والانترنت، فى تطوير العملية التعليمية والمزيد من العلم والمعرفة ومواكبة العالم فى التطوير والتقدم.
ومن ناحية أخرى، فلابد من فسح الطريق أمام الطلاب أصحاب العقليات والأفكار المميزة وتذليل كل احتياجاتهم المعنوية قبل المادية وشملهم بالرعاية العلمية والتشجيع والتحفيز، والعمل على التنمية العقلية والمهارية منذ نعومة أظافرهم لتنوير عقولهم بالعلم الصحيح لا التلقين والحفظ، ومجرد النجاح على الورق والحصول على الشهادات وتعليقها على الحائط، حتى يجىء يوم نرى فيه مصرنا مليئة بملايين مثل أحمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب وغيرهم من علماء مصر الأجلاء.
عبد الفتاح نبيل يكتب:عشوائية التعليم فى مصر!!
الإثنين، 14 سبتمبر 2009 03:24 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة